السباق إلى الكرملين: انتخابات أم استفتاء على بوتين؟

حملة السباق إلى الكرملين... انتخابات أم استفتاء على بوتين؟

19 ديسمبر 2017
لم يعلن بوتين عن ملامح برنامجه الانتخابي(ميخائيل سفيتلوف/Getty)
+ الخط -
مع انطلاق حملة انتخابات الرئاسة الروسية - المقرر إجراؤها في 18 مارس/آذار المقبل - أمس الإثنين، يبدأ العد التنازلي للاستحقاق الانتخابي وسط توقعات مؤكدة بفوز الرئيس فلاديمير بوتين بولاية رئاسية جديدة، في ظل عدم السماح بمشاركة أي مرشح جدي يمكنه منافسة الرئيس الحالي.

وفي هذا السياق، اعتبر مدير برنامج "المؤسسات السياسية والسياسة الداخلية الروسية" بمركز "كارنيغي" في موسكو، أندريه كوليسنيكوف، أنّ بوتين تحول إلى عنصر "ثابت" في السياسة الروسية، وأفضل ما يمكن أن يقدمه للبلاد هو الحفاظ على الوضع الراهن، متوقعاً أن تكون الانتخابات أشبه باستفتاء.

وقال كوليسنيكوف لـ"العربي الجديد"، إن "التصويت في انتخابات 2018، نوع من التدين الشعائري للمواطنين الملتزمين بالقانون الذين تفوق نسبتهم الـ50 في المائة، وهي تكفي للاعتراف بشرعية بوتين".

وحول دور الأحزاب في الحياة السياسية الروسية، قال: "ينطبق احتكار السلطة على المعارضة أيضاً، إذ إنها تحاكي الأحزاب السياسية، لكنها في الواقع، تشوه صورة النظام البرلماني الروسي". أما "روسيا الموحدة"، فيصعب وصفه بأنه "حزب، بل هو أداة لتعبئة أنصار بوتين".

وفي غياب منافسين حقيقيين لبوتين، أعلنت مجموعة من الشخصيات السياسية الروسية عن نيتها خوض سباق الانتخابات، بمن فيهم زعماء الحزب "الشيوعي"، غينادي زيوغانوف، والحزب "الليبرالي الديمقراطي"، فلاديمير جيرينوفسكي، و"روست" (النمو)، بوريس تيتوف، وأحد مؤسسي حزب "يابلوكو" (تفاحة)، غريغوري يافلينسكي، بالإضافة إلى بعض الوجوه الشابة مثل الإعلامية "ضد الجميع" كسينيا سوبتشاك، ومؤسس "صندوق مكافحة الفساد"، المعارض "غير النظامي" أليكسي نافالني، الذي يُعدّ احتمال مشاركته ضئيلاً بسبب وجود قضائي حكم بإدانته.

ومع ذلك، يعتبر كوليسنيكوف أن نافالني شخصية واعدة وسيستخدم انتخابات 2018 لزيادة شعبيته تمهيداً للدورة الانتخابية الجديدة. وفي ما يتعلق بموقف السلطات الروسية من نافالني، يقول: "الكرملين ليس مستعداً لسجنه بعد، لأن ذلك سيمنحه صفة ضحية النظام وسيزيد من شعبيته، فالاستراتيجية الأفضل هي عرقلة نشاطه وعدم ذكره".



نافالني معارض روسي أعلن نية الترشح للانتخابات(ميخائيل سفيتلو/Getty) 


وحول نقاط ضعف نافالني والعوائق أمام صعوده كرمز للمعارضة "غير النظامية" الروسية، تابع: "نافالني ليس شخصية توحّد جميع الأشخاص من ذوي مواقف معارضة، على عكس الرئيس الراحل، بوريس يلتسين، الذي كان يرمز في نهاية الثمانينيات لفكرة طي صفحة الشيوعية. الوضع اليوم أكثر تعقيداً من عهد "بيريسترويكا"، إذ إن غالبية السكان يؤيدون النظام السياسي القائم وزعيمه، بينما لا ترى الأقلية أن نافالني الممثل الوحيد لها".

أما سوبتشاك، فيعتبر المحلل السياسي الروسي أنها "ليست ضد الجميع، وإنما لصالح نفسها، وفي الواقع، لصالح بوتين لخلق لغز في إطار الحملة".

وخلص كوليسنيكوف إلى أن النظام السياسي في روسيا "دخل مرحلة النضج ويجمع بين الشعبوية والقيصرية وعناصر الديمقراطية الاستفتائية، حيث تتحول الانتخابات إلى الاستفتاء لتتويج الزعيم".

وحتى الآن، لم يعلن بوتين عن ملامح برنامجه الانتخابي، مكتفياً خلال مؤتمره الصحافي السنوي الكبير، الأسبوع الماضي، بالتأكيد أنه "على الأرجح" يجب أن يكون لديه برنامج انتخابي، شأنه في ذلك شأنه غيره من المرشحين، وأنه "يكاد يكون جاهزاً".

من جانب آخر، نشر نافالني برنامجه الانتخابي، ووعد فيه برفع معاشات التقاعد، ومنح قروض رهن عقاري ذات أسعار فائدة منخفضة، وتقليص عدد الموظفين الحكوميين والعسكريين.

وفي مقال بعنوان "اللابرامج للامرشحين. ماذا يقترحه بوتين ونافالني؟"، اعتبر الأستاذ بالجامعة الأوروبية في سانت بطرسبورغ، المحلل السياسي غريغوري غولوسوف، أن بوتين ونافالني ليسا مرشحين للرئاسة، وأن البرامج الانتخابية لا معنى لها إلا في حال وجود منافسة في الانتخابات.

وأوضح كاتب المقال الذي نُشر بصحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، أنّ كلمة "المرشح للرئاسة" تنطبق على بوتين بمعنى "إجرائي وسطحي فقط"، إذ ستكون طبيعة التصويت أقرب لاستفتاء لا يشارك فيه بوتين من أجل الفوز، وإنما لـ"نيل الدعم المجتمعي لنشاطه في أعلى منصب في الدولة".

وحول "اللامرشح" الآخر، يشير غولوسوف إلى أن نافالني نفسه يعلم أنه ليس مرشحاً، وأنه لن يتم السماح له بخوض سباق الانتخابات، لأنه في حال مشاركته، سيتحول الاستفتاء إلى الانتخابات بصرف النظر عن عدد الأصوات التي سيجنيها، كما سيضطر بوتين في هذه الحالة لوضع برنامج حقيقي والتوضيح، لماذا ثلث الميزانية ينفق على الدفاع والأمن إلخ.

وكان بوتين قد أعلن قبل نحو أسبوعين، عن قراره الترشح لولاية رئاسية رابعة مدتها ست سنوات في الانتخابات الرئاسية في عام 2018، قبل أن يؤكد في مؤتمره الصحافي أنه سيخوض السباق إلى الكرملين كمرشح مستقل وليس عن حزب "روسيا الموحدة" الحاكم.

وانطلقت حملة الانتخابات وإجراءات الترشح بشكل رسمي، أمس الإثنين، بعد نشر جريدة "روسيسكايا غازيتا" الرسمية قرار مجلس الاتحاد (الشيوخ) الروسي بتحديد موعد التصويت بـ18 مارس/آذار 2018، الذي يصادف الذكرى الرابعة لضم شبه جزيرة القرم.

المساهمون