العبيدية الفلسطينية: آلاف الدونمات بعهدة السلطة

العبيدية الفلسطينية: آلاف الدونمات بعهدة السلطة

25 نوفمبر 2017
دير مار سابا معني بالأراضي (عصام ريماوي/الأناضول)
+ الخط -

في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فوجئ أهالي بلدة العبيدية شرقي مدينة بيت لحم، جنوب الضفة الغربية المحتلة، بجداول حقوق علّقتها دائرة تسوية الأراضي الفلسطينية، بضمّ نحو 9782 دونماً (الدونم ألف متر) من أراضيهم الواقعة في الجهة الشرقية لبلدة العبيدية لصالح خزينة الدولة، باعتبارها أملاكاً حكومية في أراضٍ صحراوية بعيدة عن الامتداد السكاني. وسعى أصحاب تلك الأراضي للاستفسار عن السبب الذي جعل السلطة الفلسطينية تستملك أراضيهم وتضمّها إلى خزينة الدولة رغم ملكيتهم الخاصة لها. الأراضي المعنية واقعة في محيط منطقة دير مار سابا التاريخي، الواقع على الأطراف الشرقية من العبيدية، واعتبرت السلطة أن "تسجيلها ضمن ملكية الدولة، يعد حماية لها من خطر التسريب، وحفاظاً على هويتها الفلسطينية، وفق تقديرات دائرة تسوية الأراضي الفلسطينية". وبحسب هيئة تسوية الأراضي، فإن "ما تمّ ضمه لخزينة الدولة، لا يوجد به أوراق إثبات ملكية، ولا إخراج قيود، وهي أراضٍ صحراوية، وغير مستصلحة، وغير مزروعة، وهي بالأساس أراضٍ حكومية".

أما أهالي بلدة العبيدية، فأفادوا، على لسان منسق لجنة أصحاب الأراضي في البلدة، محمد ردايدة، لـ"العربي الجديد"، أنه "تمّت تسوية نحو 12500 دونم من أراضي البلدة في الجهة الشرقية، وتمّ اقتطاع حوالي 9782 دونماً منها لصالح خزينة الدولة، وهذه الأراضي ليست مشاعاً، ومملوكة بإخراج قيود ممنوحة من الحكومة الأردنية في الأعوام 1956 و1957 و1958". ووفق ردايدة، فإن "سبب ضمّ تلك الأراضي لخزينة الدولة غير معروف حتى الآن، لكن تلك الأراضي فيها إخراج قيود، وأوراق مالية، ومستخدمة منذ أكثر من 300 عام من قبل أصحابها، ويتم العمل فيها، وحراثتها، والعيش فيها، وهي ليست مشاعا أبداً".

وأضاف أنه "لم يسبق أن كانت تلك الأراضي التي تم ضمّها في العبيدية، تتبع لأي دولة، لا في زمن الحكم الأردني للضفة الغربية ولا الانتداب البريطاني على فلسطين، ولا حتى الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين التاريخية، وإنما هي ملكية خاصة كان يستخدمها الأجداد والآباء".

"أهالي العبيدية مصرّون على التمسك بأرضهم، ومهما كانت النتيجة فلن يتم التخلي عن تلك الأرض، ولن يتم السماح لأي شخص كان بالدخول إليها ووراثتها، وأن الصراع الحالي سيكون من الناحية القانونية التي حددتها دائرة تسوية الأراضي"، وفقاً لردايدة. وأشار إلى أنه "يتم جمع كافة الأوراق الثبوتية لتسجيل اعتراضات على تلك القرارات، وعندما ينتهي الجانب القانوني سيكون هناك العديد من الفعاليات الاحتجاجية داخل تلك الأراضي".

النزاع الحالي مستمر أيضاً في أروقة بلدية العبيدية، فثمة اجتماعات متواصلة هناك، ومراسلات مع رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمدالله، ومناشدات أطلقتها البلدية للرئيس الفلسطيني محمود عباس، وثمة جلسة قريبة خلال الأيام المقبلة معه لبحث القضية.

ومساحة بلدة العبيدية ضمن المخطط الهيكلي للبلدية هي ستة آلاف دونم، وما تم ضمه هو 9782 دونماً، أي أكبر من مساحة البلدة، علماً أن البلدية مصرّة على أن الأراضي التي تم ضمّها هي امتداد طبيعي لبلدة العبيدية، وملكية خاصة، ولا يحق لأي جهة كانت التصرف بها.



والأراضي المقتطعة واقعة ضمن الأراضي المصنّفة بحسب اتفاقية "أوسلو" بتصنيف (سي)، وهي الأراضي الأكثر تهديداً بمصادرة الاحتلال الإسرائيلي لها. وشدّد ردايدة على أن "أخذها من المواطنين وضمها لخزينة الدولة، هو خطر عليها".

مع العلم أن الاحتلال حاول مصادرة أجزاء من البلدة في عام 1982، لكنه فشل في ذلك بسبب ملكية الأصحاب لها، والإخراجات القانونية، والأوراق الثبوتية، واستخدام أصحابها لها، ما جعلها محمية طيلة تلك السنوات. وبلدة العبيدية، هي البوابة الجنوبية لمدينة القدس المحتلة، وغير محاطة بالمستوطنات من جميع الجهات، كما تمسّك أصحابها بأراضيهم.

بدورها، أفادت هيئة تسوية الأراضي بأن "الأراضي المقتطعة هي بالأساس حكومية، ولم يتم تسجيل أي دونم مملوك لأصحابه، وأن عملية التسجيل هي قرار تمهيدي خاضع للاعتراض أمام قاضي التسوية لفترة تصل إلى 30 يوماً، ويمكن لأي شخص يرى أن له الحق في تلك الأراضي أن يتوجه للقضاء". وأفاد رئيس هيئة تسوية الأراضي الفلسطينية، موسى شكارنة، لـ"العربي الجديد"، بأن "ما تم تسويته بلغ 12500 دونم، 300 دونم منها ذهبت ضمن أراضي دير مار سابا، و9000 دونم للدولة، بينما تم تسجيل 3000 دونم باسم أراضي العبيدية".

ونوّه شكارنة إلى أن "الأهالي يتحدثون عن إخراج قيود وملكية في تلك الأراضي، لذا فإن بإمكانهم الاعتراض على عملية التسوية كونه قراراً تمهيدياً"، لافتاً إلى أن "المنطقة التي سُجّلت باسم الدولة هي صحراوية وغير مستخدمة، والذي يوجد فيه إخراج قيد تم تسجيله باسم أصحابه". ووفقاً له، فإن "ثمة قاضيا خاصا بتسوية الأراضي، وكل شخص يمكنه التوجه للقضاء، والقاضي سوف يصدر حكمه". وأوضح أن "عملية تسوية الأراضي تلك هي عملية إجرائية قانونية طويلة، خضعت لعمليات المسح والدراسة، وتم استقبال كافة ادعاءات المواطنين، وكل شخص قدّم ادعاءً أو اعتراضاً، تمّت دراسته من قبل قانونيين مختصين".

ولفت شكارنة إلى أن "تلك الأراضي هي بالأساس أراضٍ للدولة، وأن ثمة مشكلة تعود لعام 1943، حين منحت حكومة الانتداب البريطاني ملكية تلك الأراضي لدير مار سابا، في دائرة نصف قطرها كيلومترين، ابتداء من مركز الدير". وقال: "نحن سنحفظ حق الدولة، نتيجة ما يقال عن التسريبات، لذا ارتأينا أن نسجلها باسم أملاك الدولة، ولم نسجل للدير سوى 300 متر".