يحيا الحزب… تسقط الدولة

يحيا الحزب… تسقط الدولة

01 يناير 2018
+ الخط -
بلغ الشأن السياسي في تونس درجات لم تعد مقبولة من المراهقة والفوضى السياسية، ووصل التهريج السياسي لبعض القادة وأشباه القادة إلى حد كرّه الناس بالسياسة والسياسيين وإلى درجة تنذر بطلاق وشيك بين العامة وهؤلاء، وهم لا يتورعون عن تصور أن بإمكانهم أن يوجهوا العامة إلى حيث أرادوا بمجرد إطلالة أحدهم على التلفزيون أو في إذاعة، كذب وكذب مقابل واختلاق وترويج وافتعال بطولات وهمية وتزييف حقائق تاريخية. كل شيء متاح طالما أنهم يتوهمون أن الناس ينصتون إليهم ويهتفون باسمهم، ومن يدري فقد يخرجون في تظاهرات ومسيرات من أجلهم!

لم يقرأ أحد ما حدث في ألمانيا، لا أحد يعتبر، دفع بالفوضى الى أقصى حدودها لعل الأوراق تختلط من جديد، ومن يدري فقد تكون هناك بقعة تحت الضوء؟ أحزاب ودكاكين سياسية لا يتعدى عدد أنصارها مرتادي أحد المقاهي تصيح وتولول وتدلي بآرائها في القضايا الوطنية والدولية… أما العامة فقد تسرب القرف إلى كثير منهم بسبب ما يسمعون وما يرون.

وقد يكون من الطبيعي والمعقول أن تكون الساحة على ما هي عليه، فالحرية متاحة للجميع والديمقراطية تسمح للكل بأن يدلي بدلوه وبأن يفصح على رأيه، وهي كما تنتج أحزاباً وشخصيات محترمة، تنتج أيضاً فقاقيع حزبية وشخصيات وهمية تتوارى مع أول صندوق يجمع أصوات الناخبين. ليست المشكلة قطعاً في ذلك، المشكلة هي أن ما يطغى اليوم على الساحة السياسية بلغ مرحلة الخطر، إذ أصبح الحزب أهم من الدولة، والمصلحة الشخصية قبل المصلحة العامة، ولكنها تتخفى خلف شعارات يعرف التونسيون أنها كاذبة. اصطفاف إيديولوجي أحمق يعبث ببلاد تريد أن تبلغ الضفة الأخرى بشق الأنفس، وتصارع من أجل تفادي المجهول والسقوط في بئر لا قاع له ولا أحد يعلم إلى أين ينتهي.

في بلاد أخرى، يصمت الجميع أمام مصلحة الوطن، تتراجع الصراعات والمنافسات الحزبية أمام مصلحة البلاد، وتغمد السيوف أمام ما ينفع الناس، إلى أن يأتي موعد النزال من جديد، فلا شيء أهم من أن يبقى البيت قوياً، لأن سقفه إذا سقط فسيكسّر رؤوس الجميع… ولن يفرِّق بين هذا وذاك.

 

المساهمون