سورية: معركة "إدارة المركبات" تخلط الأوراق في الغوطة

سورية: معركة "إدارة المركبات" تخلط الأوراق في الغوطة والنظام ينتقم من المدنيين

31 ديسمبر 2017
صعّد النظام من قصفه لمناطق الغوطة (ضياء الدين/الأناضول)
+ الخط -
بعدما أسقط النظام تفاهمات أستانة في ريف حماة الشرقي، ويكرر السيناريو نفسه في ريف دمشق، تشتد وتيرة المواجهات في محيط العاصمة السورية دمشق نتيجة التصعيد العسكري الذي تقوده قوات النظام في الغوطة الشرقية في محاولة للتقدم، في موازاة دفاع الفصائل المعارضة عن مواقعها. ويعتمد النظام على سياسة ارتكاب المجازر بحق المدنيين من أجل الضغط على الفصائل، إذ عادت مشاهد القتلى جراء القصف العشوائي من بينهم أطفال إلى واجهة المشهد في الغوطة الشرقية، فيما حال الضباب دون استمرار اشتباكات مماثلة في ريف حماة الشمالي الشرقي في مسعى من قبل قوات النظام لاستعادة السيطرة على مطار أبو الظهور الاستراتيجي.

واشتعل الصراع مجدداً في محيط إدارة المركبات التابعة لقوات النظام بالقرب من مدينة حرستا، حيث تحاول قوات المعارضة السورية مرة أخرى السيطرة على إدارة المركبات، كبرى المواقع العسكرية التي لا تزال تحت سيطرة قوات النظام في غوطة دمشق الشرقية.


وأكد الناشط الإعلامي محمد الغوطاني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الفصائل تقترب من فرض حصار كامل على الإدارة، مشيراً إلى أن هذه القوات تشن هجوماً كبيراً على حي "العجمي" الملاصق للإدارة. وأوضح أن مقاتلي الفصائل فجروا مبنى يُعتقد أنه غرفة عمليات قوات النظام، ما أدى إلى هلع في صفوف الأخيرة فانسحبت من مواقع عدة، ما ساهم في وصول مقاتلي المعارضة إلى مستشفى البشر المطلّ على طريق إمداد الإدارة.

وأشار الغوطاني إلى أن المقاتلين كسروا خطوط الدفاع الأولى والثانية عن حي العجمي في حرستا، مشيراً إلى أن خط إمداد الإدارة يمر عبر هذا الحي. وأوضح أن مقاتلي المعارضة سيطروا على نحو 60 نقطة وبناء داخل الحي، معتبراً ذلك "إنجازاً كبيراً" لأنه يتيح الإشراف على طريق إمداد إدارة المركبات التي قال إنها باتت تقريباً محاصرة.
وأشار إلى أن احتمال انسحاب قوات النظام من الإدارة وارد إذا شعرت بأن قوات الفصائل على وشك محاصرتها، موضحاً أن عدداً من ضباط النظام لقوا مصرعهم خلال يومين من المعارك، بينهم ضابط برتبة عميد. وكانت قوات المعارضة شنّت هجوماً على إدارة المركبات العسكرية في منتصف نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، وسيطرت على نحو 60 في المائة منها، وقتلت عدداً من ضباط النظام بينهم رتب عالية.
من جهته، أكد قيادي في قوات المعارضة في الغوطة الشرقية لـ"العربي الجديد"، أنه "تمت السيطرة على أجزاء واسعة من حي العجمي، ومنطقة الأفران الآلية في مدينة حرستا. ولفت إلى أن مقاتلي الفصائل باتوا يشرفون نارياً على طريق إمداد قوات النظام الواصل لإدارة المركبات العسكرية في حرستا بغوطة دمشق. وأشار إلى أن قوات المعارضة حققت أهداف المرحلة الثانية من معركة "بأنهم ظُلموا" التي أعلنتها المعارضة في نوفمبر الماضي. ولفت إلى أن "المعارك مستمرة للسيطرة على ما تبقى من حي العجمي وإطباق الحصار بشكل كامل على إدارة المركبات ورحبة الدبابات والمعهد الفني العسكري".

وعادة ما تلجأ قوات النظام إلى ارتكاب المجازر بحق المدنيين كلما حققت المعارضة المسلحة تقدماً عليها، في مسعى للضغط على الأخيرة من أجل إيقاف هجومها. وفي هذا الصدد، أكد الناشط الإعلامي أبو عدنان الغوطاني، من مركز الغوطة الإعلامي، أن طيران النظام لم يهدأ، أمس الأحد، مستهدفاً مدن وبلدات الغوطة الشرقية وموقعاً مزيداً من القتلى بين المدنيين.


وارتكبت قوات النظام، أول من أمس السبت، مجزرة بحق مدنيين في مدينة حرستا، ثاني أكبر مدن الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، إذ قتل 13 مدنياً، بينهم 5 أطفال، جراء القصف من الطائرات الحربية على مناطق في مدينة حرستا، فيما قتل 6 مدنيين، بينهم سيدة مسنة وطفلة، جراء قصف لقوات النظام على مناطق في بلدات: أوتايا، وكفربطنا، والنشابية، ومسرابا.

وأفاد أبو عدنان الغوطاني، في حديث مع "العربي الجديد"، بأن أبنية سكنية كاملة "سويت بالأرض"، نتيجة القصف الجوي والمدفعي، مشيراً إلى إصابة أطفال في مدينة عربين من بينهم طفل عمره أسبوعان فقط، كما قصفت قوات النظام مدن حمورية، وكفربطنا، ودوما ومسرابا، مشيراً إلى مقتل مدنيين بهذا القصف.
ويحاصر النظام الغوطة الشرقية لدمشق التي تقطنها حالياً نحو 90 ألف عائلة منذ نحو خمس سنوات، ما أدى الى كوارث إنسانية غير مسبوقة حصدت أرواح آلاف المدنيين.
ودخلت الغوطة الشرقية مناطق خفض التوتر التي أقرها مسار أستانة، لكن النظام لم يكترث بذلك، إذ واصل سياسة الحصار والتجويع ومحاولات الاقتحام وارتكاب المجازر، في مسعى لإخضاع آخر قلاع المعارضة في محيط دمشق.
بموازاة ذلك، هدأت وتيرة المعارك في ريف حماة الشمالي الشرقي نتيجة الأوضاع الجوية السائدة هناك، بعد أيام من قتال ضارٍ حققت فيه قوات النظام تقدماً على حساب قوات المعارضة التي تراجعت عن العديد من القرى والبلدات نتيجة القوة النارية الكثيفة من قبل قوات النظام.

وذكر الناشط الإعلامي شحود جدوع، في حديث مع "العربي الجديد"، أن مروحيات النظام قصفت بالبراميل المتفجرة، أمس الأحد، قرية الخوين، غرب أبو دالي، في ريف إدلب الجنوبي، مشيراً إلى أن الضباب حال دون تجدد الاشتباكات بين قوات المعارضة وقوات النظام ومليشيات إيرانية تساندها.
ويعد مطار أبو الظهور في ريف إدلب الجنوبي الشرقي، هو هدف قوات النظام المرحلي، وتتحرك هذه القوات من محاور عدة باتجاه هدفها المعلن، وهي محور ريف حلب الجنوبي، ومحور الرهجان، ومحور الحص، إضافة إلى المحور الرئيسي وهو من ريف حماة الشمالي الشرقي، وهي باتت، وفق مصادر في المعارضة، على مسافة تقدر بنحو 50 كيلومتراً من المطار.
وكان مسؤول بارز في وفد قوى الثورة السورية العسكري إلى مفاوضات أستانة، قد قال في حديث مع "العربي الجديد"، إن "اتفاقية خفض التصعيد باتت أوهن من بيت العنكبوت"، وفق قوله. وكانت قوات النظام قد سيطرت، أمس، إثر معارك عنيفة، على بلدتي عطشان وسكيك وقرى السلومية والجدوعية وتل زعتر، في ريف إدلب الجنوبي والجنوبي الشرقي، وباتت على بعد 12 كيلومتراً من مدينة خان شيخون التي ارتكب طيران النظام فيها في إبريل/ نيسان الفائت مجزرة بغاز السارين المحرم دولياً راح ضحيتها نحو 100 قتيل من المدنيين.