توسيع عمليات الاستخبارات الأميركية بأفغانستان: ترحيب حكومي وانتقادات شعبية

توسيع عمليات "سي آي إيه" في أفغانستان: ترحيب حكومي وانتقادات شعبية

25 أكتوبر 2017
خشية من تحشيد المزيد من المسلحين (وكيل كوشار/فرانس برس)
+ الخط -
أكد المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، الجنرال دولت وزيري، أن بلاده ترحب بالقرار الأميركي، الذي كشفت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" الأحد الماضي، بتوسيع العمليات السرية للاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، وإرسال فرق صغيرة من الضباط والمتقاعدين ذوي الخبرة العالية إلى أفغانستان بهدف استهداف وملاحقة قيادات "طالبان"، والقضاء عليها.

وأضاف الجنرال، أن التنسيق لأجل القضاء على قيادات "طالبان" ومسلحيها موجود بين القوات الأفغانية وبين القوات الأميركية من السابق، وله نتائج كبيرة، منوهًا إلى أن القرار الأميركي الجديد ستكون له آثار كبيرة في تغير موازين القوة على الأرض، إذ إن القضاء على القيادة الميدانية لـ"طالبان" يوجه ضربة قوية لها، وهذا ما أثبتته التجارب.


ولم يتحدث الجنرال ما إذا كانت المخابرات الأميركية تشارك حاليًا مع القوات الأفغانية الخاصة ومخابرات بلاده خلال العمليات الخاصة، ولكنه أشار إلى أن القوات الأفغانية الخاصة (الكوماندوز) تطلق كل ليلة، بالتنسيق مع أجهزة المخابرات الأفغانية، ما بين واحدة وخمسة من المداهمات الليلية أو العمليات التي تستهدف في الغالب المراكز الرئيسية لـ"طالبان"، والتي غالبًا تؤوي قياداتها، مشددًا على أن تلك العمليات من أنجح الخطوات التي مورست ضد التنظيمات المسلحة.



وبينما ترحب الحكومة الأفغانية بقرار واشنطن، وهو لربما كان من أحد أهم مطالب كابول، انقسم عامة الأفغان والسياسيين حياله بين مرحب به ومعارض له بشدة، بل اعتبر بعضهم ذلك القرار بأنه سينتج الكثير من المسلحين، على غرار ما فعلته المداهمات الليلية للقوات الأميركية، والتي كانت تطلق بشكل يومي، وتسببت في توجه الكثير من الشباب صوب التنظيمات المسلحة، لا سيما "طالبان"، لأجل الانتقام، بعد أن قامت القوات الأميركية بـ"انتهاك حرمات المنازل"، كما يقول بعضهم.



ولأن توسع عمليات المخابرات الأفغانية يأتي لأجل القضاء على قيادات الجماعات المسلحة؛ فقد رحبت بها الحكومة الأفغانية، ذلك بالإضافة إلى ترحيب بعض الأوساط السياسية.

وفي هذا الشأن، أبدى نائب لجنة الدفاع في البرلمان الأفغاني، عبد الحي أخوندزاده، ترحيبه بقرار توسع عمليات المخابرات الأميركية "إذا كان فعلًا لملاحقة قيادات طالبان" والجماعات المسلحة"، معتبرًا أن ذلك "أمر يحتاجه الأفغان، لكن بشرط أن يكون بالتنسيق مع الجهات الأفغانية، وأن تكون العمليات دقيقة بحيث لا يلحق عامة الأفغان أي ضرر"، قائلًا إن سياسة أميركا بعدم ملاحقة قيادات "طالبان" في السابق خلقت مشاكل كثيرة للأفغان.

لكن ثمة من انتقد ذلك بشدة، معتبرًا أنه "آلة جديدة لخلق مزيد من المسلحين"، كما يقول المحلل السياسي، زين الدين محمد وفا، مستشهدًا بالتجارب السابقة في أفغانستان "التي تشير إلى أن مثل هذه العمليات لم تأت بطائل، بل تسببت في استياء عامة الأفغان، لأن فيها انتهاكًا للأعراف الأفغانية، وهو ما تسبب في تقوية روح الانتقام في صفوف الشباب، خاصة المتوجهين صوب الجماعات المسلحة".



كما يضيف زين الدين أن "الحل الأمثل يكمن في مساعدة القوات الأفغانية وتدريب مخابرات البلاد، إذ إنها تعرف عادات وأعراف الناس، ويمكنها التعامل معها بشكل سليم، وهي فعلت ذلك، بخلاف المخابرات الأميركية التي لا قيمة عندها لكل ما هو أفغاني".

يشار إلى أن المخابرات الأفغانية والقوات الخاصة لها إنجازات كبيرة في ما يتعلق بملاحقة القيادة الميدانية لـ"طالبان"، تجسدت بمقتل عشرات من القادة الميدانيين خلال الأشهر الماضية، كما أنها لا تتسبب في إثارة حفيظة عامة الأفغان لأنها تراعي أعراف وتقاليد الناس.

ومن أحدث عمليات القوات الخاصة، هي المداهمة الليلية التي جرت في إقليم هلمند هذا الأسبوع، وقتل خلالها 6 قادة ميدانيين جاؤوا للإقليم للمشاركة في اجتماع مهم، وكلهم قادة في جنوب أفغانستان.

كما أعلنت الاستخبارات الأفغانية، عشية كشف الصحيفة عن القرار الأميركي، اعتقال العقل المدبر للهجمات البارزة في العاصمة كابول، وهو الملا سور غل، المشهور في الأوساط الجهادية بالملا بشير، معتبرة الأمر خطوة ناجعة، يتغير بموجبها الوضع الأمني في كابول، ولو نسبيًا.

وفي المحصلة، فإن معظم الأفغان يفضلون المساعدة الأميركية للقوات الأفغانية وأجهزة المخابرات للتعامل مع مظاهر التسلح، وعلى رأسها قيادة "طالبان"، ذلك بدلًا من إرسال القوات أو الضباط أو الخبراء الأميركيين، نظرًا للحساسيات الموجودة على الأرض.


المساهمون