"ميدل إيست مونيتور": إسرائيل لن تخوض حرب السعودية بلبنان

"ميدل إيست مونيتور": لهذه الأسباب لن تخوض إسرائيل حرب السعودية في لبنان

15 نوفمبر 2017
استقالة الحريري فتحت الباب أمام تكهّنات كبيرة (الأناضول)
+ الخط -
الاستقالة المدوية التي قدّمها رئيس الوزراء اللبناني، سعد الحريري، من السعودية، بلا مقدمات ولا إشارات مسبقة، خلّفت وراءها كثيراً من الشظايا على أكثر من ساحة إقليمية، وتركت الباب مفتوحاً أمام تكهّنات بوقوع أحداث أكبر، من ضمنها، كما رأى بعضهم، حرب إسرائيلية على لبنان، تحديداً ضد "حزب اللهبتنسيق مع السعودية.

غير أنّ معلّق موقع "ميدل إيست مونيتور" البريطاني لا يرى في التعاون السعودي الإسرائيلي على الساحة اللبنانية طرحاً واقعيّاً، فالحجة التي يقدّمها أصحاب هذا الطرح تستند، بالأساس، إلى العلاقة الإسرائيلية التي باتت اليوم أوثق من أي وقت مضى مع الطبقة الحاكمة في السعودية، لا سيما مع النفوذ الإيراني المتنامي في المنطقة.


لكن ما يمكن أن ينطبق على أي مكان آخر، ربّما لا ينطبق على لبنان بالضرورة؛ فبصرف النظر عن احتمال وجود توافق استراتيجي سعودي -إسرائيلي، تبقى للرياض وتل أبيب مواقف ومصالح وسياسات مختلفة جذريّاً في لبنان، وفق رؤية كاتب المقال، الذي يرجّح أيضاً ألا تكون الحرب وشيكة اليوم مع التصعيد الأخير، على الرغم من أنّها تبقى أمراً لا مفرّ منه مستقبلاً.

وعلى النقيض مما ذهبت إليه بعض التحليلات، يرى كاتب المقال أن احتجاز الحريري في الرياض قد فسّر في الغالب على أنه مؤشر على الضعف، ما دام أن هذا الأخير، وهو حليف السعودية الأقوى في لبنان، ظلّ متردّداً في تقديم عطاءات للرياض عبر مواجهة "حزب الله".


ويذهب محلّل آخر أبعد من ذلك، كما ينقل كاتب المقال، حين يرى أن استقالة الحريري، والتفريط بآخر ورقة سعودية في لبنان، تعدّ دليلاً على اليأس. ينبع هذا التحليل من كون أن النفوذ السعودي في لبنان كان مبنيّاً على الطبقة السنية البرجوازية التي تتركّز في المدن الكبرى؛ بيروت وصيدا وطرابلس، قبل أن يذوي اليوم في خضم الهيمنة السياسية لـ"حزب الله" وحلفائه في لبنان.


إلى ذلك، يعتبر الكاتب أن اليأس السعودي يجب أن يفهم في سياق فشل سياسة عمرها سبعون عاماً لبناء نفوذ مستدام في لبنان. ومع هذا، يبقى أن هذا الفشل ليس سبباً كافياً لتحقيق تواؤم في المواقف السعودية والإسرائيلية داخل لبنان؛ أو بمعنى آخر، لا تستطيع السعودية استخدام إسرائيل لضرب "حزب الله".

وعلى الرغم من تضاؤل نفوذها السياسي في لبنان، تبقى للسعودية أدوات سياسية لا يزال بوسعها استخدامها هناك. أما إسرائيل، على النقيض من ذلك، فلا تملك سوى القليل من النفوذ السياسي على الساحة اللبنانية، وبحسب ما يلخّص كاتب المقال؛ فإن موقف إسرائيل وسياساتها تجاه لبنان مشكّلان بالكامل وفقاً لمصالح أمنية صرفة.

وحتى في ما يتعلّق بمسألة "حزب الله"، الذي يعتبره كلا البلدين عدوّاً، تتناقض مواقف الطرفين؛ فبالنسبة إلى السعودية يشكّل "حزب الله" تحدياً سياسيّاً وطائفيّاً بقدر ما يمثّل امتداداً للاستراتيجية الإقليمية الإيرانية؛ بينما ترى إسرائيل في "حزب الله" أخطر تهديد عسكري وأمني عليها، مع قدرة مؤكّدة على زعزعة استقرارها.

ومن حيث إمكانية وجود تنسيق سعودي - إسرائيلي في لبنان، تبقى من المهمّ الملاحظة أن الإسرائيليين لا يبدون في عجلة من أمرهم للقتال من أجل السعودية في لبنان، كما يرى الكاتب، مستطرداً أن إسرائيل، بعيداً عن سياق استقالة الحريري، لا تبدو مستعجلة في كلّ الأحوال على حرب مع "حزب الله"، لمخاوفها من تعزيز قوّة التنظيم، كما فعلت بعد حرب يوليو/ تموز 2006.


ويسوق الكاتب ثلاثة عوامل تتعارض مع هجوم إسرائيلي جديد في لبنان؛ أولًا الزخم الاستراتيجي الذي يتمتّع به "حزب الله" حاليًّا، كما يظهر من تدخّله في سورية بطلب من إيران؛ وثانياً أن الجغرافيا العملياتية مزدحمة جدّاً، مع تدخّل روسيا والولايات المتّحدة بدورهما في سورية أيضاً، وثالثًا أن إسرائيل تفضل ضرب لبنان في وقت تكون فيه النخب اللبنانية أقلّ توحّداً، وحاليّاً ثمّة درجة منخفضة نسبيّاً من الخلاف السياسي في لبنان مع التحرك السعودي العنيف ضدّه.