سيناريوهات مستقبل مسلحي العشائر العراقية بعد "داعش"

سيناريوهات مستقبل مسلحي العشائر العراقية بعد "داعش"

10 نوفمبر 2017
مسلحو العشائر أمام مستقبل غامض (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

مع قرب إعلان الحكومة العراقية تحرير كامل الأراضي العراقية من سيطرة تنظيم "داعش" الإرهابي، بات مسلحو العشائر الذين قاتلوا التنظيم لأكثر من ثلاث سنوات أمام مصير مجهول، في ظلّ تعدّد سيناريوهات مصير المقاتلين القبليين البالغ عددهم نحو 30 ألف مقاتل، حذّر سياسيون من تحولهم إلى جيش من العاطلين. في هذا السياق، أكد رئيس مجلس محافظة ديالى، شرق بغداد، علي الدايني أن "الآلاف من مقاتلي العشائر في المحافظة لم يستلموا رواتبهم منذ ثلاثة أشهر لأسباب غير معروفة"، محذّراً من "تحوّلهم إلى جيش من العاطلين عن العمل، إذا ما تم الاستغناء عنهم بسبب عدم القدرة على تأمين رواتبهم". وأضاف أن "أي تخلٍ عن مسلحي عشائر ديالى، سيؤدي إلى ولادة المئات من الثغرات الأمنية في المحافظة، لأنهم ينتشرون في مناطق وقرى مهمة"، مؤكداً في تصريح صحافي أن "إبعادهم عن الملف الأمني يؤدي إلى اندلاع أزمات أمنية جديدة في المحافظة". وشدّد على "ضرورة الاهتمام بهم وإعطائهم رسائل تطمين بأن حقوقهم مضمونة ولن يتم التخلي عنهم لأي سبب كان، وسيتم توزيع رواتبهم المتأخرة بأقرب وقت ممكن".

من جهته، أشار الزعيم القبلي المسؤول عن قاطع شمال شهربان بمحافظة ديالى، حسين المهداوي، إلى أن "التشكيلات العشائرية في المحافظة تأسست منذ نحو عشر سنوات تحت مسمى الصحوات"، مؤكداً في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أن "لها تاريخاً مشرّفاً في قتال تنظيم القاعدة، ثم تنظيم داعش الإرهابي". ورأى أن "مسلحي العشائر يواجهون مستقبلاً مجهولاً في ظل تجاهل تضحياتهم من قبل الحكومة العراقية التي تتجنب الحديث عن مصيرهم بعد القضاء على داعش".

ودعا المهداوي رئيس الوزراء حيدر العبادي إلى "تجنّب الوقوع في نفس أخطاء رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، التي تسببت بتدهور الوضع الأمني"، موضحاً أن "المالكي أقدم على حل عدد كبير من تشكيلات الصحوات العشائرية بعد الانتصار على القاعدة، الأمر الذي مهّد لظهور داعش بصورته الحالية".

والقلق طاول مسلحي محافظة الأنبار (غرب العراق) في ظل تجاهل السلطات العراقية لتضحياتهم، بحسب الزعيم القبلي، العقيد في طوارئ الأنبار عاشور المحلاوي الذي لفت إلى "عدم اهتمام الحكومة العراقية بمصير مقاتليه"، مؤكداً لـ "العربي الجديد" أن "لا أحد يتحدث عن مصير مقاتلي العشائر بعد طي صفحة تنظيم داعش الإرهابي". ونوّه إلى أن "التشكيل الذي يقوده فقد 25 قتيلاً خلال الحرب على تنظيم داعش، فضلاً عن خسائر مادية كبيرة لحقت بالمقاتلين". وأضاف أن "الذي جعل الأنبار تقف على أرجلها هو العشائر"، مشدّداً على أن "القوات العراقية أسندت للمقاتلين القبليين مناطق استراتيجية لحفظ الأمن فيها".

وأشار إلى "وجود تقليص في الرواتب التي تصل إلى المقاتلين"، لافتاً إلى أن "الفوج الذي يقوده مكوّن من 200 مسلّح تصل رواتب 28 منهم فقط"، مبيّناً إلى أنه "يضطر لتقسيم المبلغ الكلي على جميع المقاتلين الذين لا يتجاوز المبلغ الذي يحصل عليه الواحد منهم 100 ألف دينار عراقي (ما يعادل 80 دولاراً أميركياً) شهرياً".



وفي غياب أي خطة مستقبلية للتعامل مع مسلحي العشائر، كشف المحلاوي عن "وصول إشارات من الحكومة الاتحادية في بغداد بأن التشكيلات العشائرية لا يمكن أن تبقى بشكلها الحالي". وأكد "وجود أكثر من سيناريو للتعامل مع هذا الملف"، مشيراً إلى "احتمال منحهم وظائف مدنية، أو التعامل معهم أسوة بفصائل الحشد الشعبي، أو دمجهم بعناصر الأمن العراقي من الجيش والشرطة". وأضاف "لكن الرغبة بمنح مسلحي العشائر وظائف حكومية سواء كانت مدنية أم عسكرية، يصطدم بالموازنة الاتحادية للدولة العراقية، ومدى قدرتها على استيعاب استحقاقاتهم المالية".

في هذا الصدد، أفاد الخبير الاقتصادي صباح علي، أن "مشروع الموازنة الجديد لم يشر بشكل مستقل لتخصيصات تمنح لمقاتلي العشائر، بل أن جميع ما ذُكر كان للحرب على الارهاب، وهيئة الحشد الشعبي"، متوقعاً في حديثٍ لـ "العربي الجديد"، أن "تكون عملية استيعاب العشائر صعبة ومعقدة". وأضاف أن "موازنة الدولة العراقية للعام المقبل جاءت تقشفية ونسبة التعيينات الجديدة فيها صفر، وهذا الأمر يجعل إمكانية منح مقاتلي العشائر وظائف مدنية أو عسكرية أقرب إلى المستحيل"، موضحاً أن "أية تخصيصات جديدة تضاف على الموازنة ستمثل عبئاً آخر على الحكومة العراقية".

مع العلم أن العشائر العراقية تساند القوات الأمنية منذ عام 2007 في قتال التنظيمات الإرهابية، وبعد دخول تنظيم "داعش" الموصل ومدن عراقية أخرى منتصف عام 2014، ازداد دور المقاتلين القبليين بشكل واضح في عملية تقديم الإسناد للجيش العراقي، لا سيما في محافظة الأنبار التي تعرّضت فيها بعض العشائر كعشيرة البو نمر والعبيد، إلى عمليات إعدام جماعي قام بها "داعش" في مدينة هيت، غرب الأنبار.



المساهمون