عاطف أبو بكر على "العربي"... العارف بالأسرار حين يتكلم

عاطف أبو بكر على "العربي"... العارف بالأسرار حين يتكلم

27 أكتوبر 2017
الحلقات تُعرض على مدار أربعة أسابيع (تويتر)
+ الخط -
يبث "التلفزيون العربي" اليوم السبت أولى حلقات لقاء أجراه مع القيادي السابق بحركة فتح، عاطف أبو بكر (أبو فرح)، يفصح فيه عن شهادته عن بدايات ظهور الفصائل الفلسطينية المسلحة، في رواية مغايرة لكل الروايات الأخرى التي ارتبطت في الذاكرة مع الفصائل الفلسطينية، وتسلط الضوء على دور سعودي في دعم ما تصفه اليوم بـ"الإرهاب".

الحلقات التي ستبث أسبوعياً في برنامج "وفي رواية أخرى" النصيب الأكبر منها يركز على تنظيم (فتح، المجلس الثوري) وعلاقة زعيمه صبري البنا، الملقب حركياً بأبي نضال، بمسؤولين عرب موّلوه حين كانوا حديثي العهد. وفقاً لشهادة أبي فرح، فإن من يدعي اليوم محاربة الإرهاب نسي ما قام به في شبابه من دعم لشخصيات إرهابية.

يستحضر القيادي الفلسطيني السابق، خلال الحلقات التي تبث كل سبت وعلى مدار أربعة أسابيع، تفاصيل دقيقة عن رحلة ابتدأها من بلدته يعبد القسام لينتهي المطاف به في لندن. رحلةٌ تقاطعت خيوطها مع قادة النضال ضد الاحتلال الإسرائيلي، جورج حبش وأبو علي مصطفى وياسر عرفات، ووزير الإعلام الأردني سابقاً، صالح القلاب، والكاتب والصحافي البريطاني، باتريك سيل، والإعلامي السعودي، عبد الرحمن الراشد، والعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، حين كان ما يزال أميراً، وغيرهم من المسؤولين العرب.


قتلنا برصاص عربي

في الحلقة الأولى يتحدّث أبو فرح عن رحلة البحث عن الذات؛ عن الميول اليسارية لعائلته وعن المد القومي في فترة الخمسينيات. يتطرّق بعد ذلك إلى نشاطه السياسي بانخراطه في حركة القوميين العرب وتعرفه على أبو علي مصطفى، ومن ثم هروبه باتجاه القاهرة خوفاً من الاعتقال على يد السلطات الأردنية. في العاصمة المصرية، تعرّف أبو فرح على حركة فتح من خلال شقيقه مسؤول التنظيم هناك. ورغبة منه في الانخراط في العمل المسلح، يغادر أبو فرح القاهرة باتجاه دمشق ليتعرّف هناك على أبو عمار وأبو جهاد وأبو إياد وأبو صبري حيث عاش معهم في المنزل ذاته.


وبما أن الانتماء كان بغاية تحرير فلسطين، استقر المطاف بأبو فرح في دمشق، ملغياً بذلك منحة دراسية حصل عليها من الجزائر. ووفقاً لضيف "التلفزيون العربي"، لم يكتب للعمليات الفدائية النجاح في بداياتها. باستثناء الجبهة السورية، منعت الأنظمة العربية حركة فتح من القيام بأي عملية عسكرية من أراضيها إلى أن جاءت هزيمة 67، حينها أجبرت الأنظمة العربية على تسهيل مرور مقاتلي "فتح" نحو فلسطين ومنهم عرفات.

1974: عام الانتصار



في الحلقة الثانية يتحدّث القيادي الفلسطيني السابق عن عام 1974 وكيف شهد انتصاراً للقضية الفلسطينية؛ ففيه تم الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعي، وفيه أيضاً ألقى عرفات خطاباً في الأمم المتحدة، كذلك حظيت فلسطين في ذلك العام باعتراف دولي كبير. لذا، وفقاً لشهادة أبو فرح، فقد كان لا بد من تشويه صورة النضال الفلسطيني عبر لصق تهمة الإرهاب به. يؤكد أبو فرح أن أبو نضال (صبري البنا) كان صناعة إسرائيلية بامتياز، مشيراً إلى أنه استفاد من عضويته السابقة في حزب البعث لينسج علاقة متينة مع القيادة العراقية التي كانت تعتبر حركة فتح موالية للجارة اللدودة، سورية.

تحول أبو نضال في تلك الفترة من مندوب فتح لدى العراق إلى ما وصفه أبو فرح بالمندوب العراقي لدى فتح، مستذكراً لقاءً جمع بين الرئيس العراقي آنذاك، أحمد حسن البكر، وقيادات فتحاوية من بينها الرئيس الفلسطيني الحالي، محمود عباس، والذي لام أبو نضال لانحيازه إلى الجانب العراقي على حساب أشقائه الفلسطينيين، ليحاول الأخير اغتياله انتقاماً.

يصر أبو فرح على أن أبو نضال صنيعة استخباراتية غربية لأنه أولاً استباح الدم الفلسطيني، مستذكراً حادثة اغتيال القيادي الفلسطيني، عصام السرطاوي، في لشبونة. كذلك يؤكّد الضيف أن اجتياح جنوب لبنان عام 1982 كان سببه محاولة فاشلة لاغتيال السفير الإسرائيلي في لندن على يد جماعة أبو نضال.

زعيم الموساد الفلسطيني

في الحلقة الثالثة من لقاءات عاطف أبو بكر لبرنامج "وفي رواية أخرى"، يضع ثلاثة احتمالات عن العلاقة التي جمعت بين أبو نضال وإسرائيل؛ فإما أن يكون عميلاً مباشراً أو أن عملياته تصب مصادفة مع المصالح الإسرائيلية أو أن جهازه مخترق.

وبعد تفنيد الاحتمالية الثانية والثالثة يخلص أبو فرح إلى التأكيد أن أبو نضال تم تجنيده في السودان من قبل الموساد الإسرائيلي، مؤكداً أن انتقاله إلى العراق جاء بطلب من القيادات الاستخباراتية الإسرائيلية كي يكون عينهم في ذلك البلد. حوادث كثيرة يؤكد فيها أبو فرح روايته من بينها تصفية أبو نضال كلّ من شارك في عملية ميونخ. من أبرز تلك العمليات كان اغتيال خصمه اللدود، أبو إياد، كذلك تزويد الاستخبارات الأميركية بمعلومات عن زراعة الحشيش وتجارتها التي كان يقوم بها "حزب الله" اللبناني مع ادعائه علناً أنه حليف لـ"حزب الله".

خلال الحرب العراقية الإيرانية، لم تعد بغداد تؤمن الغطاء الأمني لأبو نضال، إذ إن عواصم عربية وغربية ربطت بين دعمها العراق في الحرب بتحجيم أبو نضال، فكان السفر إلى بولندا عام 1981 وبدأت محاولات فتح قنوات تواصل مع دمشق. وإرضاءً لنظام حافظ الأسد حاول أبو نضال اللعب على الوتر الطائفي، فقال إن والدته تنتمي للطائفة العلوية وإنه متشيّع، ثم قام بعمليات ضد أهداف أردنية إرضاءً للأسد. لكنه أجبر في النهاية على مغادرة سورية بطلب أميركي فكانت الوجهة المقبلة له هي ليبيا.

أبو نضال والمسؤولون السعوديون

بعد ليبيا يضطر أبو نضال عام 1997 للذهاب إلى مصر والاستقرار هناك مدة سنتين، وإرضاءً للسلطات هناك يغتال أبو نضال الشيخ المصري محمد صلاح عبد المطلب في صنعاء.

لكن المفاجأة الكبرى التي يفجّرها أبو فرح هو وجود علاقة تربط بين أبو نضال والأمير السعودي حينها سلمان بن عبد العزيز، فوفقاً لأبو فرح، جرى التواصل مع الأمير سلمان عن طريق صالح القلاب وكذلك عبد الرحمن الراشد. ويؤكد عاطف أبو بكر أنه حتى بعد حرب الكويت ظلت جماعة "أبو نضال" تحظى بمنزلة خاصة لدى الأمراء السعوديين الذين سهلوا عملية تنقل أفرادها على الطائرات الأميركية. ويروي أبو فرح خلال الحلقة تفاصيل أخرى عن العلاقة المالية بين السعوديين وجماعة أبو نضال المصنفة إرهابية.

ويقول أبو فرح إن أبو نضال اضطر للتوجه إلى العراق لاحقاً ليلقى مصرعه على يد السلطات العراقية.


المساهمون