سياسة بلا مبادئ

سياسة بلا مبادئ

27 نوفمبر 2017
عاد الرياحي لحضن وثيقة قرطاج بعدما غادر للمعارضة(أحمد زغي/الأناضول)
+ الخط -

يتفرج التونسيون على مشهد سياسي غريب، لا تحكمه مبادئ واضحة وانتماءات ثابتة، ولا يدوم فيه الانتماء إلى جهة سياسية أو خيار واضح أكثر من بضعة أشهر بحسب ما تقتضيه المصلحة.
ومع ما برز منذ انتخاب المجلس التأسيسي، قبل البرلمان الحالي، وما أطلق عليه التونسيون مصطلحاً جديداً وقتها لم تعهده قواميس السياسة، "السياحة الحزبية"، نسبة إلى تنقّل نواب من هذه الكتلة إلى تلك، يتواصل المشهد تقريباً بالحدة نفسها أو ربما أكثر، وسط استغراب المتابعين وعموم التونسيين، لحالات تتكرر من أغلب الأحزاب والشخصيات السياسية. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة، لعل أبرزها عودة "الاتحاد الوطني الحر" ورئيسه سليم الرياحي إلى حضن وثيقة قرطاج، بعد أن أعلن عن تمزيقها في ندوة صحافية شهيرة وانضمامه للمعارضة. ولكنه اليوم يعود إليها وإلى "نداء تونس" و"النهضة"، وهو الذي قال منذ أشهر قليلة إنّ الجبهة المعارضة التي انضم إليها وقتها "هدفها إنقاذ تونس من عائلتي الشيخين" في إشارة إلى الرئيس الباجي قائد السبسي ورئيس حركة "النهضة" راشد الغنوشي، فيما خرج، أول من أمس السبت، يدافع بكل قواه عن "النهضة"، منتظراً أن يصدقه التونسيون.

ولكن العيب ليس في الرياحي وحده، وإنما في "النهضة" و"النداء"، اللذين قبلا هذه العودة، وهي ليست الوحيدة، فقبل يومين أعلن النائب عبد العزيز القطي، أحد أبرز القياديين السابقين في "نداء تونس" عن عودته للحزب، بعدما كان يعتبر عند خروجه أن حافظ قائد السبسي هو السبب الرئيسي للخلافات داخل الحزب.

والأمثلة الأخرى كثيرة ومتعددة، فحزب "آفاق تونس" يصر على انتمائه لوثيقة قرطاج وحكومة الوحدة الوطنية، ولكنه في المقابل يهاجم أهم مكوّناتها، "النهضة" و"النداء". وكذلك الحزب "الجمهوري"، الذي يصر على بقائه في الوثيقة ويغادر الحكومة. بينما يهاجم السبسي الابن حزباً آخر من الوثيقة، "المسار"، ويعتبر أن قيادته حوّلت حزبها إلى نادٍ مغلق يقوده متقاعدون، أولويتهم استهداف "النداء" وشتم حافظ قائد السبسي، ولا شجاعة لهم لمغادرة الحكومة. والمشهد على هذه الشاكلة منذ سنوات، والتونسيون يتفرجون على سياسة بلا أخلاق وبلا مبادئ، وبعد ذلك يتساءل سياسيونا لماذا فَقَد المواطن ثقته في الأحزاب.

المساهمون