"وول ستريت": بن سلمان يقايض الحقوق الاجتماعية بالحريات السياسية

"وول ستريت جورنال" عن معادلة بن سلمان: مقايضة الحريات السياسية بالحقوق الاجتماعية

24 نوفمبر 2017
مقايضة لحقوق لا ينبغي لها أن تُجتزأ (فرانس برس)
+ الخط -
في تقريره على موقع صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، يرصد الصحافي المتخصّص بشؤون الشرق الأوسط، ياروسلاف تروجيموف، المعادلة الجديدة التي يخطّها اليوم وليّ العهد السعودي، محمد بن سلمان، في طريقه نحو العرش: حقوق اجتماعية أكثر مقابل حريّات سياسية مقيّدة وربّما معدومة تمامًا.

تلك المعادلة، التي تسود اليوم أنظمة شمولية كثيرة في المنطقة، وتحصر عمليّات "التحديث" ذات الطابع "المعولم" في القطاعات الاجتماعية والاقتصادية فحسب، وتحجبها عن أصحاب الرأي والناشطين السياسيين، يصفها الكاتب بـ"المقايضة" التي يغري بها الأمير الشاب كثيرًا من نظرائه الشباب السعوديين.

ويكتب تروجيموف أن بن سلمان، في حقيقة الأمر، "يوسّع الحريات الاجتماعية مقابل إغلاق باب الحريّات السياسية المحدودة التي كانت قائمة في المملكة السعودية". تلك الحرّيات، على الرغم من الفكر المحافظ والتفسير الصارم للإسلام الذي رعته المملكة على مدار العقود الماضية، ظلّت قائمة ضمن حدود معيّنة حتى حلول هذا العام، وفق تقييم الكاتب، وتحديدًا حتى ظهور بن سلمان الذي "انتهت معه تلك الحقبة في ظلّ تحرّكاته الحالية لتوطيد سلطته في طريق خلافة والده".


ويقدّر كاتب الصحيفة أنّه بعد حملات الاعتقال التي أعقبت صعود بن سلمان، وتحديدًا الاعتقالات الأخيرة التي طاولت المئات من أفراد العائلة الحاكمة ورجال الأعمال النافذين، أصبحت "قلّة من السعوديين هذه الأيام تجرؤ على انتقاد النظام الجديد، حتّى في السر".

وتعقّب الأستاذة الزائرة في كلية الاقتصاد في لندن، مضاوي الرشيد، على ذلك قائلة للصحيفة: "الاعتقالات خلقت أجواء خوف، لمنع الناس من مناقشة ما يجري في البلاد".



أمّا مؤيّدو بن سلمان، فيجادلون بأن تلك المقاربة مطلوبة لتفكيك قوّة المحافظين المتدينين، كما يقول الكاتب، ولإتمام العملية التحوّلية في المملكة بينما اقتصادها غير قادر على مواكبة عدد الشباب المتنامي.

ويعلّق سعيد الشهابي، المدير التنفيذي لـ"مؤسسة العربية"، وهي من معاهد البحث والتفكير التي تعمل لصالح الحكومة السعودية في واشنطن، قائلًا: "إنه يتخطّى تغييرًا هيكليًّا عميقًا كان ينبغي إنجازه سريعًا، ولا وقت للتوصّل إلى توافق حوله"، معتبرًا أن ذلك "ثمن ضئيل ينبغي دفعه لإجراء جراحة عميقة كان يجب إجراؤها في السنوات الـ20-30 الماضية. (بن سلمان) لديه التصور الصحيح لما يجب أن تكون عليه السعودية، وتحتاج إلى دكتاتوريّة خيّرة للقيام بذلك".

وعلاوة على الهيئات واللجان الكثيرة التي تشكّلت مع صعود بن سلمان، ثمّة اليوم أيضًا ما يسمّى بـ"هيئة الترفيه العامة"، وهي هيئة يبدو أنّها صمّمت لتكريس تلك المعادلة التي يتحدّث عنها الكاتب في المقدمة، أو بمعنى آخر، ترويج المتعة لإلهاء العامة عن معارك سياسية، داخلية وخارجية، ستندلع قريبًا في ساحة العرش. وعلى ذمّة كاتب التقرير، فإن من بين فئة الشباب، وهم المشكّلون لغالبية سكّان المملكة، "ثمّة قلّة ترثي مصائب النخب القديمة"، بينما الغالبية منهم تهتف مبتهجة لتلك التغييرات: "في حياتهم، رغم كل شيء، الحريات الاجتماعية الجديدة أكثر أهمّية من الفضاء السياسي المتقلّص"، وفق تعبير الكاتب.

أمّا سعيد السديري، نائب مدير "ديراب بارك" الشهير على مشارف العاصمة الرياض، فلا يبدي دهشة كبيرة إزاء تلك التغييرات التي تجرف معها كلّ شيء، ولا تعطي الوقت لالتقاط الأنفاس والتفكير في تبعاتها. يقول: "قبل ثلاث أو أربع سنوات اعتقدنا أننا سنشهد نوعًا من المقاومة، لكن ذلك لم يحدث، المجتمع ليس محافظًا بالقدر الذي كنّا كنا نعتقد".