برودٌ في "جنيف8" على وقع استمرار قصف النظام للغوطة

برودٌ في "جنيف8" على وقع استمرار قصف النظام للغوطة

30 نوفمبر 2017
من قصف قوات النظام للغوطة (عبد المنعم عيسى/فرانس برس)
+ الخط -

لا اختلاف في ثاني أيام "جنيف 8" عن اليوم الأول الباهت، إذ لم تُسجل حتى مساء أمس، الأربعاء، في سويسرا مستجداتٌ بجولة المفاوضات السورية الجديدة، فيما واصل النظام السوري تصعيده العسكري بالميدان وقصفه الجوي لمدنٍ وبلداتٍ بالغوطة الشرقية، مستفيداً من الغطاء السياسي الذي توفره موسكو، التي زيفت يوم الثلاثاء الماضي حقيقة الوضع، مدعيةً بأن ما يجري بالغوطة "اشتباكات مع الإرهابيين لا المعارضين، ولا يمكن إقرار المصالحة مع داعش"، كما اعتبر الكرملين. ومع إعلان رئيس وفد المعارضة السورية نصر الحريري، أن "وسيط الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا، يعتزم تمديد محادثات جنيف حتى 15 ديسمبر/ كانون الأول"، نقلت "روسيا اليوم" عن مصدر في وفد النظام أن "دي ميستورا اقترح تمديد المفاوضات حتى 15 ديسمبر المقبل، لكن وفد النظام رفض التمديد وأكد التزامه بالفترة المحددة في الدعوة الرسمية التي تنتهي يوم 1 ديسمبر".

في هذا السياق، أفاد مصدرٌ من "الائتلاف الوطني السوري" حاضر في "جنيف 8"، بأن "الكذب الروسي الواضح في مسألة الغوطة الشرقية، غايته تبرير انتهاكات النظام وخروقاته للتعهدات التي قدمتها روسيا لـ(المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان) دي ميستورا في جنيف، عن وقف الأعمال القتالية بالغوطة"، مضيفاً أن "الروس ناقضوا أنفسهم، فالقيادة الروسية ورغم علمها التام بأنه ليس هناك أي تواجد لداعش بالغوطة، أصرت على أن النظام يقاتل التنظيم لا المعارضة بالغوطة، ثم أفاد ما يُسمى مركز المصالحة الروسية لاحقاً بأن الوضع المتوتر في حرستا سببه استفزازات أحرار الشام وجبهة النصرة".

وفي وقتٍ قُتل 13 مدنياً وأصيب العشرات جراء قصف جوي روسي على معبرين نهريين بمحافظة دير الزور، فقد استمر منذ مساء الثلاثاء ونهار أمس الأربعاء، قصف قوات النظام السوري على مناطق بالغوطة الشرقية، وطاولت الهجمات مناطق حمورية وحوش الضواهرة وجوبر، وأدت لمقتل ثلاثة مدنيين في بلدة حمورية. وجاء ذلك رغم إعلان وزارة الدفاع الروسية إجراء اتصالات هاتفية مع المعارضة في مناطق خفض التوتر من أجل تأمين هدنة مقترحة، ومتابعة تنفيذها في الغوطة الشرقية.

وقال رئيس "مركز المصالحة الروسي"، اللواء سيرغي كورالينكو، إن "المركز أجرى، خلال الساعات الأخيرة، اتصالات للتأكيد على الالتزام بنظام الهدنة في مناطق خفض التصعيد في حمص والغوطة الشرقية وجنوب سورية"، معتبراً أن "الوضع في محيط مدينة حرستا يبقى متوتراً بسبب الأعمال الاستفزازية من قبل أحرار الشام وجبهة النصرة".



ولم يعلق المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، حتى مساء الأربعاء، على استمرار قصف النظام للغوطة الشرقية، في وقتٍ بدا اليوم الثاني من "جنيف 8" بارداً؛ إذ أكد عضو وفد "الهيئة العليا للمفاوضات" أحمد العسراوي، خلال حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "لم تجر اي اجتماعات حتى عصر الأربعاء"، مرجحاً أن يعقد دي ميستورا اجتماعه الأول مع وفد النظام الذي غاب عن حضور اليوم الأول، بسبب اعتراضه على بيان "الرياض2" متذرعاً بأن بيان المعارضة يفرض شروطاً مسبقة قبل الدخول في العملية التفاوضية، فـ"دمشق ترى في بيان الرياض 2 عودة إلى المربع الأول في المفاوضات، خصوصاً تجاه فرض شروط مسبقة، مثل عبارة سقف المفاوضات رحيل الرئيس بشار الأسد عند بدء المرحلة الانتقالية"، بحسب ما نقلته صحيفة "الوطن" الموالية لنظام الأسد عن مصدر دبلوماسي.

وبحسب الصحيفة نفسها، فإن "الاتصالات بين مكتب المبعوث الأممي لسورية ستيفان دي ميستورا ودمشق وموسكو، نجحت في إقناع دمشق بالمشاركة، بعد ضمانات بألا يتم التطرق بأي شكل من الأشكال إلى بيان الرياض ومضمونه، وألا تكون المفاوضات مباشرة، وأن تتمحور حول السلتين الثانية والثالثة المتعلقتين بالدستور والانتخابات".

ورجحت مصادرُ معارضة حاضرة في جنيف لـ"العربي الجديد"، أن يتم تحديد جدول أعمال واضح لـ"جنيف 8" من قبل دي ميستورا، بعد اجتماعه الأول مع وفد النظام، الذي يرأسه، كما في الجولات السابقة، سفير دمشق الدائم في نيويورك بشار الجعفري.



المصادر ذاتها عبرت عن اعتقادها بأن "لا يتم عقد اجتماعات تفاوض مباشر، بسبب رفض النظام القاطع للفكرة، رغم أن وفد المعارضة يفضل جلسات التفاوض المباشر". وذهبت مصادر النظام أيضاً بالاتجاه ذاته، إذ رجّحت صحيفة "الوطن" أن تختتم جولة "جنيف 8" الجمعة، ناقلة عن "مصادر دبلوماسية" اعتقادها بأن يشهد "جنيف 8" لقاءات مكثفة، بمعدل لقائين كل يوم بين فريق دي ميستورا مع الوفدين، وتهدف إلى تحضير بيئة مناسبة لمفاوضات جدية تناقش أهم البنود التي يمكن اقتراح تعديلها أو استبدالها، والانتخابات البرلمانية التي يمكن أن تجري في ظل دستور جديد.

وبعد تأخر وفد النظام بالوصول إلى جنيف، فإن اليومين الأولين من جولة المفاوضات الحالية بديا باهتين، إذ لم يحصل فيهما أي تقدمٍ على صعيد ملفي التفاوض الأساسيين في هذه الجولة، وهما الانتخابات والدستور، لكن يتوقع أن يشهد ثالث أيام المؤتمر، أي اليوم الخميس، تكثيفاً في الاجتماعات.

وقال نائب رئيس وفد المعارضة السورية إلى محادثات جنيف خالد المحاميد، لـ"العربي الجديد"، أمس، إن "وفد المعارضة يرفض أي شروط مسبقة من جانب وفد النظام لحضور المباحثات". وذكر بيان صحافي صادر عن المتحدث الرسمي باسم الهيئة يحيى العريضي، أنه "لم يعد لدى النظام اليوم حجة بأن المعارضة مشرذمة. نحن متحدون ومستعدون للتفاوض مباشرة مع الطرف الآخر".

واتهم العريضي وفد النظام في مفاوضات جنيف باعتماد أسلوب المماطلة والتأجيل عبر الجولات السابقة، مضيفاً أن "الرسالة إلى الأسد واضحة: اتركوا أعذاركم جانباً، واجلسوا وراء الطاولة وافتحوا الحديث عن الانتقال من الدكتاتورية إلى الحرية".

وكانت مصادر في وفد المعارضة المفاوض ذكرت في وقت سابق لـ"العربي الجديد"، أن "وفد المعارضة لن يتناول ملفي الدستور والانتخابات إلا ضمن انتقال سياسي"، مضيفة أن "لا قيمة لأي تفاوض من دون إنجاز ملف الانتقال السياسي وفق بيان جنيف1 الذي ينص على إنشاء هيئة حكم مشتركة بين المعارضة والنظام كاملة الصلاحيات، مهمتها الإشراف على فترة انتقالية تمتد كحد أقصى 18 شهراً وتنتهي بانتخابات وفق دستور جديد".



المساهمون