الشتاء ككارثة اقتصادية

الشتاء ككارثة اقتصادية

07 ديسمبر 2017
رفعت الحكومة أسعار كل المحروقات (صلاح ملكاوي/الأناضول)
+ الخط -
يفتح فصل الشتاء جرحاً إضافياً في جيوب فقراء الأردن ومحدودي الدخل، ويحل البرد أو يتساقط المطر كارثة اقتصادية عليهم عندما يجدون أنفسهم مجبرين على تخصيص جزء غير يسير من مداخيلهم الهشة للإنفاق على مستلزمات التدفئة.

تُقدّر أرقام غير رسمية نسبة إنفاق الأردنيين على التدفئة خلال فصل الشتاء بعشرين في المائة من مداخيلهم الشهرية، ما يعني بالضرورة عجزاً في موازناتهم الشهرية يعوضونه عبر الاستدانة أو الاقتراض، أو اضطرار محدودي الدخل لتعديل أنماطهم الاستهلاكية باستبدال سلع أساسية بأخرى، فيما يتخلى الفقراء غالباً عن استهلاك بعض السلع تماماً، وفي كلتا الحالتين هم يواجهون مأزقاً لا يحسدون عليه.

الشتاء كارثة اقتصادية على الفقراء ومحدودي الدخل الذين يعتمدون بشكل أساسي على المدافئ التي تعمل على مادة الكاز (الكيروسين)، وكانت أسعارها كارثة قبل أن تعبث الحكومة بها، فكيف وقد فعلت. مطلع الشهر الحالي، قررت اللجنة الحكومية لتسعير المشتقات النفطية رفع كل أسعار المحروقات بنسب متفاوتة، مدعية أن التسعيرة الجديدة تأتي منسجمة مع الارتفاع الحاصل على الأسعار العالمية للنفط الخام ومشتقاته، وهو ادعاء موضع تشكيك الاقتصاديين.
طاول الرفع مادة الكاز بواقع قرشين لليتر (2.83 سنتاً)، وهو رفع وإن بدا متواضعاً في عالم الأرقام إلا أنه فادح في مقاييس من ينظرون إلى القروش أنها قيمة كبيرة تساهم تراكماتها بتأمين احتياجاتهم البسيطة، التي لا تعرف الرفاهية إليها طريقاً.

تزامُن رفع سعر الكاز مع بدء فصل الشتاء، يُمثّل سلوكاً استفزازياً من قبل الحكومة، ويدل على انعدام مشاعرها تجاه الفقراء ومحدودي الدخل، ويؤكد عزلتها الكاملة عن واقع البلد الذي يرزح غالبية مواطنيه تحت خطر الفقر، خصوصاً أن الرفع سبقته زيادة في الضرائب المفروضة على السلع في يناير/شباط الماضي، فيما يُنتظر أن تُقر حزمة جديدة من الضرائب على السلع مطلع العام المقبل مصحوبة برفع الدعم عن الخبز، وكلها سياسات تسحق بشكل مباشر الفقراء ومحدودي الدخل إرضاءً لصندوق النقد الدولي، الذي أصبحت الحكومة الأردنية تنافسه على القسوة.
مع توالي الكوارث، قد يأمل الفقراء بشتاء دافئ، يخفف عنهم برود مشاعر الحكومة.

المساهمون