غوطتا دمشق: خنق المعارضة وترحيل "تحرير الشام" إلى إدلب

غوطتا دمشق: خنق المعارضة وترحيل "تحرير الشام" إلى إدلب

18 ديسمبر 2017
يحاول النظام كسر مناطق الغوطة (طارق المصري/الأناضول)
+ الخط -

حققت قوات النظام السوري المزيد من التقدم في الغوطة الغربية لدمشق، مضيّقة الخناق أكثر على مقاتلي المعارضة، ومهددة بشطر مناطق سيطرتهم إلى قسمين، بينما شهدت الغوطة الشرقية تحضيرات لخروج مقاتلي "هيئة تحرير الشام" باتجاه محافظة إدلب التي أصبحت أسيرة لهجمات منسقة من جانب قوات النظام وتنظيم "داعش".

وفي وقت ذكرت مصادر إعلامية تابعة للمعارضة، أن "مقاتلي الأخيرة تمكنوا من استعادة السيطرة على الظهر الأسود"، كشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "قوات النظام حققت تقدماً ملحوظاً خلال الأيام الأخيرة، وهي تركز الآن على منطقة مغير المير التي باتت شبه ساقطة عسكرياً، وتعني السيطرة عليها، فصل مناطق سيطرة المعارضة في بيت جن ومزرعتها عن بيت سابر وكفر حور. أي شطر مناطق سيطرة المعارضة إلى قسمين، وفق سيناريو يشبه إلى حد بعيد السيناريو الذي اتبعته قوات النظام في منطقة وادي بردى وعين الفيجة مطلع العام الحالي، حين لجأت إلى تقسيم المنطقة، وصولاً لاتفاق يخرج جميع المقاتلين وجزء من المدنيين باتجاه محافظة إدلب ومناطق أخرى".

وحسب "الإعلام الحربي" التابع للنظام فإن "وحدات من الجيش نفّذت خلال الساعات الماضية عملية عسكرية واسعة، وسيطرت على تلتي المطار والزيات في الجهة الشرقية لقرية مغر المير"، مضيفاً أن "العمليات العسكرية مستمرة على المحور ذاته باتجاه تل الظهر الأسود، والتلال المتبقية تحت سيطرة المسلحين في محيط قرية مغر المير. الأمر الذي يؤدي إلى السيطرة على سلسلة التلال الممتدة من كفر حور شمالًا حتى قرية مغر المير جنوباً، إلى جانب السيطرة على مسافة عشرة كيلومترات، بالتالي تصبح قرية مغر المير ساقطة نارياً من جهات الشمال والشرق والجنوب". وكانت مليشيا "صقور القنيطرة" أعلنت اندماج قواتها مع "فوج الجولان" في تشكيل واحد تحت اسم "درع الوطن" للانضمام إلى قوات النظام، التي شنّت هجوماً على المنطقة منذ نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بالتزامن مع تكثيف كبير للغارات الجوية من جانب طيران النظام والطيران الحربي الروسي.

من جهته، أعلن "اتحاد قوات جبل الشيخ" عطبه دبابة لقوات النظام، خلال التصدي لمحاولة تقدمها على محوري الظهر الأسود والزيات على أطراف بلدة مزرعة بيت جن في الغوطة الغربية. وأضاف الاتحاد أنه "تمّ استهداف مواقع قوات النظام على أطراف بلدة بيت جن براجمات الصواريخ والرشاشات الثقيلة". وأوضح الاتحاد أن "مقاتلي اتحاد قوات جبل الشيخ استهدفوا براجمات الصواريخ منطقة تل السيوف، التي تتمركز فيها مليشيات النظام، وحققوا إصابات مباشرة"، مشيراً إلى أن "مقاتلي المعارضة تمكنوا من قتل أكثر من 20 عنصراً من قوات النظام، بينهم العميد الركن عدنان بدور من مرتبات الفرقة السابعة رئيس فرع المدفعية، والرائد زياد خليل من فوج 137 قائد سرية النيران، والملازم طارق اليحيى، فضلاً عن عشرات الجرحى".



وشهد تجمع بيت جن استنفاراً من قبل فصائل المنطقة، لمواجهة تقدم قوات النظام، بينما دعت "غرفة عمليات جبل الشيخ" التابعة للمعارضة جميع الفصائل العاملة في الجنوب السوري، إلى الالتحاق بغرفة العمليات العسكرية المشتركة في المنطقة. وذكرت مصادر المعارضة أن "قوات النظام تتبع سياسة الأرض المحروقة، من خلال استهداف مناطق الاشتباك بعشرات صواريخ الفيل وراجمات الصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة".

في الغوطة الشرقية لدمشق، وصلت المفاوضات بين بعض جهات المعارضة وروسيا لتقل مسلحي "هيئة تحرير الشام" إلى محافظة إدلب إلى مرحلة متقدمة، مع حديث عن وصول حافلات إلى معبر مخيم الوافدين، شمالي الغوطة لنقل المقاتلين. وأفادت معطيات أن "الطرف الرئيسي المفاوض عن المعارضة هو فيلق الرحمن العامل في الغوطة الشرقية".

وقد رفض المتحدث باسم "فيلق الرحمن" وائل علوان، الإدلاء بأية تفاصيل حول هذه المفاوضات، وقال في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إنه "ليس لديه تصريحات للإعلام حول الموضوع، وما زلنا ملتزمين بتنفيذ الاتفاق الموقع في جنيف في 16 أغسطس/آب الماضي بكامل بنوده". وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أن "فيلق الرحمن يفاوض أيضاً على فتح طريق من حرستا إلى مناطقه في الغوطة، والوصول إلى تهدئة في جوبر والقطاع الأوسط".

من جهته، نفى قيادي في "جيش الإسلام" وصول حافلات إلى معبر مخيم الوافدين لنقل مسلحي "هيئة تحرير الشام"، لافتاً إلى أن "التفاوض يجري بين فيلق الرحمن والجانب الروسي، بهدف دخول الحافلات لنقل مقاتلي هيئة تحرير الشام". أما مدير المكتب السياسي في جيش الإسلام، عمّار دلوان، فاعتبر في تصريحات صحافية، أنّ "جيش الإسلام يُشارك بشكل بسيط في المفاوضات الجارية، وذلك لوجود بعض المعتقلين عند جبهة النصرة وهؤلاء من نتفاوض من أجل إخراجهم من سجونها، ونحن بدورنا سنخرج معتقلي جبهة النصرة مباشرةً إلى الحافلات ليخرجوا إلى الشمال السوري". وأوضح أن "المفاوضات لإخراج المعتقلين جارية مع فيلق الرحمن عبر لجنة من الغوطة، ولا توجد مفاوضات مع النصرة بشكل مباشر".

وفي وقتٍ قام بعض عناصر الهيئة ببيع ممتلكاتهم في المنطقة تمهيداً للخروج، دعا القائد العسكري لـ"هيئة تحرير الشام" في الغوطة الشرقية، أبو عبد الله الشامي، في تسجيلات صوتية له، المقاتلين إلى "عدم الخروج من الغوطة الشرقية والثبات على جبهاتها". وأضاف أن "الهيئة تجهّز لأعمال عسكرية لفك الحصار وفتح الطريق"، متسائلًاً: "كيف لها أن تخرج من الغوطة"؟



وقد وزعت مناشير ورقية على أبواب عدد من المساجد في مدن وبلدات الغوطة، دعت عناصر الهيئة إلى الخروج من الغوطة باتجاه إدلب، لقطع الطريق على ذرائع قوات النظام لاستهداف المنطقة وحصارها. ونصّ أحد بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع بين فيلق الرحمن وروسيا في 18 أغسطس/آب الماضي على "التزام الفيلق بمنع وجود أيّ من منتسبي تحرير الشام في المناطق الخاضعة لسيطرته في منطقة خفض التصعيد، مع التشديد على موقفه الرافض للفكر المتطرّف. وفي حال استعداد منتسبي الهيئة للمغادرة مع أو بدون أسرهم إلى إدلب، يتم توفير ضمانات للعبور الآمن من قبل روسيا".

وذكرت مصادر محلية أن "عملية الخروج من المرجح أن تشمل المهاجرين (أي الأجانب) من الهيئة، البالغ عددهم قرابة 400 مقاتل، ومقاتليها المحلّيين الراغبين بالخروج"، مشيرة إلى "وجود خلافات حول آلية الخروج ومن أيّ معبر سيكون، إضافة إلى تسجيل بعض المدنيين أسماءهم للخروج إلى جانب المقاتلين". وأوضحت المصادر أن "الخروج تأجل إلى وقت غير محدد، بعد خلاف على خروج مدنيين إلى جانب المقاتلين الذين تم تسجيل أسمائهم في قوائم". وكانت "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) دخلت الغوطة الشرقية أواخر عام 2012، وخاضت معارك عدة، أشهرها معارك عدرا العمالية، وكسر الحصار عن المليحة، وآخرها معركة "ياعباد الله اثبتوا" في حي جوبر.

في محافظة إدلب، التي من المقرر أن يتوجه إليها المبعدون من الغوطة، على غرار المبعدين الذين سبقوهم من مناطق مختلفة، سيطرت قوات النظام على قرية "تل خنزير" في ريف المحافظة الجنوبي الشرقي، وذلك بعد اشتباكات عنيفة مع "هيئة تحرير الشام" وقوات المعارضة، بالتزامن مع غارات جوية روسية عنيفة استهدفت المنطقة. وجاء هذا التقدم بعد سقوط تلة السيرياتيل، آخر نقطة في ريف حماة الشمالي الشرقي بيد النظام، وأصبح محور قرية أبو دالي والقرى المحيطة بها، ساقطة عسكرياً لصالح النظام، بسبب إطلالة التلّة على عموم المنطقة، فيما استمرت المواقع بالسقوط وسط حديث عن تشكل غرفة عمليات مشتركة من جميع فصائل المعارضة العاملة في المنطقة على غرار "جيش الفتح" الذي حقق نجاحات بارزة، تمثلت في السيطرة الكاملة على مدينة إدلب قبل أكثر من عامين.

وذكرت مصادر محلية لوكالة "اباء" التابعة لـ"هيئة تحرير الشام"، أن "قوات النظام حاولت التقدم إلى قرية المشيرفة من محوري أم تريكية وتل خنزير، حيث جرت الاشتباكات على مسافات قريبة ما أجبر النظام على الانسحاب. ويستهدف زحف قوات النظام باتجاه إدلب، المتزامن مع هجوم مشابه لتنظيم داعش على المنطقة ذاتها، الوصول إلى مطار أبو الظهور في ريف إدلب الشرقي".



المساهمون