الجبهة البرلمانية الجديدة في تونس…للإطاحة بـ "النداء" أيضاً؟

الجبهة البرلمانية الجديدة في تونس…للإطاحة بـ "النداء" أيضاً؟

10 نوفمبر 2017
الجبهة حسب بيانها ستعمل على تحقيق الاستقرار السياسي(Getty)
+ الخط -
لم يتأخر كثيراً الإعلان عن تكوين الجبهة البرلمانية الجديدة في تونس، التي توقعها الجميع منذ أسابيع، وسارع بعض نوابها إلى الإعلان رسميا عنها، مما دفع أحد أبرز مؤسسيها، النائب مصطفى بن أحمد، إلى الاستنكار والتلميح إلى أن هناك من يريد الاستئثار بالفكرة قبل ولادتها.

وأعلن عدد من أعضاء مجلس نواب الشعب في بيان لهم، أمس الخميس، عن تأسيس''جبهة برلمانية وسطية تقدمية'' بهدف ''إعادة التوازن البرلماني''.

 وتتكوّن هذه الجبهة الجديدة مبدئيا من كتل حزبي "مشروع تونس" و"آفاق تونس"، و"الكتلة الوطنية" التي تضم منشقين عن "نداء تونس". وتضم أيضا نوابا من حزب "نداء تونس" ونوابا مستقلين.

ويشير البيان إلى أن تأسيس الجبهة جاء بناء على ''تشخيص دقيق للوضع السياسي والبرلماني في البلاد، الذي يتسم بفقدان التوازنات السياسية التي أفرزتها نتائج انتخابات 2014… هدفها توحيد المواقف والرؤى داخل البرلمان من أجل إضفاء النجاعة على العمل التشريعي والرقابي وكل ما يتعلق بالهيئات الدستورية ومسار استكمال بناء مؤسسات الجمهورية الثانية''.

وقال البيان إنّ الجبهة ستعمل على ''تحقيق الاستقرار السياسي، بما يسمح بالإسراع بإصلاحات اقتصادية واجتماعية عاجلة تحقق انتظارات الشعب في التنمية والشغل''، كما ستعمل على ''ضمان استمرارية حرب الدولة على الفساد ودعم مجهودات مؤسساتها لإنجاح هذه الحرب على أساس الشفافية والشمولية''، وفق البيان.

وأُعلن عن عقد جلسة عامة للجبهة الجديدة يوم الإثنين القادم بمجلس نواب الشعب، في حين أشار النائب مصطفى بن أحمد إلى أنه قد يتأخر عن ذلك بعد هذا الإعلان المتسرع.

وتتساءل الساحة السياسية التونسية عن الأسباب الحقيقية والخفية لهذه الجبهة، التي فاجأت أكثر من جهة سياسية وربما تُبعثر أوراقَ كثيرين. ورغم أن أصحابها يصرون على أنها برلمانية فقط، فإن النائب، صحبي بن فرج، يؤكد في تدوينة له اليوم الجمعة على صفحته الرسمية أنها "جبهة برلمانية تعمل على إعادة التوازن السياسي داخل وخارج البرلمان"، بالإضافة إلى أن بيانها الرسمي يفضح نواياها الحقيقية لأن التوازن المقصود هو "التوازنات السياسية التي أفرزتها نتائج انتخابات 2014" كما يقول البيان.

 ويحيل هذا المعطى بالذات إلى أن الهدف الواضح من هذا التوازن هو العودة إلى نفس التوازن وإلى نفس المشهد السياسي في 2014، أي إما استبعاد النهضة أو العودة إلى النداء بمواصفات تلك المرحلة، وكلاهما يقود بالضرورة الى إبعاد النهضة. لذلك وصفها رئيس النهضة، راشد الغنوشي، بأنها "خطوة عدمية تمثل استمرارا لمنطق الإقصاء والاستئصال" الذي يستهدف حركته.

ورغم أن نتائج انتخابات 2014 التي يتحدث عنها بيان الجبهة الجديدة يصبّ منطقيا في خدمة النداء، إلا أن نوابه وقياداته هاجموا بشدة هذه الجبهة الجديدة، فاعتبر رئيس كتلته، سفيان طوبال، أنها "ولدت ميتة"، وأنها "أجندة لطرف سياسي بصدد التقهقر ويسعى إلى العودة إلى المشهد السياسي بعد فشله في تكوين جبهات سياسية سابقا".

واعتبر النائب، منجي الحرباوي، بدوره أن تشكيل الجبهة البرلمانية الجديدة "يصب في خانة الإفلاس السياسي لأطراف لم تستوعب الدرس من خيباتها الماضية".

 وكان الحزب أصدر بيانا واضحا في هذا الشأن، قال فيه إنه غير معني بهذه الجبهة و"لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد بمشروع ما سمي بجبهة برلمانية في مجلس نواب الشعب".

في المقابل، يرد النائب صحبي بن فرج أن هناك "سبعة أعضاء من نواب النداء موجودون في الجبهة، وهو ما سيفتح سجالا قانونيا داخل هذا الحزب حول كيفية التعاطي مع نوابه المنسلخين. وإن كان مفهوما أن تنزعج النهضة من هذه الجبهة فإن الغريب منطقيا أن ينزعج النداء من ذلك أيضا، وبهذه القوة، خصوصا وأنها جبهة وسطية تقدمية تريد إعادة توازنات 2014 حين كان النداء في أوج قوته وكان يملك الأكثرية البرلمانية".

ولكن الحقيقة أن هذا الانزعاج الندائيّ يكشف عن أن هذه الجبهة البرلمانية إنما تبحث عن إزاحة النداء الحالي، ووراثته في التوازنات الجديدة الممكنة. وتكشف بعض الاستنتاجات عن أن رئيس حزب مشروع تونس، محسن مرزوق، مدير حملة الرئيس السبسي في 2014 ومدير ديوانه الرئاسي الأسبق يريد أن يقدم أرضية سياسية بديلة عن النداء الحالي "الضعيف والمتقهقر والمتحالف بغير إرادته مع النهضة" ويهيئها أمام الرئيس السبسي أو من يمثل المعسكر الذي يصفه البيان بالوسطي التقدمي، وهو ما يبرر ويفسر أيضا انضمام عدد من نواب النداء لهذه الجبهة، لرفضهم هذا التحالف مع النهضة.

 وكثر في تونس يصفون هذا التحالف الجديد بأنه "انتهازي"، خصوصا لأنه يجمع بين شخصيتين سياسيتين معروفتين بطموحاتهما الكبيرة، ياسين إبراهيم، رئيس حزب آفاق، ومحسن مرزوق، رئيس حزب مشروع تونس، وأن طموحاتهما المتعارضة قد تُفشل هذه الجبهة، كما فشلت الجبهات السابقة.

دلالات