في ذكرى "هبّة تشرين"

في ذكرى "هبّة تشرين"

16 نوفمبر 2017
لا يختلف المناخ السائد اليوم عما كان عليه (الأناضول)
+ الخط -
لا يختلف المناخ السائد في الأردن اليوم عما كان عليه في نوفمبر/ تشرين الثاني 2012، فالانتظار يخيّم على الأيام التي تمضي بقلق نحو كشف ما ستحمله أرقام الموازنة العامة للدولة للسنة المالية المقبلة. في نوفمبر 2012، والذي اصطُلح عليه في تاريخ الحركة الاحتجاجية الأردنية بـ"هبّة تشرين"، فُجع المواطنون بقرار الحكومة رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية والذي لا يزال مطبقاً إلى الآن وسط غموض يحيط آلية التسعير، فيما تنصّلت الحكومة من صرف الدعم النقدي الذي أُقرّ للفقراء ومحدودي الدخل، ليتبيّن أنه لم يكن أكثر من إبر تخدير لتطويق الحركة الاحتجاجية التي فجّرها القرار.

قد لا ينقضي نوفمبر الحالي، إلا وقد حسم مستقبل رغيف الخبز، وسط مؤشرات تؤكد مضي الحكومة في قرارها رفع الدعم عنه، مستخدمة الحيلة ذاتها بتزامن رفع الدعم مع صرف دعم نقدي للفقراء ومحدودي الدخل يعوّضهم عن فرق الأسعار.

وإن كان المناخ السائد مشابهاً بين "تشرينين"، لناحية القلق المسيطر على مشاعر المواطنين، والغضب المعتمل في القلوب تجاه سياسة الإفقار الرسمية، فإن اختلافاً في الظروف الموضوعية يجعل تقدير ردة الفعل أمراً يصعب التكهن في احتمال حدوثها أو مداها. 

هبّ الأردنيون في نوفمبر 2012 وهم في أوج رشاقتهم الاحتجاجية التي اكتسبوها نتيجة انخراطهم في موجة الاحتجاجات المتأثرة بالانتفاضات العربية. حتى الحكومة اتخذت حينها القرار وهي على يقين أنّ الشعب لن يصمت. وضعت في حساباتها أن يصل الاحتجاج سقوفاً غير مسبوقة، وهو ما حدث، لكنه انتهى من دون أن يفرض الشعب كلمته. اليوم، تختلف الأوضاع جوهرياً، فالحركة الاحتجاجية أصبحت ذاكرة يطاولها النسيان، ومضت ذكرى "الهبّة" من دون أن يجري تذكّرها على نطاق واسع، وهي التي يصلح توظيف ذكراها كطلقة تحذيرية للحكومة التي هي أيضاً نسيتها أو تناستها.

يبقى أخطر الفروق بين "تشرينين"، القدرة على التوقّع. ففي تشرين الهبّة، أنجزت الحكومة المهمة الموكلة إليها من صندوق النقد الدولي عبر استراتيجية وضعتها بناءً على توقّعات قدّمت لها مؤشرات، فيما تنجز الحكومة اليوم مهمتها وسط احتمالات يصعب الحكم على مستقبلها.

المساهمون