سلخ الأحياء العربية عن القدس: هذا ما يخشاه الفلسطينيون

ويلتقي هذا المشروع، الذي يقف وراءه وزير شؤون القدس الإسرائيلي زئيف إلكين، مع مخططات أخرى تستهدف ضمّ كتل استيطانية كبرى في محيط المدينة المقدسة إلى نفوذ بلدية الاحتلال أو ما يعرف بـ"القدس الكبرى" والتي تساوي في مساحتها ما نسبته 10 في المئة من مساحة الضفة الغربية. وتضيف هذه المخططات إلى الصراع حول القدس بعداً آخر من صراع الديموغرافيا المستمر، إذ ستتيح رفع أعداد المستوطنين في حدود القدس الشرقية إلى أكثر من 750 ألف مستوطن، وفق ما يقول خبير الاستيطان خليل تفكجي، في حديث لـ"العربي الجديد".

ويحذّر تفكجي من أن الاحتلال "حسم معركته على القدس مع الفلسطينيين قبل أن يبدأ التفاوض معهم حول مستقبل المدينة ومصيرها، إذ باتت سيطرته المطلقة عليها واضحة، وهو ما سيحول دون قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس مستقبلاً".

أما وزير شؤون القدس ومحافظ المدينة، عدنان الحسيني، فيعتبر أن ما أعلن بخصوص سلخ أحياء مقدسية وإخراج سكانها منها، هو "تطهير عرقي يستهدف خلق أغلبية يهودية في المدينة المقدسة"، بعد أن سجّلت نسبة المقدسيين فيها في آخر إحصاءات نحو 40 في المئة من مجموع السكان، وهو الأمر الذي اعتبرته سلطات الاحتلال تهديداً لمستقبل القدس.

ويرى الحسيني في حديث لـ"العربي الجديد"، أن "أبعاداً سياسية أخرى خطرة تقف وراء هذا القرار، أهمها رسم حدود سياسية ومنع أية إمكانية للتفاوض على مستقبل القدس"، في وقت يأمل الفلسطينيون بأن تؤدي المفاوضات السياسية في حال استئنافها إلى بدء التفاوض حول القدس الشرقية باعتبارها عاصمة للدولة الفلسطينية العتيدة.

ووفقاً لتقديرات فلسطينية، يصل عدد السكان الفلسطينيين في القدس الشرقية إلى حوالى 320 ألف مواطن، يقطن جزء كبير منهم في الأحياء التي تستهدفها خطة إلكين.

وتستهدف هذه الخطة أحياء فلسطينية فصلها الجدار العنصري عن مدينة القدس، مثل كفر عقب، في­ شمالي المدينة، ومخيم شعفاط وعناتا، شمالي شرق القدس المحتلة. وفي حال تمت المصادقة على هذه المخططات، فلن تتعدى نسبة المقدسيين وقتئذ الـ12 في المئة من عدد السكان.

ويرى مدير "مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية" زياد الحموري، بدوره، أن فصل هذه الأحياء وسلخها عن القدس المحتلة، يعني تفاقم معاناة عشرات الآلاف من قاطني هذه الأحياء اجتماعياً واقتصادياً وارتفاع معدلات الفقر والبطالة فيها. كما سيترتّب عن ذلك، وفق ما يقول الحموري في حديث لـ"العربي الجديد"، تفشي مشكلات وظواهر اجتماعية خطرة في هذه الأحياء، إضافة إلى الأبعاد الاستراتيجية الأخرى المتعلّقة بديمغرافية القدس والتي تشهد صراعاً هو الأشد خطورة منذ العام 1967، إذ تتسارع وتيرة الاستيطان في المدينة المقدسة، وترتفع أعداد المستوطنين على نحو كبير، وهو ما سيفضي إلى خلخلة الميزان الديموغرافي لصالح الوجود الاستيطاني.

وتلتقي أقوال الحموري مع تصريحات كان أدلى بها الوزير الإسرائيلي إلكين، وحذّر من خلالها حكومته مما سمّاه "قنبلة ديموغرافية موقوتة، تهدد الأغلبية اليهودية في القدس".

ونقل عن إلكين ادعاءه أن "ما بين ثلث السكان إلى نصفهم في كفر عقب ومخيم شعفاط، هم من سكان الضفة الغربية، وهي مناطق يستشري فيها الإرهاب والجريمة والفقر والمخدرات وينعدم فيها القانون، حيث لا وجود لحكم حقيقي لا من إسرائيل ولا من السلطة الفلسطينية".

ولمواجهة التهديد الديموغرافي الذي يشكله الفلسطينيون في هذه الأحياء، يرى إلكين أنه لا بدّ من نزع فتيل هذه "القنبلة الديموغرافية"، ما يعني زيادة المعدل الديموغرافي لليهود في القدس من حوالى 60 في المئة إلى حوالى 70 في المئة، وبالتالي الحفاظ على السيطرة الاحتلالية على القدس.

وعلى الرغم من الاحتجاجات وردود الفعل الفلسطينية على مخطط سلخ أحياء فلسطينية في القدس عن نفوذ بلدية الاحتلال، فإن التوقعات في المدينة المقدسة تشير إلى أن التصويت على مشروع الفصل وسلخ هذه الأحياء سيحظى بالدعم من قبل أعضاء الكنيست الإسرائيلي الذي يهيمن عليه اليمين المتطرف، والذي وضع ثقله خلف هذا المشروع، وحشد الدعم الواسع في المقابل لضم كبرى الكتل الاستيطانية حول القدس لنفوذ بلدية الاحتلال، محققاً حلم قادته التاريخيين أمثال شارون بإقامة القدس الكبرى التي سيصل عدد مستوطنيها في غضون السنوات العشر المقبلة إلى أكثر من مليون مستوطن.