ألف يوم من عمليات التحالف باليمن: تحولات ميدانية وسياسية

ألف يوم من عمليات التحالف باليمن: مسار التحولات الميدانية والسياسية

صنعاء

العربي الجديد

العربي الجديد
عدن

العربى الجديد

avata
العربى الجديد
20 ديسمبر 2017
+ الخط -

ألف يوم على بدء التدخل العسكري بقيادة السعودية في اليمن كانت كفيلة بأن تغير خلالها وجه البلاد. وإن كانت عناوين كثيرة يمكن أن تختصر ما صارت إليه، وما شهدته على مدى 1000 يوم من الحرب، بما فيها من مراحل جمود ومآلات كارثية على الصعيد الإنساني، لكن الوضع يبدو على أبواب معادلة جديدة، بعد التطور الكبير، والذي كان الأهم في أحداث الألف يوم الماضية، متمثلاً بمقتل الرئيس علي عبدالله صالح على يد الحوثيين بعد انهيار تحالف حزبه مع الجماعة.

وبعد ألف يوم حرب، شهدت الأيام الأخيرة تصعيداً لافتاً في مسار العمليات العسكرية بعد جمود استمر شهوراً على الأقل، إذ حققت قوات الجيش اليمني المدعومة من التحالف تقدماً ميدانياً في الأطراف الشمالية الغربية لمحافظة شبوة، وتحديداً في منطقتي بيحان وعسيلان، آخر مناطق سيطرة الحوثيين في المحافظات الجنوبية. وقد جاء التقدم في أعقاب تطور مماثل في محافظة الحديدة على الساحل الغربي للبلاد.


وفي ظل التصعيد بالمواجهات الميدانية والضربات الجوية لمقاتلات التحالف، ارتفعت أعداد الضحايا من الذين يسقطون بصورة شبه يومية، سواء من المقاتلين، وأغلبهم من الحوثيين الذين يحاربون دون غطاء جوي، أو من المدنيين، الذين قضوا بالعشرات خلال الأسابيع الأخيرة. ولم تكن الغارة التي استهدفت موكب نساء، يوم الأحد الماضي، في محافظة مأرب، وقتلت نتيجتها ثمان نساء وطفلتان، سوى واحدة من الحوادث الدامية، التي تكررت أخيراً، بما في ذلك استهداف التحالف لمقر الشرطة العسكرية في صنعاء، وكان الحوثيون يستخدمونه معتقلاً، ما أدى إلى سقوط أكثر من 33 قتيلاً وعشرات الجرحى.

ومنذ بداية التدخل العسكري بقيادة التحالف العربي في 26 مارس/ آذار 2015، شهد اليمن العشرات من المجازر التي سقط خلالها الآلاف من المدنيين على امتداد البلاد. واتهمت تقارير دولية التحالف بالمسؤولية عن سقوط أغلب الضحايا من المدنيين، بما في ذلك تأكيد الأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، مسؤولية التحالف عن مقتل 136 على الأقل من المدنيين وغير المقاتلين في ضربات جوية في الفترة الممتدة بين 6 إلى 16 ديسمبر/ كانون الأول. كذلك يُتهم الحوثيون وحلفاؤهم بارتكاب انتهاكات وجرائم قصف وقنص ذهب ضحيتها مدنيون في أكثر من محافظة من البلاد. ويتذكر اليمنيون مجازر كانت بمثابة الأحداث المحورية خلال الحرب، كان أبرزها استهداف التحالف لمجلس عزاء في صنعاء في الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول 2016، حيث قتل وأصيب المئات جراء القصف لـ"القاعة الكبرى".

التحولات الميدانية

بدأت عمليات التحالف عقب تقدم الحوثيين وحلفائهم من الموالين لعلي عبدالله صالح، إلى عدن ومحيطها من المحافظات الجنوبية، وسيطر التحالف على أجواء اليمن ومياهه الإقليمية منذ الساعات الأولى للحرب وفرض حصاراً كلياً أو نسبياً تباعاً. ويمكن اعتبار التحول الأهم الذي فرضه التدخل العسكري بقيادة السعودية، خلال عام 2015، هو إنهاء سيطرة الحوثيين على مدينة عدن ومحيطها من المحافظات الجنوبية (لحج، الضالع، أبين، شبوة)، في شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب، وباتت منذ ذلك الحين تُوصف بأنها "محافظات محررة".

عقب ذلك اقتصر تقدم القوات اليمنية المدعومة من التحالف، شمالاً، على تأمين سيطرتها في محافظة مأرب، والتقدم إلى منطقة نِهم، شرق صنعاء، وشمالاً نحو محافظة الجوف. وفي ما بين ذلك، تحولت العديد من المحافظات والمناطق اليمنية إلى جبهات حرب طاحنة بين كرٍ وفر، أبرزها محافظة تعز، وفي المناطق الحدودية مع السعودية بمحافظتي صعدة وحجة، شمالي البلاد، حيث دارت أعنف المواجهات، وأطلق الحوثيون عشرات الآلاف من القذائف الصاروخية والمدفعية باتجاه الجانب السعودي، في مقابل تعرض المناطق الحدودية الواقعة تحت سيطرة الحوثيين لأعداد كبيرة من الضربات الجوية والقصف المدفعي والصاروخي من الجانب السعودي، على مدى ما يزيد عن عامين ونصف، بوتيرة تتصاعد أحياناً وتتراجع في أخرى.


عام 2016... حرب مستمرة دون تقدم

خلال عام الـ2016 تواصلت الحرب على أغلب الجبهات الممتدة من تعز ولحج جنوباً، مروراً بالبيضاء وأطراف شبوة ومأرب وشرق صنعاء ثم محافظة الجوف، وصولاً إلى المناطق الحدودية (صعدة وحجة)، من الجانب اليمني وجيزان وعسير ونجران من الجانب السعودي. وعلى الرغم من تواصل الحرب، إلا أنه في معظم أشهر العام الماضي، لم تتمكن قوات الشرعية من تحقيق تقدم كبير، باستثناء مناطق محدودة في تعز والجوف.

ومن زاوية أخرى، شهد العام نفسه جملة تطورات على صعيد ما سُمي بـ"المحافظات المحررة"، إذ دعم التحالف، بواجهة قيادة إماراتية، تأسيس قوات محلية (جنوبية في الغالب)، ونفذ عمليات لإنهاء سيطرة تنظيم "القاعدة" على العديد من المدن في جنوب البلاد، بعد أن كان التنظيم استفاد من الحرب وسيطر على مناطق واسعة، بما فيها أجزاء من مدينة عدن. كما انتهت سيطرة التنظيم على مدينة المكلا في محافظة حضرموت، في إبريل/ نيسان 2016، بعد سيطرة القاعدة لعام كامل.

وتخلل عام 2016 تحولات، أبرزها هدنة سعودية - حوثية على الحدود استمرت نحو شهرين، وقام خلالها وفد من الحوثيين بزيارة السعودية والتفاوض معها، قبل أن تنهار لاحقاً مع فشل أكبر محطة سياسية خلال الألف يوم الماضية، متمثلة بمشاورات الكويت التي رعتها الأمم المتحدة بين إبريل/ نيسان وحتى أغسطس/ آب، على أن عدم تحقيق تحول ميداني محوري خلال تلك الأشهر وما تخللها من محطات سياسية، لم يكن ليقلل من ضراوة الحرب والقصف الجوي في أغلب الجبهات، وليس قصف الصالة الكبرى في صنعاء (أكتوبر 2016)، إلا أحد الحوادث التي شهدها العام نفسه.

مطلع 2017.. عملية "الساحل الغربي"

منذ يناير/ كانون الثاني 2017، عاد التصعيد الميداني ليكسر حاجز الجمود، إذ دشّنت قوات الجيش الموالية للشرعية بدعم وقيادة من التحالف (إماراتية)، عملية عسكرية في الساحل الغربي تحت مسمى "الرمح الذهبي"، تمكنت خلالها الأخيرة من السيطرة على المناطق اليمنية القريبة من "باب المندب". وتحتل هذه المناطق أهمية استراتيجية، وتحديداً السيطرة على مديريتي "ذوباب" و"المخا" (الساحل الغربي لتعز)، بعد معارك عنيفة مع الحوثيين وحلفائهم، الذين كانوا قد أفشلوا محاولات سابقة للتقدم، على ما يقرب من عامين ماضيين، قبل أن يتراجعوا تحت ضغط القصف الجوي المكثف.

انقسام تحالف الانقلاب

منذ ما يزيد عن ستة أشهر، بدأت تطورات اليمن تأخذ منحى مختلفاً، قاد إلى التحول الأكبر منذ تصاعد الحرب قبل ما يقرب من ثلاثة أعوام، إذ خفف التحالف (الرياض وأبوظبي على وجه التحديد)، من حدة العداء مع صالح، بالتزامن مع ارتفاع وتيرة خلافات حزبه مع الحوثيين في مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة الطرفين. وتطورت الخلافات شيئاً فشيئاً لتصل إلى مرحلة مفصلية، في أغسطس/ آب الماضي، عندما دعا حزب صالح لفعالية جماهيرية بالذكرى الـ35 لتأسيس الحزب، ونظر الحوثيون إلى الفعالية بعين الريبة وشرعوا بإجراءات مناهضة لها، أبرزها الدعوة إلى اعتصامات مسلحة بمداخل العاصمة في اليوم نفسه الذي أقيم فيه مهرجان حزب صالح (24 أغسطس).

تصاعد التوتر، ليفضي إلى التحول الأهم خلال الحرب في اليمن منذ بدء عمليات التحالف قبل 1000 يوم، انهار تحالف الحوثيين وصالح رسمياً في الثاني من ديسمبر/ كانون الأول الحالي، بدعوة الأخير لانتفاضة ضد الحوثيين وسط دعم واضح لدعوته من قبل السعودية والإمارات، وبعد ثلاثة أيام من تفجر المواجهات المسلحة بين الحوثيين والموالين لصالح، قتل مسلحو الجماعة الأخير، في تطور لا يعد الأهم على مستوى سنوات الحرب فقط، بل منذ سنوات طويلة، ليبدو التطور فاتحة مرحلة جديدة في اليمن.

اليمن بعد مقتل صالح

في الأسابيع الأخيرة، بعد مقتل صالح أو انهيار تحالفه مع الحوثيين دخلت الحرب في اليمن مرحلة جديدة في كل الأحوال، فالحوثيون الذين يشن التحالف حربه ضدهم منذ ألف يوم، ويتهمهم بالتبعية لإيران، نجحوا بإخماد ما وُصف بـ"انتفاضة صالح" المدعومة من التحالف، وباتوا المسيطر الوحيد على صنعاء، مركز الدولة اليمنية، فيما بات أنصار صالح ورجاله بين معتقلين وملاحقين أو قتلى أو تمكنوا من المغادرة أو يقيمون في وضع يشبه الإقامة الجبرية. وعلى الرغم من المكسب الكبير للجماعة، بقتل حليفها الذي فض تحالفه معها، إلا أن تطورات صنعاء خلقت للتحالف آفاقاً جديدة، إذ أصبح في كل الأحوال يواجه الحوثيين الذين كان نفوذهم إلى وقت قريبٍ محصوراً في مناطق يمنية معدودة، وصار جزء من رجال صالح في صف التحالف وآخرون ليسوا حلفاءً للحوثيين، إن لم يتمكنوا من المساهمة بالتحرك العسكري ضد الجماعة.

في المحصلة، وبعد ألف يوم، تعد الانتصارات العسكرية التي حققها التحالف محدودة، مقارنة بالآثار المدمرة على البلاد بعد الحرب التي شملت أغلب المحافظات، وخلقت الأزمة الإنسانية الأسوأ عالمياً، وفق وصف الأمم المتحدة، وبات اليمن ممزقاً إلى حد كبير، يعيش أغلب سكانه في أوضاع إنسانية صعبة، بمن فيهم الملايين على حافة المجاعة. ومع ذلك، ارتفعت مؤشرات استمرار الحرب، في الأسابيع الأخيرة، على أثر التطورات التي شهدتها صنعاء، والتي خلقت واقعاً جديداً يمكن أن يؤثر في مسار العمليات العسكرية. وتؤكد مصادر يمنية قريبة من الشرعية لـ"العربي الجديد"، أن العاصمة صنعاء ستكون الوجهة الأهم للمسار العسكري خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية على محور الساحل الغربي والمناطق القريبة من الحدود من السعودية. ومن المتوقع أن تكون الأشهر المقبلة حاسمة في مسار الحرب والسلام من عدم أي منهما، أو كمؤشر كافٍ لقراءة نتائج التحول الأهم في مسار الحرب، متمثلاً بمقتل صالح واستكمال الحوثيين سيطرتهم التامة على صنعاء. ​

ذات صلة

الصورة
11 فبراير

سياسة

تحيي مدينة تعز وسط اليمن، منذ مساء أمس السبت، الذكرى الثالثة عشرة لثورة 11 فبراير بمظاهر احتفالية متعددة تضمنت مهرجانات كرنفالية واحتفالات شعبية.
الصورة
عيدروس الزبيدي (فرانس برس)

سياسة

أفادت قناة كان 11 العبرية التابعة لهيئة البث الإسرائيلي، مساء الأحد، بأن الانفصاليين في جنوب اليمن أبدوا استعدادهم "للتعاون مع إسرائيل في وجه تهديد الحوثيين".
الصورة

سياسة

خرج آلاف اليمنيين يوم الجمعة في مسيرات حاشدة في عدد من المحافظات نصرة للشعب الفلسطيني وتنديداً بالقصف والجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال الاسرائيلي بحق سكان قطاع غزة المحاصر.
الصورة
أطفال يمنيون في مركز صحي في اليمن (محمد الوافي/ الأناضول)

مجتمع

في قطاع صحي منهك من جرّاء تداعيات حرب اندلعت قبل نحو تسعة أعوام، يواصل اليمن مواجهة مرض الحصبة الذي أودى بحياة مئات الأطفال في خلال أشهر فقط.

المساهمون