البارزاني يسلّم صلاحياته... و"تقدم مقبول" في مفاوضات البشمركة والجيش

البارزاني يسلّم صلاحياته... و"تقدم مقبول" في مفاوضات البشمركة والجيش

29 أكتوبر 2017
يعقد برلمان الإقليم جلسته الحاسمة اليوم (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -
يرجح أن تفتح جلسة برلمان إقليم كردستان العراق، اليوم الأحد، صفحة جديدة في الأزمة المستفحلة بين بغداد وأربيل على خلفية استفتاء الانفصال وكل ما تلاه من تطورات سياسية وعسكرية، بينما أحرزت اجتماعات بدأت في نينوى، أمس السبت، بين البشمركة والجيش العراقي، "تقدماً مقبولاً" لناحية إبرام تفاهمات حول مصير المناطق المتنازع عليها التي تصرّ بغداد على السيطرة عليها. ومن المقرر أن يعقد برلمان كردستان العراق بعد ظهر اليوم الأحد جلسة لتوزيع صلاحيات رئيس الإقليم، مسعود البارزاني، الذي يلقي نائب رئيس البرلمان، جعفر إبراهيم، خطاباً باسمه أمام النواب. وقال النائب الكردي إيدن معروف لوكالة "فرانس برس" إنه "بعدما توصلت الكتل البرلمانية إلى اتفاق حول كيفية توزيع صلاحيات رئيس الإقليم على السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ستناقش هذا التوزيع في جلسة (اليوم) الأحد". وكان برلمان الإقليم قرر قبل أيام تجميد عمل هيئة رئاسة الإقليم التي تضم البارزاني ونائبه كوسرت رسول وهو أحد قادة الاتحاد الوطني الكردستاني ورئيس ديوان الرئاسة فؤاد حسين، الأمر الذي ينهي صلاحيات البارزاني الذي انتهت ولايته رسمياً منذ أغسطس/آب 2015.

وأعلنت الدائرة الإعلامية في برلمان كردستان وصول "رسالة من رئيس الإقليم مسعود البارزاني ستتلى في هذه الجلسة على الحضور من قبل نائب رئيس البرلمان جعفر إبراهيم"، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني. ومن المقرر أن تشارك في جلسة الأحد حركة "التغيير" (غوران) المعارضة بعدما قاطعت جلسات سابقة.

على صعيد آخر، بعد عقد ممثلين من الجيش العراقي وقوات البشمركة الكردية، أمس السبت، اجتماعاً في محافظة نينوى (شمال العراق) لبحث عملية انتشار القوات العراقية في المناطق المتنازع عليها، بادرت قيادات كردية إلى الدعوة لاستمرار الهدنة بين بغداد وأربيل وفقاً للدستور، فيما تبدو تطورات الأزمة بين سلطتي العراق وكردستان مفتوحة على كل الاحتمالات، وهو أمر دفع بعض القوى السياسية الكردية إلى وضع سيناريوهات لإطاحة رئيس إقليم كردستان مسعود البارزاني.

وعقد قادة من الجيش العراقي والبشمركة، أمس السبت، اجتماعاً موسعاً في مقر قيادة عمليات الجيش في نينوى، ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أمنية أن الاجتماع حضره عن الجانب العراقي رئيس أركان الجيش العراقي الفريق الركن عثمان الغانمي، وقائد جهاز مكافحة الإرهاب الفريق الركن عبد الغني الأسدي، وقائد الشرطة الاتحادية الفريق رائد شاكر جودت، وقائد عمليات نينوى اللواء نجم الجبوري، فضلاً عن مدراء الاستخبارات العسكرية والأمن الوطني والاستخبارات. فيما حضره عن الجانب الكردي الأمين العام لوزارة البشمركة جبار الياور، ووزير داخلية إقليم كردستان كريم سنجاري، وقائد عمليات مخمور سيروان البارزاني، والقياديون في البشمركة جمال ايمنكي، وشيخ جعفر شيخ مصطفى، وعزيز ويسي.

وأكد المتحدث باسم الحكومة العراقية سعد الحديثي، أن الاجتماع هدف إلى مناقشة عملية انسحاب قوات البشمركة الكردية من المناطق المتنازع عليها، ونشر القوات العراقية بدلاً عنها. وأضاف: "نسعى لتجنّب الصدامات وإراقة الدماء، ومن هذا المنطلق قرر رئيس الوزراء إيقاف تحركات القطعات الاتحادية من أجل اتاحة الفرصة لتهيئة الأرضية لاستكمال إعادة الانتشار وبسط القوات الاتحادية سلطتها"، موضحاً أن هدف القوات العراقية هو الوصول إلى منطقة فيشخابور على الحدود العراقية التركية. وكشف الغانمي، بعد انتهاء الاجتماع، أن الوفد الكردي حمل ما تمخض عن اللقاء إلى القيادة السياسية في أربيل لعرضها وتقديم الرد عليها. ووصف حصيلة المفاوضات بـ""التقدم المقبول" حيال انسحاب قوات البشمركة من المناطق المتنازع عليها بين بغداد وأربيل، مع تشديده على أنه "لا تزال هناك نقاط عالقة". وتابع رئيس الأركان، أن "القرار النهائي مرتبط بالوفد الثاني"، في إشارة إلى انتظار الرد الكردي الذي قد يصدر من أربيل. وقال الغانمي: "لقد توصلنا إلى تفاهم مشترك في بعض النقاط، وبعض النقاط علقوا الإجابة عنها لحين العودة للإقليم وإبداء الرأي والاتصال بنا". لكنه حذر في المقابل من أن "وقف إطلاق النار هو 24 ساعة (فقط)، وخلال الساعات المقبلة إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، سيكون هناك رأي ثان".


في هذه الأثناء، دعا سياسيون أكراد للحفاظ على أجواء الهدوء وتمديد الهدنة بين بغداد وأربيل. وطالب محما خليل، القيادي في الحزب "الديمقراطي الكردستاني" الذي يتزعمه البارزاني، باستمرار الهدنة بين بغداد وأربيل، موضحاً في حديث لـ"العربي الجديد" أن كل الإجراءات المتعلقة بوقف إطلاق النار يجب أن تتم وفقاً للدستور الذي يؤكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الالتزام به. وأشار إلى أن الشارع الكردي يطالب بوقف القتال بين القوات العراقية والبشمركة، موضحاً أن الشارع العراقي هو الآخر يدعو لوقف إطلاق النار. خليل، وهو القائمقام السابق لسنجار (شمال غرب الموصل) الذي أقيل منتصف الشهر الحالي، لفت إلى أن أي اتفاق بين حكومتي بغداد وأربيل يجب أن يتم بإشراف من قبل الولايات المتحدة وفرنسا ودول أخرى، مؤكداً أن أنظار العالم تتجه إلى الأزمة في كردستان.

وقال القيادي في حزب البارزاني إن المبادرة التي أطلقتها حكومة كردستان قبل أيام لاقت ترحيباً دولياً، موضحاً أن التفاهم على وقف القتال سيكون في مصلحة الجميع. وأكد أن عدة دول معنية بحل هذه الأزمة، مشيراً إلى أن معبر فيشخابور يعد من النقاط الاستراتيجية المهمة، وأن القيادة الكردية هي المعنية بأية تفاهمات تجري بشأنه.

ولم يذهب عضو البرلمان العراقي السابق، السياسي الكردي محمود عثمان، بعيداً عما طرحه محما خليل، إذ أكد أن الهدنة بين بغداد وأربيل يجب أن تستمر من خلال مبادرة الطرفين باتجاه هذا الأمر، معتبراً في تصريح لـ"العربي الجديد" أن الحكومة العراقية يُفترض أن توافق على تمديد الهدنة والحوار. وأشار إلى أن اندلاع الحرب يعني أن جميع الأطراف ستخسر، موضحاً أن إشراف الأمم المتحدة على أي مبادرة للحوار سيكون نافعاً لأنه سيكشف عن الطرف الذي قد يخل بما يتم الاتفاق عليه.

وكانت الحكومة العراقية قد أعلنت، الجمعة، وقف التحركات العسكرية لمدة 24 ساعة من أجل إفساح المجال للقوات العراقية للانتشار في المناطق المتنازع عليها والمنافذ الحدودية لمنع الصدام وإراقة الدماء بين أبناء البلد الواحد. وعلى الرغم من توقف القتال بين القوات العراقية والقوات الكردية، إلا أن قائد قوات البشمركة في محور غرب كركوك، كمال كركوكي، حذر من وجود بعض الجهات لدى الطرف الآخر (القوات العراقية) التي تريد إفشال الهدوء بين بغداد وأربيل من خلال إطلاق بعض العيارات النارية المتفرقة. وأشار إلى أن البشمركة تلقت أوامر من قبل قياداتها بعدم الرد على مثل هذه المحاولات، مضيفاً "إذا قررت القيادة الكردية إيقاف العمليات العسكرية سنحترم هذا الأمر، لكن إذا اندلعت الحرب فإن البشمركة ستدافع عن أرض كردستان في كل المحاور".

حديث قادة عسكريين أكراد عن استعدادهم للقتال في حال اندلعت الحرب، يشير إلى أن التفاهمات والهدنة إذا تم تمديدها ستبقى هشة، بحسب عضو "تحالف القوى" محمد عبدالله، الذي أكد لـ"العربي الجديد" ألا أحد يمكنه التكهن بما ستحمله الساعات والأيام المقبلة، داعياً إلى عدم التفاؤل كثيراً حين يجري الحديث عن هدنة. وأضاف: "لا يمكن القول إن الأمور ستحل بشكل مطلق، كما لا يمكن الحديث عن حرب حتمية"، موضحاً أن الأمر المؤكد لغاية الآن هو أن أي حوارات أو تفاهمات ستبقى ضعيفة ما لم تؤطر دستورياً، وتحصن بمشاركة دولية وأممية. وأشار إلى أن ما يجري، اليوم، لا يعدو كونه تأجيلاً لصدام محتمل بين بغداد وأربيل ما لم يتم التعامل مع الأمور بعقلانية، موضحاً أن الكرة الآن في ملعب كردستان المُطالَب بإلغاء الاستفتاء قبل الجلوس على طاولة أي حوار، وهذا ما تطالب به الحكومة العراقية، بحسب قوله.