معركة استخبارية لبغداد ضد "داعش": المال والمصالحة أبرز ملامحها

معركة استخبارية لبغداد ضد "داعش": المال والمصالحة أبرز ملامحها

17 نوفمبر 2017
الشرطة العراقية أساس في تأمين الخطة (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

أنجزت الحكومة العراقية منذ أيام خطة واسعة للتعامل مع مرحلة ما بعد إنهاء سيطرة تنظيم "داعش" على المدن، وهي مرحلة أبدى كل من الحكومة والشارع خشيتهما منها على حد سواء، لناحية العمليات الانتقامية والهجمات الانتحارية، والتي توعّد بها التنظيم، في ظلّ المخاطر من احتمال إحداث فتنة طائفية جديدة بالبلاد. وساهمت الولايات المتحدة وبريطانيا في جانب من الخطة، عبر دعم القوات العراقية المتمثلة بوحدات الجيش وجهاز الاستخبارات وجهاز مكافحة الإرهاب، فضلاً عن الشرطة المحلية، وفقاً لمصادر حكومية وعسكرية تحدثت لـ"العربي الجديد"، وأكدت أنه "تمّ رصد 100 مليون دولار للخطة القائمة على مراحل عدة، وتهدف بالنهاية لتحجيم خطر التنظيم وإحباط الهجمات قبل وقوعها، والعودة إلى تفعيل نظام المكافآت المالية للمواطنين الذين يبلغون عن العمليات الإرهابية أو المطلوبين". ومن المقرر مشاركة الأردن في عمليات تدريب مكثفة لضباط عراقيين مطلع شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل وفقاً للمصادر ذاتها.

في هذا السياق، أكّدت مصادر عسكرية وأخرى في جهاز الأمن العراقي، أن "أكثر من ثلث أفراد التنظيم تمكّنوا من النجاة والفرار من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها في العراق، تحديداً شمال البلاد وغربها، وتفرقوا في مناطق عدة. وبينهم من توجّه إلى الصحراء، حيث كانوا قبل عام 2014، ومنهم من اندمج بين السكان، من دون أن يتم التعرف عليهم كخلايا نائمة وجيوب مسلحة تعمل وفقاً لما يعرف بـ(الخلايا الخيطية) التي تتسلّم أوامرها من أشخاص يعرفون بمسؤولي الاتصال داخل داعش. وهو الأسلوب نفسه الذي اتّبعه تنظيم القاعدة بالعراق بعد عام 2007 وشهدت البلاد هجمات دامية راح ضحيتها آلاف المدنيين".

وأفاد مسؤول عراقي بارز لـ"العربي الجديد" بأن "مجلس الأمن الوطني برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي، انتهى من إقرار الخطة الأمنية لمواجهة خطر داعش بعد انتهاء مرحلة المواجهة المباشرة معه في المدن والبلدات". وأضاف أنه "تم رصد 100 مليون دولار للخطة التي سيتم من خلالها تأسيس جهاز استخبارات قوي وفعّال، قادر على استشعار الهجمات الإرهابية قبل وقوعها عبر عمليات التدريب والتأهيل البشري واستيراد الأجهزة والأسلحة لذلك، وتفعيل التعاون مع المواطنين الذين تعاونوا بالسابق مع القوات الأمنية إبّان سيطرة داعش على مدنهم".

وأضاف المسؤول أن "الخطة تقوم أيضاً على مصالحة حقيقية في العراق على إنهاء التمييز الطائفي والعنصري وإعادة السكان إلى منازلهم، وسحب المليشيات من المدن وتسليم الملف الأمني للشرطة وترك الجيش على حدود المدن ووضع برنامج للتوازن الطائفي داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، وكل الوزارات وفق النسب السكانية بحسب ما أقرّه الدستور".

ورجّح أن "تتم خطوات أخرى مثل تقديم أسماء بارزة في بغداد للقضاء بتهم الفساد والتسبب بدخول داعش للعراق، من بينهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وعدد من مساعديه". ولفت إلى أن "الولايات المتحدة وبريطانيا تدعمان الخطة لوجستياً وأمنياً وفضّلتا التبكير في تطبيقها بسبب خطورة المرحلة التي سيقدم عليها العراق".



وتضمنت الخطة المقرة من بغداد عقبات عدة قد تحول دون نجاحها بشكل كامل، خصوصاً في ملف سحب المليشيات من المدن، ووقف الاعتقالات العشوائية وإعادة النازحين لمنازلهم. وهو ما سيتطلب جهداً سياسياً كبيراً من قبل الحكومة، مع بقاء 6 أشهر فقط على نهاية عهده، في وقتٍ تحتاج الخطة لعامين على الأقلّ من أجل التنفيذ.

وحول ذلك، أفاد عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان حامد المطلك بأن "المرحلة المقبلة يمكن أن ينجح العراق في تجاوزها من خلال برنامج مصالحة حقيقي يوحّد جميع العراقيين ويضعهم على درجة واحدة من المسؤولية ويوقف التمييز والتهميش الذي يعتبر حاضنة خصبة للإرهاب". ووصف في حديث لـ"العربي الجديد" المرحلة المقبلة بأنها "تحتاج إلى تعاون من الجميع من دون استثناء للقضاء على الإرهاب وطيّ ملفه نهائياً وإلى غير رجعة".

من جهته، اعتبر القيادي في جبهة الحراك العراقية، محمد المشهداني، أن "الاعتماد على سكان المدن المحررة الشمالية والغربية والتعاون معهم كفيل بإنجاح أي خطة أمنية في المرحلة المقبلة لكن هذا يعتمد بجزء كبير على ما ستبادر به الحكومة من إصلاحات سياسية وأمنية واقتصادية بمناطقهم". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"؛ "بصراحة فإن العراقيين السنّة أكثر من تضرر من داعش والقاعدة من قبله، لكن حتى الآن لم تصل حكومة قادرة على فهم طبيعة المجتمع والتخلي عن فكرة الإذلال والتمييز والتعامل الطبقي والطائفي. والآن إذا شعروا بصدق التعامل في المرحلة المقبلة فهو كفيل بالقضاء على الإرهاب تماماً من دون الحاجة لكثير من الجهد والوقت".

من جهته، أكد المقدم غزوان اللهيبي، من الشرطة المحلية في بغداد، أنّ "الشرطة المحلية سيكون لها الدور الأبرز في توفير قاعدة البيانات للمواطنين". وقال اللهيبي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "متابعة خلايا داعش وأتباعه، ستكون من أولويات عملنا خلال المرحلة الحالية، وقد بدأنا بالفعل التعاون مع الأجهزة الاستخبارية ووضع الخطط الكفيلة بالقضاء على خيوط أو خلايا التنظيم الإرهابي"، مؤكداً أنّ "هناك تعاوناً كبيراً من قبل المواطنين في هذا المجال". وأشار إلى أنّ "لا حاضنة للتنظيم داخل المدن، إذ إنّ جميع العراقيين يعملون على إنهاء وجوده وفكره. والمعلومات تؤكد أنّ التنظيم لم يلجأ للانتشار والاندماج داخل المدن، عدا الحالات الفردية، لأنه يعلم أنه منبوذ ولا يستطيع دخول المدن، وأنّ جيوبه وخلاياه ستبقى خارجها، وإذا ما دخل بعض من عناصره، فسيكون دورنا هنا بمتابعتهم والقضاء عليهم".


المساهمون