روايات تنحي مبارك: شهادة أحمد شفيق ودور السيسي

روايات تنحي مبارك: شهادة أحمد شفيق ودور السيسي

11 فبراير 2017
مبارك كان أذكى من الثوار باستخدام الألفاظ (فرانس برس)
+ الخط -
كشف الفريق أحمد شفيق، المرشح السابق لرئاسة الجمهورية المصرية، وآخر رئيس للوزراء في فترة حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك، في لقاء تلفزيوني سابق مع المذيع المعروف بعلاقته مع الأمن، عبد الرحيم علي، في منتصف يونيو/ حزيران 2015، بعض الكواليس الخاصة بيوم تنحي مبارك، أي 11 فبراير/شباط 2011.

وقال إنه "في يوم الجمعة عندما تم إخلاء قصر الاتحادية، ذهبنا إلى مبنى الحرس الجمهوري، وجلست مع وزيري الداخلية والخارجية وقتها وأيضًا زكريا عزمي وعمر سليمان، وطلبوا التحدث مع المشير حسين طنطاوي، فذهبت أنا وعمر سليمان إلى المشير، وجلسنا في غرفة مغلقة، وقبل ترْك مبنى الحرس الجمهوري دخل علينا جمال مبارك وسلم سلاماً باهتاً جداً، والوضع كان صعباً، والكل كان عارفا أن التنحِّي خلال ساعات إن لم يكن تم".

وأضاف شفيق: "سألتهم هتعملوا إيه؟"، فردوا: "مستنيين الرئيس يتخذ قرار في الموضوع"، وطلبوا من عمر سليمان أن يتحدث إلى الرئيس حول الموقف، فتحدث في التليفون مع مبارك، وأخبره أن الناس على أبواب الاتحادية، فرد الرئيس: "أنا موافق على التنحي، وهاتنحى بس خلوا الموضوع دا بالليل، أما تكتمل الأسرة عندي".

وتابع: "بعد شوية قالوا كدة الوقت ضيق، فقلت: قوم يا عمر بيه تاني كلم الرئيس وقوله الموقف خطر، ولو اتولع عود كبريت البلد كلها هتولع، وأوضح أنه كان في رؤية واضحة عند مبارك من ابنه علاء اللي وصل له، فقام وقال له هنكتب خطاب ومش هنقدر نبعته لسيادتك لضيق الوقت وهنذيعه احنا من هنا، قاله أوك، وقاله: "غير الكلمة بتاعة التنحي إلى تخلي وكده".

شهادة الفريق أحمد شفيق تؤكد، بما لا يدع مجالًا للشك، أن مبارك كان أكثر وعيًا من الثوار باستخدام الألفاظ، فحرص على أن يطلب من عمر سليمان أن يستبدل كلمة "تخلي" بكلمة "تنحي"، ذلك لأنه ليس من حق من تنحّى أن يكلف أحدًا بالحكم، ولكن لفظ التخلي يسمح له بأن يتنازل عن الحكم لصالح المجلس العسكري. وهو ما يؤكد أيضًا أن ذلك ما تم الاتفاق عليه بين مبارك والمشير طنطاوي، الذي رفض إذاعة الخطاب بنفسه، حسب ما أكد شفيق أيضًا، عندما قال في نفس البرنامج التلفزيوني: "سألت مين هيذيع الخطاب، فرد المشير طنطاوي: مش أنا، والمرحوم عمر سليمان قال: أنا اللي هقراه"، وأضاف: "حضرنا الخطاب تسجيلاً في الطرقة، وأرسل المشير مع مندوب هذا الفيلم للتليفزيون ليكون مستعداً لإذاعته في توقيته، وبمجرد إقلاع الطائرة اتصل بالتليفزيون، وقال لهم ذيعوا البيان".

كان للسيسي دور أيضًا

مصادر عسكرية كانت قريبة من مركز القيادة في المجلس الأعلى بقيادة طنطاوي أكدت لـ"العربي الجديد" أن مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع أثناء الثورة، اللواء عبد الفتاح السيسي، كان يمارس دورًا مهمًا وخطيرًا داخل المجلس فيما يتعلق بصناعة القرار، حيث إن المشير حسين طنطاوي يستشيره في جميع القرارات، ولم يتوقف الأمر عند ذلك الحد، بل تجاوزه إلى أن السيسي كان يعرض على المشير خططًا، وكان الأخير يوافق عليها على الفور.

المصادر قالت إن أولى هذه الخطط تم تنفيذها بعد جمعة الغضب في 28 يناير/ كانون الثاني، مباشرة، عندما هاجمت قوات الشرطة العسكرية، والتحريات العسكرية، والمخابرات الحربية، جميع المراكز الحقوقية المنتشرة في وسط القاهرة، والتي كان يعقد فيها الثوار اجتماعاتهم التنظيمية، واستولوا على جميع الأوراق وأجهزة الكمبيوتر الموجودة فيها، وكان ذلك تحت الإشراف المباشر للسيسي، الذي لم يكن اسمًا معروفًا آنذاك.

واقعة أخرى روى أحداثها بعض شباب ائتلاف الثورة لـ"العربي الجديد"، لكنهم فضّلوا عدم الكشف عن شخصياتهم.. بدأت الواقعة، بحسب أحدهم، عندما تم إلقاء القبض عليهم من مناطق متفرقة من القاهرة والجيزة، في صباح 3 فبراير/ شباط 2011، وهو اليوم التالي لموقعة الجمل، حيث عصبت أعينهم وتم إلقاؤهم في سيارة سارت بهم لمسافة طويلة إلى أن انتهى بهم الأمر في أحد أماكن الاحتجاز غير المعلومة بالنسبة لهم، لكن أحدهم عرف من خلال الطعام الذي قدموه لهم في أثناء الاحتجاز، أنهم في إحدى الوحدات العسكرية، وتأكد من ذلك من نوعية الخبز الذي قدم لهم والمعروف في الجيش بـ"الجراية"، كما أنه تعرف أيضًا على نوعية "المربّى"، لأنه خدم جندياً في القوات المسلحة قبل ذلك.

وبعد يومين من احتجازهم معصوبي الأعين في ذلك المكان، دخل عليهم، كما يروي أحدهم، ما بدا وكأنه قائد كبير، وأخذ يصرخ فيهم: "انتوا عايزين إيه.. عايزين تخربوا البلد.. والله ما هتخرجوا من هنا أبدًا.. الرئيس مبارك ده بطل"، وفي صباح اليوم التالي، اصطحبتهم قوة من داخل هذا المكان في سيارة، وأخذتهم في جولة قصيرة، ثم ألقت بهم في الشارع، بعدها خلعوا العصبات من على أعينهم، وتوجه بعضهم إلى منازلهم والبعض الآخر إلى الميدان.. لكن المفاجأة الكبرى التي ظهرت بعد ذلك هي أن الضابط الكبير الذي كان يهددهم، أثناء احتجازهم هو اللواء عبد الفتاح السيسي، وتأكدوا من ذلك عندما بدأ نجمه يصعد، ويتحدث هنا وهناك.

رواية مشابهة نشرتها الناشطة السياسية منى سيف عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أكدت فيها تهديد عبد الفتاح السيسي لوالدها قبل وفاته أثناء احتجازه بمبنى المخابرات الحربية، وقالت: "أفتكر بفخر جدًا أبويا لما اتاخد هو ومجموعة من مركز هشام مبارك أثناء الـ 18 يوم، بعد يوم موقعة الجمل، واحتجزوا في مبنى تابع للمخابرات الحربية وقعدنا يومين مش عارفين نوصلهم ولا نطمن عليهم".

وأضافت: "وبابا في الحجز ظهر لهم السيسي، وابتدى يشخط على أن اللي بيعملوه ما يينفعش، ويديهم محاضرة عن مبارك، وأمّا بابا رد عليه اتجنن واتعصب قعد يقولهم "انتو مش هتشوفوا الشمس"، بعدها بساعات الميادين اتملت ناس، واضطروا يخلوا سبيلهم".