اليوتيوبر الجزائري

اليوتيوبر الجزائري

23 نوفمبر 2017
من فيديو "راني زعفان" (العربي الجديد)
+ الخط -
ما تحصده فيديوهات شباب "اليوتيوبر" (YouTuber)، في إنتاجاتهم الفنية الناقدة للسلطة والكاشفة للأوضاع الاجتماعية والسياسية والساخرة من رجالات الحكم ومن البرلمان والأحزاب والانتخابات في الجزائر، من اهتمام ومتابعة وما تثيره من نقاش، لا يحصده أي  فاعل سياسي أو رسمي في الجزائر، سلطة وأحزاباً.

ثمة سؤال جدير بالحفر في مسافاته القصوى، عن التفسيرات الممكنة لتحول "اليوتيوبر" إلى أكبر حزب سياسي غير منتظم في الجزائر، ولانحياز فئات كبيرة من المجتمع لتأييد مواقف هؤلاء الشباب المتضمنة في هذه الفيديوهات وفي قوالب فنية تقترب شكلاً ومضموناً من يوميات الجزائري، في المركز الحضري أو في الهامش الاجتماعي، والتصويت افتراضياً لصالحهم، إذ يحصد بعضهم أكثر من 6 ملايين مشاهدة.

إذا اعتبرنا هذا الكم من المشاهدة، أو جزءاً منه على الأقل، تصويتاً لصالح الموقف السياسي الذي يعبّر عنه فنياً شباب "اليوتيوبر"، وإمساكاً من الفئات الشعبية بلحظة تَمَثُل واقعها المعطوب، فلماذا تخسر المعارضة الاستحقاقات الانتخابية في الجزائر، وهي التي تقول النقد نفسه إزاء السلطة والمآلات التي انتهت اليها البلد، وربما أكثر حدية مما يقوله شباب "اليوتوبور" الناقمون على الحكومة، ولماذا لا تحصل على أصوات الناخبين الناقمين أيضاً.

في المطلق هناك حديث مزمن عن تزوير الانتخابات في الجزائر والتلاعب بنتائجها، وهو أقرب إلى الواقع والحقيقة بإقرار مسؤولين سابقين أشرفوا على الانتخابات. يخصم التزوير من رصيد المعارضة من الأصوات في الانتخابات، ويعطب تقدمها إلى ساحة القرار ويغلق كل أفق لها، تماماً كما كانت السلطة تغلق الصحف والدعامات الإعلامية المعترضة ، لكن شباب "اليوتيوبر" وجد الحل وقفز أعلى من سور السلطة، وخارج مناطق نفوذها، وبأدوات معولمة لا تملك إلى صدها سبيلاً.

في الجزائر الآن مقاومة أخرى وبأشكال غير التي كانت، كلما أقفلت السلطة نوافذ الفعل السياسي وقلّصت مساحات الاعتراض واستعادت النضال الميداني، وحاولت ربح مساحات إضافية لسطوتها، وجدت في صدها جيلاً منفلتاً من الرقابة، ومتعففاً عن أي خدمة من حكومة. جيل كهذا لا يطلب ترخيصاً لإنشاء صحيفة لكنه ينشىء لحسابه الخاص صحيفة في عالم افتراضي لا قبل للسلطة به، ولا يطلب اعتماداً لإنشاء قناة تحتاج إلى مقر ومعدات وصحافيين وكوادر فنية، لكنه أنشأ قناته الخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي المنفلتة من يد الرقابة. وهكذا جيل متمرد ومتدرب على البوح، ستتعب معه السلطة أكثر من أي جيل سابق.

في مايو/أيار الماضي سخّرت الدولة قادة أحزاب وزراء للرد على فيديو "ما نسوطيش" الذي أنتجه شاب من "اليوتيوبر"، لتحريض الجزائريين على عدم التصويت، وعشية انتخابات البلدية، ردت الحكومة عبر وزير الاتصال وقادة أحزابها وفاعليها الموالين على فيديو "راني زعفان" (أنا غاضب) الذي أنتجه "يوتيوبر" آخر، هنا تصبح الصورة غير مستوية، عندما تتحفز حكومة النفط المهدور ضد "يوتيوبر" ومقطع فيديو.

  

 

دلالات