أستانة السوري اليوم... طموح بتحقيق ما فعله لاعب كرة

أستانة 7 السوري اليوم... طموح بتحقيق ما فعله لاعب كرة قدم

30 أكتوبر 2017
سيطرح وفد قوى الثورة قضية حصار الغوطة الشرقية(عالية رايمبيكوفا/الأناضول)
+ الخط -
يدخل مسار أستانة التفاوضي بين المعارضة السورية والنظام محطة مفصلية، خصوصاً أنه يتناول في جولته السابعة ملف المعتقلين، الذي لم يشهد أي اختراقات طيلة الجولات التفاوضية السابقة، سواء في أستانة أو جنيف، بسبب رفض النظام وضع هذا الملف الشائك على طاولة البحث. لكن النظام لم يعد بمقدوره ترحيل هذا الملف مرة أخرى، مع إصرار المعارضة السورية على وضعه على رأس جدول أعمال الجولة الجديدة.

وحاول الروس والإيرانيون تأجيل النظر في ملف المعتقلين، في الجولات السابقة من أستانة، لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين للتباحث فيه، بعد أن أنجز مسار أستانة الغاية الرئيسية منه، وهي تثبيت مناطق "خفض التصعيد"، إذ يحرص الروس تحديداً على بقاء هذا المسار "حياً" في محاولة منهم لمنافسة مسار جنيف الأممي في وضع حل سياسي يلبي مصالح موسكو في سورية. ولا تزال المعارضة السورية ترفض أن يكون أستانة بديلاً عن جنيف، لذا لم تقبل طرح قضايا جوهرية تتعلق بمستقبل البلاد، من قبيل الدستور والانتخابات، وتعتبر مسار أستانة بلا جدوى ما لم يحدث اختراق حقيقي على صعيد ملف المعتقلين، وتؤكد أنها لمست بوادر إيجابية على هذا الصعيد.

وتنطلق اليوم الاثنين جولة سابعة من مفاوضات أستانة غير المباشرة بين وفد قوى الثورة السورية العسكري، والنظام السوري، في ظل انخفاض سقف الآمال بتحقيق اختراق حقيقي في أجندة هذه الجولة، خصوصاً على صعيد إطلاق سراح المعتقلين من سجون النظام. وأكد عضو وفد قوى الثورة، النقيب سعيد نقرش، لـ"العربي الجديد"، أن "أبرز الملفات المطروحة للنقاش في أستانة 7 تتعلق بملفات المعتقلين والمفقودين، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحاصرة، وفك الحصار عنها، والآليات الفنية والتقنية لمراقبة الخروقات المتكررة لمناطق خفض التصعيد، وانتشار قوات المراقبة فيها". ويشارك في الجولة السابعة من أستانة وفد موسع من قوى الثورة العسكرية، كان شارك في الجولة السادسة، ويضم جميع الفصائل ومن كافة الجبهات. وقد وصل إلى العاصمة الكازاخية أستانة أمس الأحد، وبدأ على الفور اجتماعات تحضيرية قبيل انطلاق أعمال الجولة الجديدة. وكانت وزارة خارجية كازاخستان أعلنت، منذ أيام، أن "أستانة 7" سيعمل على "تأكيد أسس مجموعة عمل من أجل إطلاق سراح الرهائن والأسرى، ونقل الجثث والبحث عن مفقودين". كما تتناول الجولة المسائل المتعلقة بالإرهاب. ومن المرجح أن يتبنى المشاركون بياناً حول نزع الألغام، وفق بيان الخارجية الكازاخية.



من جانبه، أوضح رئيس اللجنة الإعلامية لوفد قوى الثورة العسكري، أيمن العاسمي، أن ملف المعتقلين هو أهم الملفات التي كانت تطرح في جولات أستانة السابقة، من قبل وفد قوى الثورة، والضامن التركي، مضيفاً "تم التركيز عليه في أستانة 6، وأدرج على جدول أعمال أستانة 7". وأشار العاسمي، في حديث مع "العربي الجديد"، إلى "أن إدراج ملف المعتقلين في البيان الختامي يؤكد أنه لا يمكن للنظام ان يتهرب من هذا الملف مرة أخرى"، معرباً عن اعتقاده بأن النظام يعتبر ملف المعتقلين "نقطة تحكم ومناورة، لأنه فقد القرار في بقية النقاط لصالح الروس والإيرانيين". وأضاف "يحاول النظام الإمساك بملف المعتقلين حتى يبقى بحوزته ما يفرض وجوده، لكننا وصلنا إلى منعطف في هذه الجولة من أستانة، وسوف يحدد ما يمكن أن ينجز في هذا المجال. زاوية المناورة تضيق هذه المرة على النظام".

ويعد ملف المعتقلين في سجون النظام من الملفات الشائكة في القضية السورية، إذ ضرب النظام بعرض الحائط بقرارات دولية، أبرزها القرار 2254، ومناشدات المنظمات الدولية، ورفض إطلاق سراح عشرات آلاف المعتقلين، الذين قضى آلاف منهم تحت التعذيب. وتسربت آلاف الصور التي تؤكد وحشية النظام في تعامله مع المعتقلين على خلفية مشاركتهم في الثورة السلمية ضده، وإقدامه على قتلهم بأبشع طرق التعذيب. وشرح معتقلون، خرجوا نتيجة عمليات تبادل مع المعارضة، للرأي العام الدولي ما يجري في معتقلات نظام بشار الأسد من ممارسات وحشية. لكن المجتمع الدولي لم يستطع دفع النظام إلى إطلاق معتقلين، بل إن عمليات الاعتقال لا تزال مستمرة حتى اللحظة في مناطق سيطرته، ولا يزال ينفذ إعدامات ميدانية، غير مكترث بالمجتمع الدولي. وهناك آلاف المعتقلين مجهولي المصير، من بينهم نساء وأطفال، مثل بتول عباسي وأطفالها، وشخصيات وطنية معروفة، منها رجاء الناصر، وعبد العزيز الخيّر، وسواهم من السياسيين، والكتاب، والصحافيين، والفنانين، وأوائل الشباب الذين أعلنوا الثورة على النظام في مارس/آذار 2011. وبقي ملف المعتقلين أبرز القضايا التي يحملها وفد قوى الثورة إلى أستانة من دون تحقيق أي تقدم، رغم وعود روسية متلاحقة للاهتمام به. ويتندر سوريون أن لاعباً بكرة القدم (عمر السومة) عاد عن مواقفه الداعمة للثورة، وأجرى "مصالحة" مع رأس النظام بشار، وشقيقه ماهر الأسد، كانت كفيلة بإطلاق سراح معتقل في سجون النظام، فيما فشل المجتمع الدولي كله في إجبار النظام على إطلاق معتقلين مضى عليهم سنوات، من دون بارقة أمل في خلاصهم من معتقلات، قالت منظمات دولية إنها تحولت إلى "مسالخ بشرية".

وذكرت مصادر في وفد قوى الثورة العسكري، لـ"العربي الجديد"، إن رئيس وفد النظام إلى أستانة، بشار الجعفري، قال للطرف الروسي إن نظامه لن يطلق سراح معتقلين قبل التأكد من عدم رفع دعاوى قضائية ضده في محاكم دولية، من قبل المعتقلين الذين سيطلق سراحهم. وأشارت المصادر إلى أن "أستانة 7" سيتناول مناطق "خفض التصعيد" والخروقات التي حدثت من الطرفين، إضافة الى مناقشة تموضع قوات تركية في منطقة "خفض التصعيد" الرابعة، التي تشمل محافظة إدلب وريف حلب الغربي، ومناطق في ريف اللاذقية. كما سيطرح الوفد قضية الحصار المضروب على الغوطة الشرقية للعاصمة دمشق، والذي ينذر بحدوث كارثة إنسانية كبرى، فضلاً عن كونه يعد خرقاً كبيراً لاتفاقات أستانة المتعلقة بمناطق "خفض التصعيد". وكان مسار أستانة أقر أربع مناطق "خفض تصعيد" في سورية، الأولى في جنوب البلاد، والثانية في غوطة دمشق الشرقية، والثالثة في ريف حمص الشمالي، والرابعة في إدلب ومحيطها. لكن النظام وحلفاءه لم يلتزموا بالاتفاقيات بشكل كامل، إذ واصلوا العمليات العسكرية في هذه المناطق، بما فيها القصف الجوي من الطيران الروسي بحجة استهداف "هيئة تحرير الشام" غير المشمولة بالاتفاق. كما لا يزال الحصار مضروباً على عدة مناطق، وهو ما يمنع دخول مساعدات أممية. وأدت مفاوضات أستانة، عبر جولاتها الست، إلى انتشار شرطة عسكرية روسية، في خطوط التماس في مناطق "خفض التصعيد". كما أفضت لدخول قوات تركية إلى مناطق في محافظة إدلب وفي ريف حلب الغربي لمراقبة اتفاق "خفض التصعيد". لكن المعارضة تبدي مخاوف من تحوّل هذه المناطق الى أقاليم تفضي إلى تجزئة البلاد، وتدعو للتوصل إلى حل سياسي في جنيف حصراً ينهي هذه الحالة، ويضمن وحدة البلاد.