"المدينة الجديدة" كمادة للنقاش

"المدينة الجديدة" كمادة للنقاش

09 نوفمبر 2017
لطالما استأثرت العاصمة عمّان بالحصة الأكبر من خطط التنمية(Getty)
+ الخط -

فعلت الحكومة الأردنية خيراً، عندما أعلنت رسمياً عن مشروع "المدينة الجديدة"، لتنهي واحدة من أكبر موجات الجدل والتشكيك التي تسببت في إثارتها عندما قدّمت معلومات مجتزأة ومتضاربة للمواطنين عن المشروع الأكبر في التاريخ الحديث لمملكتهم.

فجأة انتهى الجدل واختفى النقاش الذي سيطر على المجال العام، وزالت الشكوك والانتقادات بعد أن حصل المواطنون على وجبة معلومات دسمة، وهذا درس على الحكومة أن تضعه في حساباتها لمستقبل تعاطيها مع المواطنين.
غير أنه من المؤسف أيضاً أن ينتهي الجدل بشكل مفاجئ حول "المدينة الجديدة" عقب الإعلان الرسمي، إذ إن ذلك يكشف أن تداخل المواطنين في القضايا العامة التي تمسّ مستقبلهم ومستقبل مملكتهم لا يتعدى التعبير عن حالة غضب أو انتفاضة عابرة تغيب عنها لغة العقل وتتسع فيها مساحة السخرية غير المنتجة.
تستوجب "المدينة الجديدة"، بعد الكشف رسمياً عن موقعها وأهدافها ومراحل إنجازها ومصادر تمويلها، نقاشاً موسعاً، على الرغم من تفرّد الحكومة في إعداد الملف، وهو ما يجعل من النقاش حولها ضرورة حتمية توجه الدولة نحو إشراك المواطنين في صناعة القرار وتحديد أولوياتهم التنموية بالشكل الذي عبّر عنه في الانتخابات اللامركزية التي جرت منتصف أغسطس/آب الماضي.
وقد يكون من الضرورة أن ينصبّ النقاش، لا حول مستقبل "المدينة الجديدة"، التي يقول الإعلان الرسمي إنها ستكون مدينة مستدامة ذكية تحوي جميع خدمات البنية التحتيّة، وتقوم على أساس التخطيط طويل الأمد، بل حول المدن القديمة وموقعها من مستقبل التحديث والتطوير والتنمية.
خلال العقود الماضية، استأثرت العاصمة عمّان بالحصة الأكبر من خطط التنمية. وداخل عمّان نفسها، حاز غربها الغني بحظوظ أوفر من شرقها الفقير. لكن في المحصلة النهائية اختصرت العاصمة المملكة، وأصبحت مساحة يهرب إليها الأردنيون من مدنهم المحرومة من التنمية، بحثاً عن فرص أفضل، ليستقر في وعيهم أن "عمّان هي الأردن".
النقاش الضروري اليوم، كيف تصبح "المدينة الجديدة"، المحاطة بآمال كبيرة، منصّة لإعادة الاعتبار للمدن المسحوقة الساقطة من حسابات التنمية والمعبأة بالكراهية والغضب اللذين تحركهما مشاعر التهميش المزمن. نقاش يضع حداً لاختصار المملكة بمدينة.

دلالات