الأحزاب العراقية تغيّر وجوهها: تكتيك جديد للظفر بأصوات الناخبين

الأحزاب العراقية تغيّر وجوهها: تكتيك جديد للظفر بأصوات الناخبين

16 ديسمبر 2017
أغلب القيادات السياسية السابقة فشلت في قيادة البلاد(فرانس برس)
+ الخط -
لم تترك الأحزاب السياسية العراقية طريقاً يوصلها إلى السلطة إلا سلكته، حتى وإن كان متعارضاً مع توجهاتها في كثير من الأحيان، وهو ما حدث بالفعل مع أحزاب عراقية اضطرت للاستعانة بوجوه جديدة للترشّح للانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر إجراؤها في مايو/ أيار 2018، بعد أن شهد مزاج الناخب العراقي غضباً غير مسبوق تجاه النخبة السياسية التي حكمت العراق منذ الاحتلال الأميركي عام 2003 ولغاية الآن.

ويؤكّد عضو "التحالف الوطني" محمد الشمري، أن تغيير الوجوه حالة صحية في المجتمعات الديمقراطية، مبيناً خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، أنّ "منح الأجيال الشابة فرصة للوصول إلى البرلمان والحكومة لا يعني أنّ قيادات وعناصر القوى السياسية التي سبقتهم كانت فاشلة، بل يأتي ضمن إطار التجديد".

ويشير الشمري إلى أنّ عدداً من القوى السياسية في "التحالف الوطني"، مثل "تيار الحكمة"، منحت الشباب بشكل شبه كامل فرصة للقيام بدور ريادي على طريق تحقيق الحكم الرشيد في العراق، مضيفاً "لكن نجاح هذه الخطوة من عدمه أمر لا يمكن التكهّن به، لأنه يبقى منوطاً بما ستأتي به نتائج الانتخابات المقبلة".


لكن عضو البرلمان العراقي السابق، القيادية في "تحالف القوى"، كريمة الجواري، تؤكد أنّ "أغلب القيادات السياسية السابقة فشلت في قيادة البلاد"، مطالبةً "بفسح المجال أمام الوجوه الشابة من أجل تولّي المناصب المهمة في الدولة العراقية".

وتدعو الجواري القيادات السياسية السابقة "للتنحي جانباً وإتاحة الفرصة للوجوه الجديدة"، موضحةً خلال مقابلة متلفزة، أنها قامت بزيارات متكررة إلى مخيمات النازحين الذين أخبروها بأنهم لن ينتخبوا أي من السياسيين السابقين، على حد قولها.

ويرى المحلل السياسي العراقي علي البدري، بدوره، أن "الدعوة لزج الوجوه الجديدة يندرج ضمن الخطاب السياسي الذي يسبق الانتخابات"، مؤكداً أنّ "احتراق ورقة سياسيين كانوا يعتبرون أنفسهم حتى وقت قريب من القادة، دعا الكثير من الأحزاب إلى التفكير بخياراتها للانتخابات المقبلة التي لم يتبق على موعد إجرائها سوى خمسة أشهر".

ويشير البدري إلى انطلاق قوى سياسية باتجاه شيوخ العشائر والأكاديميين والشخصيات الثقافية والدينية والرياضية لإقناعها بالدخول معها في الانتخابات المقبلة، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "عدداً من السياسيين الذين يعتقدون أن رصيدهم في الشارع أوشك على الانتهاء، بادر إلى تنظيم فعاليات رياضية واجتماعية يستقطب من خلالها مرشحين وناخبين جدد". ويضيف "قد لا تنطلي هذه الحيلة على العراقيين بسهولة، لكنها ستكون مؤثرة في حال مسّت أموراً يحتاجها الناس بالفعل"، مؤكداً أن "نواباً وسياسيين نظموا بطولات رياضية استقطبت عدداً غير قليل من الشبان الذين كانوا أطفالاً قبل سنوات عدة". ويضيف البدري أن "هؤلاء مثلاً لم يطلعوا على جميع فصول فشل الطبقة السياسية الحالية، وقد يمنحون أصواتهم بسهولة إلى المرشح أو الحزب الذي يعتقدون أنه يلبّي رغباتهم الآنية".

من جهته، يؤكّد الإعلامي العراقي علي الخالد، أنه رصد خلال الأسابيع الأخيرة "تنافساً محموماً من قبل القوى السياسية باتجاه كسب وجوه إعلامية وأكاديمية واجتماعية ورياضية مؤثرة"، موضحاً لـ"العربي الجديد"، أنّ "جهات سياسية نظّمت بطولات رياضية وصرفت عليها مبالغ مالية كبيرة من أجل تحقيق غايات سياسية".

وتساءل "لماذا ينظم حزب الحل بطولات رياضية، ويرعى تجمعات شبابية في الأنبار؟ ولماذا ينظم حزب المؤتمر الوطني بطولة كيك بوكسينغ التي أقيمت في بغداد وكلّفت مبالغ مالية ضخمة؟ ولماذا ينظم النائب عن ائتلاف دولة القانون بطولة لخماسي الكرة ويمنح جوائز للفائزين؟".

وأعلن حزب "الحل" في وقت سابق عن انطلاق رابطة شباب الحل في الأنبار برعاية الأمين العام للحزب النائب محمد الكربولي. وأقام الحزب حفلاً كبيراً لذلك، موضحاً أنّ هذا التجمع "لحمل رسالة إلى الحكومة العراقية والفضاء الوطني والعربي والإقليمي والدولي مفادها أن الشباب يجب أن يحصلوا على دور في بناء الدولة المدنية في العراق".

وينظر عضو البرلمان العراقي عن "التحالف الوطني" هلال السهلاني، بإيجابية لسياسة تغيير الوجوه، مؤكداً أن "الدفع بدماء جديدة سيؤطر عمل القوى السياسية للمرحلتين الحالية والمقبلة". ويشير إلى أنّ "الساحة السياسية تشهد حالة تغيير جديدة في بنية التحالفات الداخلية"، موضحاً أن هذه التحالفات "يجب أن تعمل على تجاوز أخطاء المرحلة السابقة".

ولا يقتصر حراك تغيير الوجوه على المحافظات الوسطى والغربية والجنوبية، إذ يطالب نواب أكراد بتغيير القيادات السياسية الكردية الحالية من أجل فتح باب الحوار مع الحكومة العراقية في بغداد. ويؤكّد النائب عن "حركة التغيير" عادل عزيز، في هذا الإطار، أنّ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي "لا يرغب بفتح الحوار مع الوجوه الحالية الموجودة في إقليم كردستان العراق"، مطالباً بتغييرها واستبدالها بأخرى. ويلفت عزيز إلى أن "هذه الوجوه مرفوضة في إقليم كردستان وفي بغداد"، موضحاً أن "هذه القيادات تتسبّب بالأذى لمواطني إقليم كردستان، ولا بد من تغييرها بوجوه أخرى".

يشار إلى أنّ إقليم كردستان يشهد نقمة كبيرة على قيادته السياسية الحالية التي تسببت بتعرضه للحصار وإغلاق المطارات والمنافذ بقرار من الحكومة العراقية التي اتخذت إجراءات عقابية ضد سلطات الإقليم التي أصرت على إجراء استفتاء في سبتمبر/ أيلول الماضي.

المساهمون