هل يغادر "آفاق تونس" الحكومة بعد رفضه مشروع الموازنة؟

بعد رفضه مشروع الموازنة.. هل تنفض شراكة "آفاق تونس" والحكومة؟

12 ديسمبر 2017
يضع "آفاق تونس" قدمًا داخل الائتلاف وأخرى خارجه(فرانس برس)
+ الخط -
تحوّل حزب "آفاق تونس" من شريك في الائتلاف الحكومي، وصاحب حقائب وزارية في حكومة يوسف الشاهد، إلى صف اللاشريك، منهيًا بصفة غير معلنة تعاونه مع الحكومة ومساندته لها. حتى أن أغلب نوابه قرروا أخيرًا عدم التصويت على موازنة 2018 والاحتفاظ بأصواتهم، معتبرين أنها لا تتماشى وتطلعات الحزب، وهو ما يمثل الخطوة الأخيرة في فك الارتباط مع الحكومة وداعميها؛ ما جعل عديد الملاحظين يتوقعون خروجه أو إخراجه قريبًا من الائتلاف الحكومي، خاصة بعد التوجهات الجديدة التي وضعها أبرز قيادييه، وتصريحات رئيس الحزب الذي رفع من جرعة الانتقادات لشركائه في الحكم.

وينظم الحزب اليوم بمقره اجتماعًا مع عدد من الأحزاب، أغلبها من المعارضة، لبحث إمكانية دخول الانتخابات البلدية في قوائم مشتركة؛ ما يمثل إعلانًا صريحًا عن السعي لتشكيل قوة ما تعارض الثلاثي: "النهضة" و"نداء تونس" و"الاتحاد الوطني الحر".

وفي الحقيقة، لا تعتبر هذه الصراعات جديدة على "آفاق تونس"، إذ تعود جذور وبوادر الاختلاف إلى بدايات مشاركته في الائتلاف الحكومي، حتى أنه أعلن في عديد المناسبات رفضه المعلن التحالف بين "النهضة" و"النداء"؛ ما جعل أسس التعاون، منذ البداية، تبدو هشة وغير قوية.

ولكن ما جعل حدة الخلافات تتفاقم هو التصعيد الواضح لـ"آفاق تونس" خلال الآونة الأخيرة في حدّة الهجوم على "النهضة"، وانتقاد تحالفها مع النداء. وحسب رئيس الحزب، ياسين إبراهيم، فإن هذا التحالف يعتبر "تجربة سياسية انعدمت فيها الثقة وأظهرت فشلًا ذريعًا"، معبرًا عن استنكاره هذا "التحالف الاستراتيجي" بين الحزبين.

ولا يتوانى رئيس حزب "آفاق تونس" عن انتقاد شركائه في الائتلاف الحكومي، "النهضة" من جهة و"النداء" من جهته أخرى، ما دفع المدير التنفيذي لـ"نداء تونس"، حافظ قائد السبسي، إلى القول في تصريحات إعلامية إنه لا يفهم حقيقة هذه الازدواجية الغريبة، لحزب يريد أن يتواجد في الحكم إلى جانب النداء والنهضة، ويريد، في الوقت نفسه، أن يكون معارضًا لهما، حتى أنه يصف الائتلاف الذي يوجد فيه بـ"الخطر على تونس".

ويبدو جليًا أن "آفاق تونس"، الذي يضع قدمًا في الحكومة وقدمًا في المعارضة، يعيش تأرجحًا في المواقف، فتارة يقوم بانتقاد شركائه في الحكم، وتارة يراوغ على أنه لا يزال في وثيقة قرطاج، ورغم حصوله على حقيبتين وزاريتين، وهما الشؤون المحلية والبيئة، والتكوين المهني والتشغيل، وكتابتي دولة؛ فإنه اختار أن يسلك طريقاً جديداً لم تتضح ملامحه بعد، فلا هو مع شركائه في الحكومة، ولا هو خارج الائتلاف، الأمر الذي وصفه بعضهم بالمناورة السياسية، ووصفه آخرون بالازدواجية في المواقف، ربما لتكتيكات أخرى، كالتحضيرات المبكرة للانتخابات القادمة.

وأكثر من ذلك، فقد أعلن "آفاق تونس" خوض معركة برلمانية جديدة من خلال الانتماء إلى "الجبهة البرلمانية الوسطية التقدمية"، والتي انتقدتها الأحزاب الحاكمة ووصفتها بـ"البدعة السياسية"، وهو ما جعل "النهضة" والنداء يسارعان إلى سحب البساط من شريكهما في الحكم، ويقرران عدم تشريكه في المشاورات الدائرة حول الأوضاع الراهنة والمستجدات السياسية، والتفاوض مع "الاتحاد الوطني الحر" من خلال الإعلان عن تحالف جديد بينهم.

ويبدو أن هذا التحالف لم يرق كثيرًا "آفاق تونس"، الذي بدأ يعي حقيقة استبعاده من عديد المشاورات، ومنها تلك التي تخص موازنة 2018، إذ صرحت النائبة ريم محجوب، قائلة: "على الرغم من أن آفاق تونس شريك في الحكومة، فإنه لم تتم استشارتنا بخصوص مشروع قانون المالية، والحزب له توجهات أخرى بخصوص موارد التعبئة للدولة".

وأمام التجاذبات الحاصلة، والتغييرات في المواقف المعلنة وغير المعلنة، فإن مغادرة "آفاق تونس" الائتلاف الحكومي، وإعلان انسحابه من وثيقة قرطاج، باتت وشيكة، وربما قد تكون مسألة وقت لا أكثر، ما قد يعني سحب الحقائب الوزارية منه، والإعلان الرسمي عن فك الارتباط بينه وبين الحكومة.