الجزائر... زوّر حتى يصدقك الشعب

الجزائر... زوّر حتى يصدقك الشعب

28 نوفمبر 2017
تتعدد أسباب تزوير الانتخابات في الجزائر (العربي الجديد)
+ الخط -
الجزائر هي من البلدان التي ما زالت السلطة فيها تلجأ إلى تزوير الانتخابات بطريقة بائسة، لا تعبّر فقط عن ضيق الأفق السياسي في البلد، لكنها تقتل ما تبقى من إيمان المؤمنين بأن الانتخابات يمكن أن تكون سبيلاً للتغير السياسي.
انشق محمد يوسفي من حزب إخوان الجزائر المعارض، وانضم إلى حزب جديد موال للسلطة، لكن يوسفي ليس سوى واحد من آلاف الشباب الجزائريين الذين ظلوا حتى آخر لحظة مقتنعين بأن الانتخابات يمكن أن تكون سبيلاً للتغيير والمشاركة، قبل أن يكتشفوا أنهم يشاركون في مسرحية فيها الكثير من الخروج عن النص والإبهار الكاذب في الديكور، والكثير من المغالطات والمخرجات المضللة. اكتشف أن من يشارك اللص شريك في الجريمة أيضاً. بين مايو/أيار 2017 ونوفمبر/تشرين الثاني 2017 برهة من الزمن السياسي. في مايو/أيار الماضي كان محمد يوسفي القادم من رمل الصحراء يجوب الأزقة والشوارع في مدينة الرئيس بوتفليقة،  تلمسان، لدعوة الشباب إلى المشاركة في الفعل السياسي والانتخابات. وفي نوفمبر/تشرين الثاني الحالي عدل محمد عن ذلك بعدما صدمته آلة التزوير الانتخابي، واطلع على أن السلطة لا تفرق في تزوير الوقائع بين حبيب وربيب، فناشد الشباب الاستقالة السياسية قائلاً: "علينا أن نستقيل من الحياة السياسية ونستقيل من وطنيتنا ونستقيل من عقلنا ونستقيل من التطلع للمستقبل، فالحاضر سرق منا والمستقبل اختفى. علينا أن نستقيل من الاستقالة في حد ذاتها، إننا مستعمرون من عدو مبهم الهوية عديم الوطنية فاقد الشرعية شعاره البلطجية".

محمد ليس وحده الذي أعطبه تزوير الانتخابات عن الاستمرار في تصديق السلطة، وقد كان متحمساً لها. كثيرون قرروا تمزيق بطاقة الناخب ما دامت أوراق الانتخابات وأصواتهم يتغير لونها في الغرف المظلمة ودهاليز الأجهزة الغامضة بغرابة. ومن غرائب الانتخابات في الجزائر أن يشكو حزب الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، أي جبهة التحرير الوطني، الذي يزعم أنه حزب الدولة، من التزوير، ويشكو حزب رئيس الحكومة، التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يقود الحكومة، من التزوير، ويشكو حزب المقاولين ورجال الأعمال من التزوير. وإذا كانت أحزاب الدولة والحكومة والمقاولين تشكو من التزوير، فماذا تبقى في جرة الشكوى لأحزاب المعارضة، التي طحنها التزوير. تدين السلطة في الجزائر بمقولات الهتلري غوبلز وتفعل بها، زَوّر وزَوّر حتى يصدقك الشعب، ثم زور وزور حتى تصدق نفسك. ثمة تغير في وظيفة تزوير الانتخابات في الجزائر، من أداة لاختلاس الأصوات وإقصاء الخيار الشعبي إلى وسيلة للتطبيع مع  الفساد السياسي، وتلك مصيبة من مصائب الجزائر التي لا تنتهي.