إقالات هادي وتعييناته: الانفصاليون اليمنيون خارج المؤسسات الحكومية

إقالات هادي وتعييناته: الانفصاليون اليمنيون خارج المؤسسات الحكومية

25 ديسمبر 2017
قرارات هادي أطاحت مسؤولي "المجلس الانتقالي الجنوبي" (كيفن هاغين/Getty)
+ الخط -
لم يكن التعديل الوزاري الذي أجراه الرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، أمس الأحد، مفاجئاً، من حيث المناصب التي استهدفها، لكن التعديل الوزاري والتعيينات الرسمية التي تزامنت معه حملت الكثير من الدلالات من حيث التوقيت، بعد أن أطاحت أبرز مسؤولي ما يُسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، الذين كانوا ما يزالون يشغلون مناصب حكومية.

واختلفت التقييمات الأولية بشأن قرارات هادي بين من رآها تندرج في إطار القرارات التي تستهدف رجال الإمارات العربية المتحدة في الجنوب اليمني، ومن رأى أنها قد تكون ضمن خارطة التحالفات أو التفاهمات، إن صح التعبير، على صعيد التقارب بين حزب التجمع اليمني للإصلاح وأبوظبي، وتجميد "الانتقالي" الذي مثل تأسيسه انقلاباً، مدعوماً إماراتياً، على الشرعية منتصف العام الجاري.

استبدال الخبجي بمحافظ "عسكري" في لحج
واستهدفت التعيينات التي صدرت الأحد، ثلاثة من المسؤولين الأعضاء في "المجلس الانتقالي"، وأبرزهم محافظ لحج، ناصر الخبجي، والذي يعد أبرز شخصية سياسية داخل المجلس الانفصالي، وعُين منذ أشهر رئيساً للدائرة السياسية فيه، وهو عضو في البرلمان اليمني الذي جرت فيه آخر دورة انتخابية عام 2003 عن الحزب الاشتراكي اليمني، ثم عُرف كأحد القيادات البارزة في الحراك الجنوبي بمحافظة لحج منذ تصاعده في العام 2007.

وعُين الخبجي محافظاً للحج في ديسبمر/ كانون الأول 2016، بعد أشهر من تحريرها من مسلحي جماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، ثم كان أحد المحافظين الذين وردت أسماؤهم في تشكيل "المجلس الانتقالي" في مايو/ أيار الماضي، إلى جانب محافظين آخرين.

وكتب الخبجي منذ أيام مقالاً، يبدو أنه كان أحد الأسباب التي سرعت بإقالته، حيث انتقد التحالف وتعامله مع "الجنوبيين"، وبأنه "لم يتم التعامل معهم كشريك فاعل وفق رؤية واضحة من الشرعية والتحالف"، وقال إن "على الجنوبيين إعادة تقييم تحالفاتهم بعد التقارب الذي جرى بين قيادة التحالف وبين حزب الإصلاح اليمني"، إشارة إلى اللقاء الذي جمع أخيراً ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، برئيس حزب الإصلاح، محمد اليدومي، والأمين العام للحزب عبدالوهاب الآنسي. 

وكان مقال الخبجي، الذي نُشر منذ أسبوع، أحد المؤشرات على أن المجلس الانفصالي، الذي تأسس بدعم إماراتي، كانقلاب على الشرعية في ما تسميه الأخيرة "العاصمة المؤقتة" عدن، يمر بحالة من الارتباك، بسبب التطورات الأخيرة، وأبرزها تقارب التحالف مع حزب الإصلاح وما سبقه من أحداث في صنعاء، قتل فيها الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح على أيدي الحوثيين.

وقد عين هادي، بدلاً عن الخبجي، محافظاً قادماً من الجيش، هو العميد أحمد عبدالله التركي، الذي كان يشغل منصب قائد للواء 17 مشاة، ومقره منطقة باب المندب.

إطاحة محافظ الضالع

وإلى جانب الخبجي، أطاح هادي بمحافظ الضالع، فضل الجعدي. وعلى الرغم من كونه عضواً في "المجلس الانتقالي الجنوبي"، إلا أنه يعد شخصية لم تُحسب كثيراً على المجلس، بقدر كونه قيادياً سابقاً في الحزب الاشتراكي اليمني.

وقد كان الجعدي أول من رحب بقرار إقالته، وشكر الرئيس هادي، واصفاً التطور بأنه "أسعد يوم في حياته".

وكان محافظ الضالع السابق، وفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ"العربي الجديد"، قد نجا من محاولة اغتيال على الأقل في المحافظة الجنوبية التي ما تزال تعاني العديد من الإشكالات الخدمية، وهي المحافظة التي يتحدر منها عيدروس الزبيدي (رئيس المجلس الانتقالي). وعين هادي محافظاً قادماً من المؤسسة العسكرية، اللواء علي مقبل صالح، الذي يشغل أيضاً منصب قائد للواء 33 مدرع ولمحور الضالع عسكرياً.

إقالة وزير النقل مرد الحالمي

إلى جانب ذلك، شملت القرارات الإطاحة بوزير النقل، مراد الحالمي، الذي كان هو الآخر عضواً في "المجلس الانتقالي الجنوبي". وبإقالته يكون هادي قد أطاح بأغلب، إن لم يكن بجميع المحافظين والمسؤولين الذين وردت أسماؤهم ضمن تشكيلة "الانتقالي"، بعدما أطاحت الموجة الأولى من القرارات بمحافظي سقطرى وحضرموت وشبوة في يونيو/ حزيران الماضي.

ونص قرار هادي، أمس، على تعيين اسم مثير للجدل وزيراً للنقل بدلاً عن الحالمي، وهو صالح أحمد محمد الجبواني، الذي برز اسمه ككاتب ومحلل سياسي، وظهر في قنوات تلفزيونية قبل أشهر يهاجم الإمارات وسياساتها في السيطرة على موانئ وجزر جنوب اليمن.

من جانب آخر، كان قرار إقالة محافظ تعز، علي المعمري، أحد القرارات التي بدت مفاجئة من حيث البدائل، إذ كان المعمري، الذي يواجه عوائق في القيام بمهامه مع سيطرة الحوثيين على العديد من مديريات المحافظة، قد قدم، في وقت سابق، استقالته، ونُسبت إليه تصريحات ينتقد فيها الإمارات، وجاء بديله مثيراً للجدل، الذي لم يكن إلا السياسي أمين أحمد محمود. 

وواجه محمود حملة انتقادات من نشطاء محسوبين على تيارات إسلامية بالمحافظة، تحدثوا عن آراء سابقة يفصح فيها عن توجهه العلماني، بالإضافة إلى جدل حول ما تردد عن وقوف الإمارات خلف تعيينه، فضلاً عن كونه شخصية مدنية عُين في المحافظة التي تشهد حرباً، ويعد الملف الأمني والعسكري على رأس التحديات.

وبالنظر إلى بقية قرارات التعديل الوزاري يظهر أن أبرزها إطاحة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، حسين عرب، وهو من المقربين للرئيس هادي، لكنه عُين بقرار منفصل مستشاراً لرئيس الجمهورية لشؤون الأمن، وعُين بدلاً منه أحمد الميسري، الذي كان يشغل منصب وزير للزراعة والري، وسبق أن كان محافظاً لأبين في سنوات سابقة.

ونصت القرارات الأخرى على تعيين عثمان حسين مجلي وزيراً للزراعة والري، بعد أن كان يشغل منصب وزير للدولة لشؤون مجلسي النواب والشورى، كما جرى تعيين محمد مقبل الحميري في المنصب الأخير، وعين أوس عبدالله أحمد العود وزيراً للنفط والمعادن، خلفاً للوزير السابق سيف الشريف، والذي عُين بقرار منفصل سفيراً في وزارة الخارجية.

ومعظم القرارات الوزارية تقل أهميتها مع عدم قدرة الوزراء على ممارسة أغلب مهامهم، بسبب وقوع مؤسسات الدولة والوزارات في العاصمة صنعاء.

وبصورة إجمالية، بدا أن المستهدف الأول من قرارات هادي هم المسؤولون المحسوبون على "المجلس الانتقالي الجنوبي" الانفصالي، إلا أنه لا يمكن الجزم بقراءة الخطوة بأنها استهداف لرجال الإمارات، التي دعمت تأسيس المجلس.