من يقف وراء أكذوبة فشل استضافة قطر لكأس العالم؟

من يقف وراء أكذوبة فشل استضافة قطر لكأس العالم 2022؟

08 أكتوبر 2017
لا خطر على أول مونديال بالشرق الأوسط (كريستوف كوبسل/Getty)
+ الخط -

تحت عنوان "قطر تحت المجهر: هل كأس العالم لكرة القدم 2022 في خطر؟"، نشرت مؤسسة "كورنرستون" العالميّة للاستشارات تقريرها "السرّي"، وسرّبت بطريقة ما نسخة منه إلى هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي". التقرير الذي يزعم الاستناد إلى مصادر "داخليّة" من العاملين في ملفّ كأس العالم، ينطلق من السؤال المرسل في العنوان ليخلص إلى إجابة محددة مفادها أن قطر لن تتمكّن من تلبية متطلّبات ذلك الحدث العالمي في موعده. وفي ما بدت أنّها توصيات على هامش الإجابة، تحذّر الورقة الشركات المتعاقدة مع الدوحة من أنّ إلغاء المشاريع "بشكل مفاجئ" قد يكون أمراً ذا "خطورة اقتصادية بالغة عليها" بعد الأزمة الخليجية، في محاولة واضحة لتنفير المستثمرين العالميين.

البحث عن خلفيّات تلك المؤسسة، ومؤسسها، غانم نسيبة، يكشف بوضوح غاية التقرير المزعوم، ومن يقف وراءه؛ فالرجل يعدّ رأس حربة في حملة التحريض التي تطاول قطر. وقد وصفها سابقاً بأنّها "منظمة إرهابية يحكمها غسل أموال إرهابيين إسلاميين". وحتّى قبل اندلاع الأزمة، يشارك هذا الأخير بنشاط رائد في التحريض وتشويه السمعة، ويروّج أفكاره تلك في وسائل الإعلام الغربية كما في الأذرع الإعلامية لدول الحصار، إذ يعدّ ضيفاً دائماً على قناة "سكاي نيوز"، فيما تلجأ إليه الصحف الإماراتية والسعودية، حيث يقدّم كباحث، لشنّ حملتها ضدّ قطر. ويسخّر الرجل صفحته الشخصيّة في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" للغاية نفسها أيضاً.

ورغم عدم وجود معطيات واضحة عن مصادر تمويل تلك المؤسسة، والتي تسوّق نفسها عالميًّا على أنّها تقدّم المشورة للشركات والدول في مجالات حيويّة عدة؛ فإن تنقّل نسيبة الدائم بين دبي ولندن، حيث مقرّ شركته، وقربه من خالد الهيل، والذي نصّب نفسه "زعيمًا للمعارضة القطريّة في الخارج"، وحضوره الدائم في وسائل الإعلام المموّلة إماراتيًّا؛ كلّها تكفي كمؤشّرات إلى الدافع السياسي الكامن وراء التقرير من ناحية وإلى الجهة المموّلة.

نشاط على تويتر

من بين المواقف التي يردّدها مؤسس شركة "كورنرستون غلوبال" على "تويتر"، أنّ "العالم المتحضّر يحتاج إلى الوقوف بلا تردد مع المملكة العربية السعودية في حربها ضد الإرهاب"، ويتهم الصحافيين البريطانيين العاملين في المؤسسات الإعلامية في قطر بأنّهم "محرّضون على الإرهاب".

وفي تغريدة أخرى، يقول نسيبة إنّ قطر "تشكّل خطراً أكبر على أوروبا من تنظيم القاعدة أو تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)".


وتثير تغريدات نسيبة، وفق الموقع، تساؤلات حول نزاهة تقرير "كورنرستون غلوبال" الذي يحذّر، وفق ما أوردت هيئة "بي بي سي"، أمس الجمعة، من أنّ كأس العالم يمكن أن "يُلغى بشكل مفاجئ" على خلفية الأزمة الخليجية مع قطر، ما قد يرتّب تداعيات مالية على الشركات العاملة في البطولة وغيرها من مشاريع البنى التحتية.

ويزعم التقرير أنّ أي مشروعات مرتبطة بالبطولة تواجه "مخاطر عالية المستوى"، وفق ما أوردت "بي بي سي"، مشيرة إلى أنّها حصلت على نسخة من الوثيقة السرية للتقرير، والذي يورد أيضاً أنّ "الأزمة السياسية الأخيرة أثارت إمكانية ظهور حركة قطرية معارضة".

ونقلت "بي بي سي" عن التقرير قوله إنّ "أي إلغاء لاستضافة قطر كأس العالم 2022 من المحتمل أن يكون مفاجئاً، وسيترك المقاولين متورطين في وضع غير مستقر، قد لا يكون من السهل حلّه".


ورفضت اللجنة القطرية المنظمة لكأس العالم هذه التحذيرات، نافية أي تأثير للحصار على مسار البطولة، ومشاريع البنية التحتية ذات الصلة، وتساءلت عن دوافع نشر التقرير.

وقالت اللجنة العليا للمشاريع والإرث في قطر، إنّه "ليس هناك أي خطر على مستقبل أول كأس عالم في الشرق الأوسط".

وأضافت: "في سياق الوضع السياسي الحالي، نتساءل عن دوافع منظمة، لا تخفي انتماءها إلى البلدان التي تحاصر قطر، بنشر تقرير يستند بالكامل إلى تقارير إعلامية ومصادر مجهولة".

واعتبرت اللجنة أنّ "نوايا خلق شكوك بشأن البطولة ومحاولة إثارة استياء المواطنين القطريين وقلق الشركات الأجنبية والمقيمين واضحة بقدر ما هي مضحكة".

وقالت "كورنرستون غلوبال"، لـ"بي بي سي"، إنّ تقريرها لم تموّله أيّ حكومة أو شركة، إلا أنّ نسيبة كان قد دعا، في السابق، إلى تجريد قطر من حقوق استضافة كأس العالم 2022.

ففي تغريدات، يوم 25 أغسطس/ آب الماضي، قال نسيبة إنّه "واثق من أنّ قطر لن تستضيف البطولة"، مضيفاً أنّه "كلما كان سحب قابس الكهرباء أسرع كان ذلك أفضل".


وضمن دعمه للحملة التي تقودها السعودية، وصف نسيبة قطر، في تغريدة، يوم 9 سبتمبر/ أيلول، بأنّها "أكبر دولة ممولة في العالم للإخوان المسلمين، داعش والقاعدة".


كذلك كتب، بعدها بيومين من هذه التغريدة، يقول: "لم تعد قطر دولة: حتى ليست دولة مارقة، بل هي منظمة إرهابية يحكمها غسل أموال إرهابيين إسلاميين".


وفي اليوم نفسه، قال أيضاً إنّ خالد الهيل منظم مؤتمر "قطر، الأمن والاستقرار الدولي"، الشهر الماضي، يستحق "الدعم الكامل".


كذلك دعا نسيبة مراراً وتكراراً، في مناسبات عدة بالمملكة المتحدة، إلى حظر جماعة "الإخوان المسلمين"، وقال، في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنّه إذا ثبتت صحّة أنّ "داعش" وراء إطلاق النار الجماعي في لاس فيغاس فإنّ "المسؤولية النهائية" تقع على عاتق "الإخوان المسلمين".



حركات صبيانية

وتخضع استعدادات قطر لاستضافة البطولة، وفق "ميدل إيست آي"، للتدقيق، بعد مخاوف حول ظروف العمل السيئة التي يتحمّلها العمال المهاجرون في مواقع البناء بالبلاد.

لكن نيكولاس ماكغيهان، وهو باحث سابق في "هيومن رايتس ووتش"، وكاتب أحدث تقرير للمنظمة عن العمال المهاجرين في قطر، يقول لـ"ميدل إيست آي"، إنّ تعليقات نسيبة على وسائل الإعلام الاجتماعية أثارت شكوكاً حول طريقة "تسريب" تقرير "كورنرستون غلوبال".

ويضيف ماكغيهان، للموقع، أنّه "من الواضح أنّ السعودية والإمارات تتطلعان إلى مهاجمة قطر ورؤيتها تجرّد من استضافة بطولة كأس العالم 2022".

ويتابع أنّه "استناداً إلى لهجة ومضمون بعض تعليقات مؤسس ومدير كورنرستون، على وسائل التواصل الاجتماعي، أعتقد أنّه يجب على الناس أولاً أن يسألوا من الذي كلّف ودفع لهذا التقرير".

وفي السياق، يقول كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، لـ"ميدل إيست آي"، إنّ "التقرير كان جزءاً من اتجاه محزن، ومجرّد تعليق لمناصر بشدة، تغذّيه أزمة الخليج، والتي تعمد فيها أطرف متعددة إلى تصعيد الأمور، بدل التركيز على حلها، ومحاولة حل الخلافات في منطقة لا تستطيع تحمل أزمة أخرى".

ويضيف دويل أنّ "التحليلات المتماسكة لما يجري في الخليج ضرورية، لا بعض حركات العلاقات العامة الصبيانية، القائمة على هذه بتلك (واحدة بواحدة)، والتي ليس لها أي فائدة على الإطلاق".

ووصف نسيبة، في "بروفايل" لصحيفة "ناشيونال" الإماراتية عام 2011، بأنّه "مدمن على فيسبوك، ومولع بأحذية من جلد الغزال الأرجواني وقمصان بولو الوردية"، ويقصده "مستثمرو البنوك ورجال الأعمال وحتى المسؤولون الحكوميون، متى أرادوا معرفة ما يجري في العالم العربي".

ودعا نسيبة، أول من أمس الخميس، إلى نقل كأس العالم 2022 إلى إنكلترا، قائلاً إنّه "من غير المحتمل على الإطلاق" أن تستضيف قطر البطولة.


(العربي الجديد)

 اقــرأ أيضاً