باريس تصوّت على مشروع قانون مثير للجدل لمكافحة الإرهاب

بـاريس: البرلمان يصوت على مشروع قانون مثير للجدل عن مواجهـة الإرهاب

03 أكتوبر 2017
بنود المشروع الجديد صارمة وقاسية(جوليان بيتينوم/Getty)
+ الخط -

مع اقتراب انتهاء حالة الطوارئ في فرنسا، في الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بات في حكم المؤكد أن تصوّت الجمعية الوطنية، في قراءتها الأولى، اليوم الثلاثاء، على قانون مكافحة الإرهاب، الذي يَنصّ على إدراج إجراءات استثنائية لحالة الطوارئ في القانون العمومي، من "أجل مواجهة كل تهديد إرهابي"، كما تأمُلُ الحكومة، بعد مناقشات طويلة، وبعدما وافقت عليه الجمعية الوطنية في قراءة أولى ثم مجلس الشيوخ.

وعلى الرغم من كل الاحتجاجات على قسوة مشروع القانون، من قبل الجمعيات الحقوقية ومن قبل أحزاب اليسار، ورغم انتقادات لاذعة من منظمات دولية، منها منظمة "العفو الدولية"، إلا أن الحكومة ممثلة بوزير الداخلية، جيرار كولومب، مدعومة برأي عام فرنسي منهك من الاعتداءات والتهديدات الإرهابية، كان آخرها الاعتداء الإرهابي الذي تعرضت له مدينة مارسيليا، وخلّف ضحيتين، أصرّت على الحفاظ على بنود عقابية قاسية في مشروع القانون، بدعوى أنه لا يمكن توفير الأمن للفرنسيين من دونها.

ويتيح القانون الجديد للسلطات الأمنية وضع نظام جديد للقيام بـ"زيارات منزليّة"، للتحقيق والتفتيش لمساكن وإقامات المشتبه بهم. وبعد أن كانت هذه "الزيارات" تتم، وفق قانون الطوارئ، بموافقة من قبل السلطة الإدارية، أصبحت، الآن، تستدعي موافقة قاضي الحريات والاعتقال لمحكمة القضايا المستعجلة في باريس، بعد موافقة مدّعي باريس. وتتم هذه الزيارات ما بين السادسة صباحاً والتاسعة ليلاً، إلا في الحالات الاستعجالية، حيث يمكن احتجاز أي شخص بتقديم معلومات في بيته، خلال أربع ساعات في أقصى الحالات.

كما أن مشروع القانون الجديد احتفظ بالبند الذي يسمح بوضع الشخص المشتبه به، أو الذي قد يشكل خطراً ما، تحت الإقامة الجبرية، خارج حالة الطوارئ. لكن المشروع الجديد يسمح للشخص موضوع المُراقَبَة بأن يكون حراً في حركاته في بلدته، ويمكن أن تمتد المساحة أكثر إذا قَبِلَ وضع سوار إلكتروني لتعقب حركاته، وهذا من أجل "إتاحة الفرصة له لمواصلة حياته العائلية والمهنية". وهو إجراءٌ اعتبره نواب حركة "فرنسا غير الخاضعة"، ونواب الحزب الشيوعي، "خانقاً لحرية الإنسان".

ويستهدف مشروع القانون الجديد أتباع الديانة الإسلامية، بشكل أكبر، حيث يسهّل من إجراءات إغلاق أماكن العبادة التي قد تدعو "للكراهية والتمييز". وبعد أن كان الإغلاق، في السابق، يستهدف هذه الأماكن بدعوى "كتابات" أو "أقوال وتصريحات تصدر داخلها"، أو ما يمكن قراءته باعتباره "أفكاراً ونظريات داعمة للإرهاب"، أصبحت كل دعوة للكراهية أو التمييز مبرراً لإغلاق مكان العبادة.


ويمنح مشروع القانون الجديد كذلك، لولاة الأمن، التابعين لوزارة الداخلية، صلاحية إغلاق أي مكان للعبادة خلال ستة أشهر، على الأكثر، في عملية احترازية من أعمال إرهابية. وفي حال تمّ فتح هذه الأمكنة من دون ترخيص، فإن أصحابها مُعرَّضون لثلاث سنوات من السجن وغرامة مالية تصل إلى 45 ألف يورو. ويبرّر وزير الداخلية صرامة هذا البند بأن "الكلام له دور كبير في التشجيع على التطرف".

ومشروع القانون الجديد أكثر صرامة في حق المهاجرين غير الشرعيين، حيث إنه يسمح لقوات الأمن بتوسيع أماكن المراقبة والتثبت من أوراق الهوية. فبعد أن كانت تتم في المحطات سيكون ممكناً إيقاف الأشخاص في محيط المحطات، وأيضاً على مدى 20 كيلومتراً حول الموانئ والمطارات، مع تمديد فترة هذه المراقبة من 6 ساعات إلى 12 ساعة.

وإذا كان اليسار، خاصة أنصار ميلانشون والحزب الشيوعي، وهو المنادي بالتخلص من قانون الطوارئ الذي فُرض في فرنسا بعد اعتداءات "شارلي إيبدو" عام 2015، فشل في التأثير على بنود مشروع القانون الجديد، فلأن وزنه في الجمعية الوطنية لا يسمح له بالتأثير على التصويت، في حين أن غالبية من نواب اليمين الكلاسيكي، واليمين المتطرّف، التي تمنح مسألة الأمن مكانة كبيرة في برامجها ودعايتها، تُزايِدُ على هذا المشروع الحكومي وتصبو لقانون أكثر "زجرية" أي (أكثر ضماناً لأمن المواطنين)، كما يقول إيريك سيوتّي، من حزب "الجمهوريون"، و"أقل إنسانية"، كما تقول مختلف المنظمات والجمعيات الحقوقية.

أما الاعتداءات الإرهابية التي ضربت فرنسا، وكان آخرها اعتداء مارسيليا، فهي تأتي على ما يبدو في الوقت المناسب لمنح المصداقية لوزير الداخلية، جيرار كولومب، وهو من صقور الحكومة وأنصار التشدد، ولو على حساب الحريات الفردية، أي المكتسبات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان والمواطن. ​