عودة "داعش" تؤرق أهالي سرت الليبية

عودة "داعش" تؤرق أهالي سرت الليبية

12 نوفمبر 2017
دمار كبير في المدينة (فرانس برس)
+ الخط -

لا يزال شبح عودة تنظيم "داعش" يسيطر على مدينة سرت الليبية وأهلها، بعد قرابة العام من طرد التنظيم من المدينة التي اتخذها معقلاً له، في ظل استمرار تهميش سرت من السلطات والمخاوف من وجود خلايا نائمة للتنظيم في مدن قريبة، قد تستغل الخلافات والانقسامات بين الفصائل الليبية المسلحة الكثيرة.
ويشعر سكان سرت الذين يتفقدون منازلهم المدمرة، بالإهمال، فعلى الرغم من تحسن الوضع الأمني، لا يزال السكان قلقين من المتشددين المختبئين في الصحراء إلى الجنوب منها، والذين كثّفوا أنشطتهم في الأشهر القليلة الماضية، إذ أقاموا نقاط تفتيش، ونفذوا هجمات بين الحين والآخر، وفق وكالة "رويترز".

وتقع سرت في وسط الشريط الساحلي الليبي، على الخط الفاصل بين جماعات بولاءات متناقضة، بعضها موالٍ لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، وأخرى تابعة لقائد قوات برلمان طبرق، خليفة حفتر، ما يزيد المخاطر على المدينة. ويقول مسؤولون أمنيون، إنه توجد أيضاً خلايا نائمة تابعة لتنظيم "داعش" في مدن على طول ساحل غرب ليبيا، وهناك مخاوف من أن يستغل المقاتلون الأجانب، الذين يبحثون عن ملاذ بعد هزائم التنظيم في سورية والعراق، الفراغ الأمني مجدداً ويتصلوا بمتشددين مرتبطين بتنظيم "القاعدة" في الصحراء إلى الجنوب.
وتزيد مخاوف السكان بسبب الانقسامات بين الفصائل الليبية المسلحة الكثيرة، والغموض بشأن إلى متى ستظل قوات مصراتة التي طردت "داعش" موجودة في سرت. كما أن القوات التي قادت الحملة ضد التنظيم في سرت العام الماضي، موالية لحكومة الوفاق، ولا تنسيق بينها وبين القوات الموالية لحفتر.
ويقول علي مفتاح، وهو موظف عمومي في سرت: "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فسوف يعود داعش بلا شك. كان هناك سبب لمجيئهم. كان الناس غاضبين ويشعرون بالتهميش". ويضيف: "حالياً لا نحصل على أي دعم من الحكومة. انظروا إلى الدمار. لقد خسرنا كل شيء".


وتدير حالياً قوات محلية نقاط تفتيش على مشارف سرت، وتسيّر دورات إلى الجنوب. لكنها تقول إنها تفتقر إلى المركبات والسلاح اللازم لملاحقة المتشددين الذين انسحبوا إلى معسكرات متنقلة في الصحراء. وتعتمد بدلاً من ذلك على الضربات الجوية الأميركية التي قتلت العشرات ممن يُشتبه بكونهم متشددين هذا العام. ويوضح طاهر حديد، المسؤول في القوات التي تؤمن سرت، أن القوات تحتوي التهديد لكن لا يمكنها ملاحقة المتشددين في معسكراتهم لأنها لا تملك العتاد الملائم مثل العربات الرباعية الدفع اللازمة للتحرك في الصحراء، مضيفاً أنه من غير الممكن أن يسيطر التنظيم مجدداً على المدينة، لكن هناك مخاطر من التعرض لهجمات.

وتعود الحياة ببطء إلى طبيعتها في أجزاء من المدينة، على الرغم من أن شعارات تنظيم "داعش" السوداء لا تزال موجودة على بعض المتاجر، وعلى الرغم من أن السكان يعانون نقص السيولة وتدهور الخدمات العامة، مثلما هو الحال في مناطق أخرى من ليبيا.
لكن في المناطق التي شهدت أشد المعارك، لا ترى الأسر أملاً في إعادة بناء بيوتهم. وتلقت سرت، مسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي، قرابة 500 ضربة جوية أميركية في الفترة بين أغسطس/آب وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي. وفي حي المنار وحي الجيزة البحرية، اللذين كانا في السابق من أفضل أحياء سرت، تحوّلت المنازل المطلة على مياه البحر المتوسط إلى أكوام من المعادن والخرسانة. كما توجد مدرسة ابتدائية متضررة، قيل إن القذافي كان يرتادها، مهجورة الآن.

ويقول سكان إن هياكل عظمية وجدت بين الركام استخرجت لإجراء اختبارات لمعرفة إن كانت تخص مقاتلين من تنظيم "داعش" أم أسراهم. ويخشى السكان البحث وسط أنقاض بيوتهم المدمرة بسبب الذخائر غير المنفجرة. ويشدد سكان ومسؤولون في سرت على أنه لا يمكن التصدي للتهديد من دون دعم ملائم من الدولة وقوات أمن محترفة. ويشير المسؤول المحلي، صديق إسماعيل، إلى أنهم يعانون نقصاً في الخدمات ولا توجد أي جهود أو نتائج حقيقية على الأرض على أي مستوى. وتشير تقديرات إلى أن هناك حاجة لبناء ما بين 2500 و3 آلاف منزل حتى يتسنى للأسر التي اضطرت للانتقال للعيش في أجزاء أخرى من سرت أو مصراتة العودة.
وفي هذا السياق، يقول الموظف الجامعي حمزة علي: "لن ينتهي هذا أبداً إذا لم تكن هناك حكومة". وأضاف "سيتوقف ربما لشهرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة... ثم ستسمع عن انفجار في مكان ما إذا لم يكن هناك أمن رسمي".

(رويترز)