حدود غزة... حجارة وأعلام تواجه جيش الاحتلال

حدود غزة... حجارة وأعلام تواجه جيش الاحتلال

غزة

ضياء خليل

avata
ضياء خليل
13 ديسمبر 2017
+ الخط -
تحول الخط الفاصل شرق وشمال قطاع غزة مع الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 إلى ساحة مواجهة حقيقية، رغم عدم التكافؤ، بين عشرات الشبان الفلسطينيين الغاضبين، وقوات الاحتلال الإسرائيلي المدججة بالسلاح، والمدعومة بالآليات العسكرية الثقيلة والغطاء الجوي.

وبات للشباب الفلسطيني الغاضب على قرار الرئيس الأميركي، دونالد ترامب الاعتراف بالقدس "عاصمة" لدولة الاحتلال، وغيره من القرارات والمواقف العنصرية تجاه القضية الفلسطينية، وجهة يومية، عبر نقاط تماس تم "خلقها" على الحدود الشرقية، خصوصاً إلى الشرق من مدينة خان يونس، والمنطقة الوسطى، وشرق مدينة غزة، وشرق مخيم جباليا للاجئين، وشمالاً حيث حاجز بيت حانون "إيريز". المنطقة المحاذية للشريط الحدودي بين غزة والأراضي المحتلة، منطقة رملية مكشوفة، وبعض المناطق تنكشف فيها الرؤية الإسرائيلية لأكثر من كيلومتر، وبعضها مئات الأمتار، لكن ذلك، رغم خطورته، لا يشكل كابحاً للشباب الفلسطيني الغاضب.

الشباب الغاضب على الحدود، لا يوجهه في غالب الأحيان أحد، إذ تجدهم على اختلاف أعمارهم وحدة واحدة في مواجهة الجنود الإسرائيليين، ذلك أنّ سلاحهم الحجارة، مع بعض إطارات السيارات التي يحرقونها في مشهد يعود بالذاكرة إلى مشاهد الانتفاضة الفلسطينية الأولى، مع الفارق في المكان والالتحام المباشر مع الجنود الإسرائيليين. ونجح الشباب الفلسطيني، قبل أيام، بإحراق برج مراقبة عسكري إسرائيلي إلى الشمال من مدينة بيت حانون شمال قطاع غزة. وأعادوا حرقه أكثر من مرة، بعد الوصول إليه مجدداً. ولم تمنعهم كاميرات المراقبة التي تنشرها إسرائيل على الحدود، ولا تلك التي باتت تطلقها لمراقبة الشبان الفلسطينيين المتواجدين قبالة المواقع العسكرية.

ويطلق جنود الاحتلال الإسرائيلي الذين يتحصنون في مواقعهم العسكرية وأبراج المراقبة وخلف أكوام الرمل داخل الحدود، الرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين ومنعهم من تجاوز الحدود. ويحاول البعض إبعاد الشباب الفلسطيني عن هذا النمط من المواجهة غير المتكافئة، لكن الشباب الغاضب لا يهتم كثيراً للأصوات الداعية لذلك، وهو يقدم ما يقول إنه "أضعف الإيمان" للرد على قرار ترامب وممارسات الاحتلال العدوانية حيال الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية. وفي كل تظاهرة يقوم شبان برفع العلم الفلسطيني على الحدود، ما يستفز جنود الاحتلال الإسرائيلي كثيراً، فينتقمون من رافع العلم بملاحقته وإطلاق النار مباشرة عليه، كما جرى إلى الشرق من مدينة خان يونس.



وبالنسبة للناشط الفلسطيني، محمود العيلة، فإنّ حالة الصدع الفلسطينية والتخاذل، يدفعان الشباب للذهاب إلى الحدود المتاخمة للقطاع بشكل عفوي لمواجهة التطرف الإسرائيلي. ويشارك عشرات من الشبان في نشاطات منتظمة على الحدود، كما أنهم وقفوا منذ الصباح الباكر، قبل يومين، لمنع الوفد البحريني المطبع مع الاحتلال الإسرائيلي من الوصول إلى القطاع، قبل أن يتم إلغاء الزيارة. يلفت محمود، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ معظم الحدود في قطاع غزة تحدها مخيمات، وأبناء المخيمات دائماً عندهم حرارة المواجهة، كما نظراؤهم في الوطن، ولا يستطيع أحد أن يقول لهم إنّ ما تقدمونه إيجابي أو غير ذلك، طالما لم يقدم لهم حلولاً. ويوضح أنّ التكوين التنظيمي والشعبي لأبناء غزة ليس كغيره، والاحتلال يلعب على هذا الوتر، غير أنه يلفت إلى أنّ القبضة الأمنية للسلطة الفلسطينية على مناطق التماس في الضفة الغربية واضحة، لذلك فإنّ التظاهرات هناك تخفت قليلاً في بعض الأحيان.

معظم الذين يذهبون إلى الحدود فتية، وفق العيلة، الذي يشير إلى أنّ الشبان عندما يضربون الحجارة على الاحتلال يعتقدون أنهم أطلقوا صاروخاً، أو كأنهم ألقوا خطاباً سياسياً في الأمم المتحدة، وهم مقتنعون تمام الاقتناع بما يفعلونه. ويوضح أنّه يجري رفع العلم الفلسطيني على الحدود بشكل معنوي، ولإرسال رسالة للمحايد والمناصر والمؤيد. ويشير إلى أنّ نجاح أي فرد برفع العلم الفلسطيني على الخط الفاصل مع الاحتلال يشكل حالة من النشوة لديهم، كما أنه يشكل حالة من الهوس والرد العنيف من قبل الاحتلال على رافعه والمتظاهرين الآخرين. أما المصور الصحافي، حسن إصليح، الذي يغطي معظم المواجهات الحدودية بين الشبان الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلي، فيقول، لـ"العربي الجديد"، إنّ الشبان الذين يتوجهون بشكل مستمر إلى الحدود يريدون إيصال رسالة للاحتلال وللعالم. يرصد إصليح بعض مظاهر تأثر الشباب الفلسطيني بما يسمعونه عن القدس، إذ إنّ شاباً صوره على الحدود الشرقية لمدينة خان يونس كان يلقي الحجارة باستمرار ودون توقف، لأنه استمع قبل ذلك من رجل كبير في السن عن القدس المحتلة ومداخلها ومسجدها الأقصى وحواريها ومحالها وطعامها فتأثر.

الشباب الفلسطيني على الحدود، ورغم عدم تكافؤ ما يحملونه من حجارة مع ما يرُد به الاحتلال الإسرائيلي عليهم، إلا أنهم يبعثون برسالة تؤكد التمسك بالقدس وفلسطين، وهم شباب عزّل ليس لديهم أي مقومات، ويتمنون أنّ يكونوا في هذه اللحظة مقدسيين، وفق ما يرصد حسن اصليح. وتتعمد قوات الاحتلال الإسرائيلي استهداف الصحافيين والمصورين رغم أنهم يرتدون ما يميزهم عن غيرهم من المتظاهرين. وهو ما يشير إليه اصليح، إذ يقول إنه "يستنشق الغاز السام والمسيل للدموع كل يوم، رغم معرفة جنود الاحتلال أنه صحافي من لباسه والكاميرا التي يحملها"، موضحاً أنّ جنود الاحتلال الإسرائيلي يحاولون إبعاد الصحافيين عن مناطق المواجهات لعدم تغطية ما يجري من انتهاكات ومن تعمد استهداف المتظاهرين العزل.

ذات صلة

الصورة

سياسة

رفع مدافعون عن حقوق الإنسان وعن الفلسطينيين في كندا، يوم الثلاثاء، دعوى قضائية ضد الحكومة الاتحادية لمنعها من إصدار تصاريح للشركات لتصدير السلاح لإسرائيل.
الصورة

سياسة

الاحتلال الإسرائيلي كان يعلم بخط تحرك قافلة المساعدات التي دخلت شمال غزة فجر يوم الخميس الماضي، والتي انتهت بمجزرة مروعة ارتكبها جيش الاحتلال في غزة
الصورة
يواصل جيش الاحتلال جريمة تدمير خانيونس (نيكولاس غارسيا/فرانس برس)

سياسة

أفادت صحيفة "يديعوت أحرونوت"، اليوم الأحد، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي انتقل للقتال في بعض مناطق قطاع غزة بطريقة حرب العصابات للحد من ضربات حماس.
الصورة
أسواق إسرائيل، فرانس برس

اقتصاد

يهرع الإسرائيليون لشراء منتجات الطوارئ، على رأسها مولدات الكهرباء والمصابيح اللاسلكية والبطاريات الاحتياطية، خشية استهداف حزب الله اللبناني البنية التحية.