مورو عندما يتكلم

مورو عندما يتكلم

29 أكتوبر 2017
مورو ليس سهلاً سياسياً (العربي الجديد)
+ الخط -


عبد الفتاح مورو، نائب رئيس البرلمان التونسي ونائب رئيس حركة النهضة، رجل يحظى بشعبية عالية لدى التونسيين بحسب كل عمليات سبر الآراء منذ سنوات، بسبب انفتاحه المعروف وشخصيته المرحة وصراحته المعروفة. غير أن الرجل ليس دبلوماسياً بالمرة، وبتعبير التونسيين فهو ليس "مْحاسْبي"، أي أنه يقول ما يفكر فيه، وفي الغالب من دون أن يخضعه للغربال الدبلوماسي الذي يقتضي مراعاة المسكوت عنه والعُرف السياسي. ولا يذهب في ظن البعض أنه رجل هيّن سياسياً، فهو يدرك ما يقول ويعرف إلى أين يذهب تحديداً على الرغم من أنه يكسر بعض القواعد أحياناً، ولم يشذّ عن هذه القاعدة عندما تحدث الأسبوع الماضي إلى الصحيفة السويسرية "لا تريبون دي جنيف". وصدم كثيرين بتساؤله قائلاً "بلد يرأسه رئيس الباجي قائد السبسي يبلغ من العمر 93 عاماً بالتوافق مع راشد الغنوشي البالغ من العمر 76 عاماً هل هو مستقر؟ ماذا سيحدث إذا اختفى أحدهما؟ يوجد اتفاق بين الطرفين، ولكنه شفوي وليس هناك اتفاق مكتوب".

وعلى الرغم من أن الجميع يعرف هذه الحقيقة وهي ليست اكتشافاً عظيماً ولا خبراً جديداً، إلا أن صدورها عن نائب رئيس حركة النهضة، نائب رئيس البرلمان، طرح جملة من الأسئلة والاستفهامات حول حاضر البلاد ومستقبلها. فالشيخ مورو كما يسميه التونسيون لا يقصد بالضرورة رحيل أحدهما، ولكنه كان يشير إلى هشاشة الاستقرار الذي تقوم عليه البلاد. وهو بالفعل اتفاق شفهي بين رجلين تم في غرفة مغلقة ذات يوم في العاصمة الفرنسية باريس، عندما كانت البلاد على حافة النار. ولكن السبسي والغنوشي حافظا على ذلك الاتفاق رغم لعبة الشطرنج الدائرة بينهما باستمرار. ويلمح مورو بوضوح إلى أن ذلك الاتفاق تعدّى إلى بعض قواعدهما ولكن ليس كلها، وأن الحزبين، نداء تونس وحركة النهضة، لا يتقاسمان بإجماع كبير ذلك الاتفاق وأن هناك قلقاً مستمراً في هذا المجال، قد يقود يوماً ما إلى سقوط هذا التوافق إذا سقط عمود من عموديه لأي سبب كان، خصوصاً أن الجميع يستهدفه من خارجه وأن بقية الأحزاب تركّز خط سيرها تقريباً على ضرب الحزبين معاً وإسقاط ذاك التحالف لأنه يمثل، حتى الآن على الأقل، جوهر المشهد السياسي في تونس وسداً أمام صعودها إلى السلطة. ولكن ماذا سيحدث لو نكث أحدهما الاتفاق أو انسحب لأي سبب؟ ألن يكن مورو محقاً؟