تآكل الدعم البرلماني لحكومة الشاهد يغير مشهد المعارضة بتونس

تآكل الدعم البرلماني لحكومة الشاهد يغير مشهد المعارضة بتونس

11 فبراير 2017
الشاهد يواجه تراجع دعم النواب (فتحي بلعيد/ فرانس برس)
+ الخط -
تراجع الدعم السياسي والبرلماني بتونس لحكومة يوسف الشاهد في أقل من 5 أشهر عن تزكيتها من البرلمان بنحو 40 نائبا سحبوا منها ثقتهم، مصطفين بذلك في دفة المعارضين الذين تضاعف عددهم بشكل ملفت للانتباه.



وتمثلُ حكومة الشاهد أمام البرلمان نهاية شهر فبراير/ شباط الحالي في جلسة حوار يتوقع أن تشهد خلافات وتشنجات بعد أن تضاعف عدد المعارضين تحت قبة البرلمان التونسي اليوم إلى ما يقارب ثلث أعضاء مجلس نواب الشعب.



ويعني ذلك أن تقديم لائحة لوم لسحب الثقة عنها بات أمر ممكنا، إذ تحتاج توقيع 73 نائبا، كما ينص عليه الدستور التونسي في بنوده. ولكن هذه اللائحة لن ترى النور كما يرى الخبراء إلا في حالات حشد موافقة أغلبية مطلقة لأعضاء البرلمان، أي 109 أصوات على أقل تقدير.

بيد أن النائب عن كتلة الحرة التابعة لحزب "مشروع تونس"، الذي انضم أخيرا للمعارضة، صلاح البرقاوي، نفى في تصريح لـ"العربي الجديد"، نية الكتلة سحب الثقة من الحكومة بالمفهوم الإجرائي والقانوني، مشيرا إلى أن القصد هو سحب الثقة السياسية عنها.

وأوضح أن الكتلة ستكون معارضة "مسؤولة" هدفها الإصلاح والبناء، مضيفا أن الكتلة منحت ثقتها ليوسف الشاهد بناءً على برنامج وبنود واتفاقات تراجع عنها وليس هناك من مبرر لمواصلة دعمه ومساندته.

وللتذكير، فقد حظيت حكومة الوحدة الوطنية نهاية شهر أغسطس/ آب العام 2016 بثقة غالبية الطيف البرلماني، حيث صوت 167 نائبا من بين الحاضرين بالموافقة فيما عارضها 22 فقط، بينما يبلغ عدد المساندين لها 186 نائبا من جملة 217 وبالتالي يعد الحزام البرلماني الذي يطوق حكومة الشاهد هو الأمتن من بين الحكومات الخمس السابقة التي مرت تحت قبة البرلمان.

وتراجع عدد النواب المساندين لحكومة الشاهد بنحو 40 نائبا وهو ما يدق ناقوس الخطر أمام استقرارها وتمرير قراراتها ومشاريعها، بعد انسحاب كتلة "الاتحاد الوطني الحر" من الائتلاف الحكومي وإعلان زعيمها، سليم الرياحي، معارضته للشاهد. وعزز ذلك تراجع كتلة الحرة التابعة لحزب "مشروع تونس" عن دعم الحكومة بعد أن أعلن مؤسسه، محسن مرزوق، اصطفافه في دفة المعارضين بصفة رسمية، رغم أن كلا الزعيمين وقع على وثيقة قرطاج التي تعبر بنودها عن الالتزام بدعم الحكومة المنبثقة عنها.

ولم يبق في صف المساندين للشاهد سوى 3 كتل فقط بعد انسلاخ اثنتين، وتمثل الكتل الثلاث مجتمعة أغلبية محترمة تناهز 146 نائبا موزعة بين "حركة النهضة" بـ69 مقعدا و"حركة نداء تونس" بـ67 مقعدا و"آفاق تونس" بـ10 مقاعد، غير أن هذا الائتلاف لا يترجم معاني الوحدة الوطنية والميثاق الذي بنيت عليه.

وأرجع خبير الشؤون القانونية والسياسية، لطفي النفطي، أسباب تراجع نسب الثقة إلى قرب موعد الانتخابات البلدية والتي تمثل مناسبة فارقة في التنافس السياسي بين مختلف مكونات المشهد السياسي التونسي.

وبيّن في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن تراجع حزبين عن المساندة السياسية للحكومة يعد أمرا متوقعا نظرا لعدم تواجدهما في تركيبة الحكومة وبالتالي لن يضرها حجب الثقة عن حكومة ليس لهم فيها وزراء، في الوقت نفسه التي تواصل الأحزاب البرلمانية الخمسة الأخرى الممثلة في الحكومة دعم مشروعها.

وأضاف أن الأغلبية التي ما زالت تملكها الحكومة مريحة لتمرير القوانين والمشاريع نظرا لأن الأغلبية المطلوبة في أقصى الحالات متوفرة. وبالرغم من تضاعف عدد المعارضين، فإن هذا السقف غير كاف لسحب الثقة من الحكومة الذي يتطلب ما لا يقل عن 109 نواب، غير المتوفر للمعارضة في الوقت الراهن.