أزمة كتالونيا تتفاعل في بلجيكا... رغم تهدئة الانفصاليين

أزمة كتالونيا تتفاعل في بلجيكا... رغم تهدئة الانفصاليين

01 نوفمبر 2017
بيغديمونت قبل مؤتمره الصحافي وعلم إسبانيا (نيكولا مايتريلنك/فرانس برس)
+ الخط -

خصص رئيس حكومة إقليم كتالونيا المُقال، كارليس بيغديمونت، مصحوباً بأعضاء من حكومته، الندوة الصحافية التي عقدها في العاصمة البلجيكية بروكسل، أمس الثلاثاء، لما سماه "نقل قضيتنا إلى قلب المؤسسات الأوروبية والتنديد بتسييس العدالة الإسبانية". وشدّد على أنه "سنواصل العمل في كتالونيا لأننا لا نريد تجنب العدالة ولكننا لا نتفق مع الظلم"، مضيفاً "سندعم مختلف المبادرات التي تعارض تطبيق المادة 155 من الدستور، فالعنف لا يحل الأزمات".

وكان بيغديمونت ومجموعة من أعضاء الحكومة، وصلوا إلى بروكسل بعد حوالي 24 ساعة فقط من تصريح وزير الدولة البلجيكي للهجرة واللجوء، ثيو فرانكن، المسؤول في الحزب الانفصالي، "التحالف الفلاماني"، الساعي لانفصال منطقة الفلاندر عن بلجيكا، بإمكانية منح أعضاء حكومة إقليم كتالونيا حق اللجوء السياسي في بلجيكا. وهو ملف لا ترغب الحكومة البلجيكية في تحمّله. مع العلم أن مسألة كتالونيا لوّحت ربما بأزمة مستقبلية داخل الحكومة البلجيكية نفسها ومع إسبانيا من جهة أخرى، فضلاً عن صنّاع القرار على المستوى الأوروبي.

في هذا السياق، اعتبر الخبير في الشؤون البلجيكية، باسكال لورون، أن "الأمر حالياً يشبه إعداد قنبلة قطعة قطعة، والتي يمكن أن تنفجر في أي لحظة في وجه الأغلبية الحكومية". وأضاف في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، أنه "يوم الأحد، طلب رئيس الحكومة، شارل ميشال، من وزيره ثيو فرانكن، التزام حدوده إثر تصريحات بشأن طلب نظري محض للجوء في بلجيكا من قبل الحكومة الكتالونية، كانت قد استقبلتها مدريد بالقلق الشديد. لكن وصول وفد برشلونة إلى بروكسل سيؤدي لا محالة إلى إضعاف علاقات بلجيكا بشريك منذ وقت طويل وعضو مهم في الاتحاد الأوروبي. ما يعني أن رائحة أزمة سياسية حادة تلوح في الأفق".

بدوره، اتهمت المعارضة البلجيكية رئيس الحكومة بخضوعه للحزب الانفصالي الفلاماني، متسائلة "كيف يقبل تعامل وزيره العضو مع الحزب الانفصالي وعدم إصدار أي قرار حاد في حقه". وقالت رئيسة فريق الحزب الانساني الديمقراطي في البرلمان البلجيكي، كاثرين فونك، إن "الوضع أصبح سريالياً ومتناقضاً تماماً، فبينما كان شارل ميشال يقدّم في الأسابيع الأخيرة خطاباً من أجل إحياء المشروع الأوروبي، لم يصدر عنه أي موقف واضح عندما يرحب أعضاء من حكومته بشخصية سياسية لم تحترم الدستور وقرارات العدل في بلدها. يجب على رئيس الوزراء أن يضع حداً واضحاً لهذا الأمر وبشكل عاجل. لأنه إذا لم يفعل ذلك، فهذا يعني أنه متواطئ مع سياسات الاستقلال الكتالونية".

كما أصر زعيم مجموعة الخضر، جان مارك نوليت، على أن "بلجيكا اتخذت حتى الآن موقفاً وسطياً مؤيدة الحوار. ولكن من الواضح أنه لم يعد الأمر كذلك منذ حوالي يومين بسبب تصريحات وزير الدولة لشؤون اللجوء والهجرة، ثيو فرانكن. على شارل ميشال أن يأخذ الأمور بيده. لأنه إن لم يفعل ذلك، فهو يعطي انطباعاً بأنه سمح لحزب التحالف الفلاماني بالتصرف في الشؤون الخارجية لبلجيكا". وفي محاولة لتفادي أي اتهامات قد تهدد تواجده في الائتلاف الحكومي الفدرالي، أكد حزب التحالف الفلاماني بأنه "لم يوجه، رسمياً، أي دعوة لبيغديمونت للمجيء إلى بروكسل".



وعلى الرغم من الشائعات الكثيرة، فقد أكد رئيس الحكومة الكتالونية المُقال، خلال ندوته الصحافية في بروكسل، أنه "لا يريد تقديم طلب للجوء السياسي في بلجيكا أو أي بلد آخر. لكنه قد يمكث في البلد لتواجد المؤسسات الأوروبية فيه وإمكانية استمرار عمل الحكومة الكتالونية الشرعية". ومع عدم تقديم أي لائحة اتهام ضده حتى الآن وعدم صدور أي أمر بالقبض عليه، فإن لبيغديمونت الحرية في التحرك والمجيء إلى بلجيكا. كما له الحق مع أعضاء في حكومته، بـ"التقدم بطلب للجوء"، بموجب القانون الأوروبي.

في هذا الإطار، فسّر أستاذ القانون المتخصص في شؤون الهجرة واللجوء، فيليب دي برويكر، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، الأمر بالقول إن "هذه الطلبات لا أساس لها لأنها تأتي من أشخاص يعيشون في دول لا تمارس الاضطهاد. هذا ما نصّ عليه البروتوكول 24 من معاهدة ليشبونة".

ونوّه إلى أنه "مع ذلك، فإن طلب مسبقا لا أساس له لا يعني رفضه منذ البداية. إذ يحق للقادة الكتالونيين تقديم عناصر لمحاولة إثبات أن مطالبهم شرعية، ويحق بعد ذلك وفقاً لإجراءات سريعة لبضعة أيام، أن يقرر مكتب المفوض العام لشؤون اللاجئين اتخاذ قرار". ولفت دي برويكر إلى أن "كارليس بيغديمونت وأعضاء حكومته قد يحاولون القول إنهم يحاكمون لأسباب غير قضائية، وأن الجرائم التي يتهمون بها سياسية"، مضيفاً أن "ما يمكن لبيغديمونت وأعضاء المجلس التنفيذي الكتالوني الحصول عليه هو تصريح إقامة، رغم صعوبة ذلك في حال صدور صك اتهام في حقهم من قبل مدريد وإصدار مذكرة اعتقال أوروبية".

وكانت المحكمة الدستورية الإسبانية علّقت أمس، "اعلان استقلال كتالونيا"، استجابة لطلب قدّمته حكومة مدريد، وفق ما أفاد مصدر قضائي. وقال المصدر، إنّ "هيئة المحكمة (التي انعقدت) بكامل أعضائها، علّقت إعلان الاستقلال"، الذي تبنّاه الجمعة البرلمان الكتالوني. ودعا بيغديمونت إثر ذلك، إلى "إبطاء عمليّة استقلال كتالونيا لتجنّب الاضطرابات"، موضحاً أنه "وافق على إجراء انتخابات مبكرة دعت إليها مدريد في كتالونيا في 21 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وسيحترم نتائجها".