مشروع عودة القوات الكردية إلى كركوك بعنوان تدهور الأمن

مشروع عودة القوات الكردية إلى كركوك بعنوان تدهور الأمن

14 نوفمبر 2017
تتكرر التفجيرات الانتحارية في كركوك (علي مكارم غريب/الأناضول)
+ الخط -
مع تكرار الاعتداءات الإرهابية والهجمات المتفرقة في محافظة كركوك، خلال الأسبوعين الأخيرين، والتي راح ضحيتها نحو 50 قتيلاً وجريحاً، وكان أبرزها تفجيرين انتحاريين وسط المدينة، تسعى جهات كردية إلى استغلال ذلك للعمل على إعادة قواتها الأمنية (الأسايش) إلى المحافظة، والتي تم إخراجها بعد سيطرة القوات العراقية عليها، كونها على دراية بتفاصيل وطبيعة المحافظة أكثر من غيرها من القوات، وسط رفض عربي وتركماني لهذا المقترح. وقال مسؤول سياسي مطلع، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "حزب الطالباني (الاتحاد الوطني الكردستاني) استغل الأزمة الأمنية في كركوك، وعدم قدرة القوات العراقية على فرض السيطرة عليها، لأجل إعادة قوات الأسايش الكردية من جديد"، مبيناً أنّ "الحزب يمارس ضغوطاً سياسية على العبادي، محاولا إقناعه بقبول عودة تلك القوات".

ولفت السياسي نفسه إلى أن حزب الاتحاد يسعى لاسترداد شيء مما فقده من شعبيته بعد صفقة استعادة بغداد لكركوك باتفاق بين بافل الطالباني وقاسم سليماني ورئيس الحكومة حيدر العبادي حيث انسحبت قوات البشمركة التابعة لحزب الاتحاد من أسوار المدينة بلا قتال بشكل أسفر عن استرداد بغداد لكركوك في ساعات معدودة. وأوضح المسؤول السياسي أنّ "العبادي لم يرفض هذا المقترح، خصوصاً أنّ الأسايش لديها خبرة كبيرة بإدارة الملف الأمني لكركوك، وهي أعلم بتفاصيل المحافظة وجغرافيتها ولديها قاعدة بيانات حول أهالي المحافظة". ولفت إلى أن "المقترح ينص على أن تعمل الأسايش بالتنسيق مع القوات الاتحادية، وأن يكون انتشارها محدوداً بأعداد يحددها رئيس الحكومة بنفسه".

وأكد السياسي العراقي أنّ "العبادي يدرس حالياً المقترح، وأنه من المتوقع أن يوافق عليه، خصوصاً بعد أن وافق رسمياً على مقترح إرسال قوات الفوج الرئاسي الكردية التابعة لرئيس الجمهورية فؤاد معصوم، إلى بلدة الطوز القريبة من كركوك، والتابعة لمحافظة صلاح الدين". وأشار إلى "قرب وصول تلك القوات إلى الطوز، خلال الأيام القليلة المقبلة، وأنها ستباشر عملها حال اكتمال العدد، وقد أعدت خططاً متكاملة لإدارة الملف الأمني في البلدة". وأضاف أنّ "تلك القوات ستعمل مع القوات الاتحادية وبالتنسيق معها".

وتنتشر في كركوك قوات جهاز مكافحة الإرهاب، بأمر من رئيس الحكومة حيدر العبادي، الذي وجه في وقت سابق بانسحاب مليشيات الحشد الشعبي من المحافظة بعد تورطها في انتهاكات وأعمال سلب وسطو مسلح على منازل الأكراد.

وتتخوف مكونات محافظة كركوك من عودة قوات الأسايش إليها، معتبرين أنّ ذلك لا يصب بصالح أمن المحافظة، ومطالبين بتشكيل قوات مشتركة خاصة تعمل بالتنسيق مع القوات الاتحادية لتأمين المحافظة. وقالت الهيئة التنسيقية للتركمان في العراق، في بيان صحافي، إنّها "ترفض قدوم أي قوات كردية إلى كركوك، لأنها ستكون سبباً في عودة الفتنة لهذه المناطق بين الأكراد والتركمان".

من جهته، لفت عضو الكتلة العربية في كركوك، محمد العبيدي، إلى أنّ "المكون العربي يرفض عودة الأسايش إلى محافظة كركوك"، مؤكداً خلال حديثه مع "العربي الجديد"، أنّ "الأسايش كانوا من قبل يسيطرون على الملف الأمني في كركوك، وأنّ العرب والتركمان تعرضوا في ذلك الوقت إلى انتهاكات عديدة ومعروفة وتم تقييدها في المراكز الأمنية". وذكر أنّ "الأهالي لا يزالون يعانون من تداعيات تلك الانتهاكات حتى الآن، إذ إنّ أغلب عمليات التهجير التي طاولت العوائل العربية من مناطق كركوك، كانت بشكل مباشر وغير مباشر من قبل تلك القوات، وبإشرافها، ولم تعمل في يوم من الأيام على كشف أو إجراء تحقيق مع الجهات المتورطة بتلك الانتهاكات"، على حد قوله.

وأشار العبيدي إلى أنّ "موضوع الخبرة في الملف الأمني وفي جغرافية كركوك لا يعني شيئاً مقابل المهنية في العمل وأداء الواجب، إذ إنّ القوات الكردية لم تعمل طوال الفترة الماضية بمهنية، فكيف نتوقع مهنيتها اليوم؟". ودعا الحكومة ورئيسها حيدر العبادي إلى "رفض كل المطالبات والضغوطات لإرجاع الأسايش الى كركوك، وعدم المساومة على الملف الأمني للمحافظة".

وعلى الرغم من الخبرة الكبيرة التي أثبتتها قوات مكافحة الإرهاب، في الحرب ضدّ الإرهاب، إلّا أنها لم تستطع فرض الأمن في كركوك.

ووفقاً لمراقبين، فإنّ خبرة الجهاز تكمن في القتال في الجبهات وحرب الشوارع، وليس في ملفات أمن داخل المدن. وقال الخبير الأمني غالب العيداني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "قوات مكافحة الإرهاب لم تنجح بفرض الأمن في كركوك، وأنّ الملف الأمني يختلف جملة وتفصيلاً عن القتال في الجبهات، الأمر الذي أظهر عجزاً واضحاً لتلك القوات في هذا الملف، وخصوصاً أنها لم تتلق أي تدريب على فرض الأمن داخل المدن". ورجّح أن "يعيد العبادي قوات الأسايش، ويجعلها تعمل بالتنسيق والتعاون مع القوات الاتحادية، خصوصاً أنّ الوقت غير كاف لتشكيل أي قوة جديدة مشتركة من مكونات كركوك، بحسب ما طالبت به تلك المكونات".

المساهمون