بغداد تسيطر على معابر كردستان... وخارطة طريق لبرهم صالح

بغداد تسيطر على معابر كردستان... وخارطة طريق لبرهم صالح

25 أكتوبر 2017
وقعت اشتباكات بين البشمركة والقوات العراقية أمس (كريس ماكغراث/Getty)
+ الخط -

تتجه السلطات العراقية لحسم سيطرتها على المعابر الحدودية لإقليم كردستان، مع إطلاقها تحركاً عسكرياً جديداً صوب منطقة فيشخابور الحدودية مع تركيا بغية السيطرة عليها وتسلّم إدارة المنفذ الذي تسيطر عليه قوات البشمركة منذ عام 2003، ما يجعل الإقليم تحت رحمة المنافذ الإيرانية فقط. ويأتي ذلك مع بدء أحزاب المعارضة الكردية في إقليم كردستان سلسلة اجتماعات واسعة في السليمانية بهدف تقديم مشروع حل للأزمة إلى برلمان الإقليم، الذي تم تمديد عمله لثمانية أشهر مقبلة في جلسة ساخنة، أمس الثلاثاء، بحضور غالبية الكتل السياسية الكردية، بعد تعذر إجراء الانتخابات العامة في الإقليم لأسباب سياسية وفنية تتعلق بإجراءات مفوضية الانتخابات، من بينها عدم تقديم مرشحين من قبل الأحزاب.

وتقود القوات العراقية المشتركة مدعومة بوحدات مدرعة وغطاء جوي، عملية جديدة ومهمة على الحدود التركية تهدف للسيطرة على معبر فيشخابور العراقي مع تركيا في منطقة فيشخابور المعروفة بالمثلث العراقي السوري التركي، وذلك بالتزامن مع زيارة مقررة لرئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، اليوم الأربعاء، إلى أنقرة للقاء الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، وبحث ملف الأزمة الكردية واستفتاء الانفصال.

وأمهلت بغداد أمس حكومة الإقليم 24 ساعة تنتهي مساء اليوم الأربعاء لتسليم المنفذ الحدودي وكامل منطقة فيشخابور، ما يعني بطبيعة الحال فصل إقليم كردستان العراق عن تركيا برياً وإعادة المنطقة إلى نفوذ بغداد ضمن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل كما كانت قبل الغزو الأميركي للعراق، ما يجعل الإقليم تحت رحمة المنافذ الإيرانية فقط في توريد البضائع وعبور الأشخاص، في الوقت الذي لا فائدة تجارية أو اقتصادية ترجى من حدوده مع سورية التي تسيطر عليها "قوات سورية الديمقراطية".

ووقعت اشتباكات، صباح أمس الثلاثاء، بين القوات العراقية والبشمركة على أطراف بلدة شيخان شمال غرب الموصل، توقفت بعد تواصل ممثلين عن الطرفين، وفق مسؤول عراقي عسكري رفيع في بغداد، أكد لـ"العربي الجديد" أن وجهة القوات العراقية هي معبر فيشخابور الحدودي مع تركيا، وتم إمهال البشمركة يوماً واحداً لإخلاء المنطقة والطريق الواصل بين شيخان ومنطقة فيشخابور بالكامل لتسلم القوات العراقية مسؤولية المعبر. وأسفرت المعارك عن قتلى وجرحى بين الطرفين، وسط تقارير تؤكد وقوع أسرى من القوات العراقية بيد البشمركة.

في السياق، قال المتحدث العسكري باسم مليشيا "بدر" (أكبر فصائل الحشد الشعبي) كريم النوري، إنه "لا يوجد توجّه من القيادة العامة للقوات المسلحة، لتجاوز حدود إقليم كردستان". وأوضح النوري، لـ"الأناضول"، أن "كل الفصائل تتحرك وفق تكليف من القيادة العامة للقوات المسلحة، وكل الأماكن التي دخلها الحشد كانت بتكليف رسمي من القيادة العسكرية".


يُذكر أن قوات كردية تسيطر على معبر فيشخابور العراقي التركي منذ الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وتدير حركة التجارة وتنقّل الأشخاص من المنطقة وإليها. ويُعرف المعبر رسمياً باسم "إبراهيم الخليل". ومن خلال المنطقة ذاتها تمر شبكة خطوط أنابيب النفط العراقية إلى ميناء جيهان التركي، لذا تعتبر بغداد أن المنطقة ذات أهمية استراتيجية وسياسية. وكان الأمين العام لوزارة البشمركة جبار الياور، كشف لـ"العربي الجديد" أن بغداد تنوي العودة إلى حدود صدام حسين السابقة، في إشارة منه إلى حدود الإقليم قبل الغزو الأميركي للبلاد. وتبعد منطقة فيشخابور 110 كيلومترات عن الموصل و60 كيلومتراً فقط عن مدينة دهوك عاصمة محافظة دهوك ثالث مدن إقليم كردستان العراق.

سياسياً، قدّمت حركة "التغيير" و"الجماعة الإسلامية" وتحالف "من أجل الديمقراطية" الذي يتزعمه القيادي البارز برهم صالح، خارطة طريق قالت، إنها كفيلة بإنهاء الأزمة الحالية في كردستان وعودة الإقليم إلى وضعه الطبيعي السابق. وتقوم خارطة الطريق على مطالب خمسة، تُعتبر الأولى لجهة الإعلان رسمياً عنها من خلال بيان مشترك للأحزاب الثلاثة. وتضمّنت هذه المطالب، حماية الكيانات السياسية في إقليم كردستان، ووحدة صف الشعب الكردي، وتجنيب الإقليم مخاطر الحرب الأهلية، وتشكيل حكومة مؤقتة عن طريق البرلمان لإدارة ملف الحوار مع الحكومة الاتحادية في بغداد، والاستعداد لإجراء انتخابات نزيهة في الإقليم، وإكمال مسودة الدستور، ووضع برامج وخطط لتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، والعمل على إعادة النازحين من المناطق المتنازع عليها وتثبيت استقرارها، وحل مؤسسة رئاسة إقليم كردستان، ومنح الصلاحيات إلى المؤسسات المعنية وفقاً للقوانين المختصة.

وقال عضو حزب "الاتحاد الكردستاني"، كاميران صالح، لـ"العربي الجديد"، إن عدم حضور ممثلين عن حزب "الاتحاد" للاجتماع يأتي بسبب حاجته إلى ترميم البيت الداخلي وتوحيد مواقف الحزب الحالية بسبب الأحداث التي عصفت أخيراً به عقب دخول القوات العراقية إلى مدينة كركوك، مضيفاً: "الحديث عن ذلك ووضع حزب الاتحاد ليس بسر، لكن بشكل عام نحن أيضاً مع قيادة كردستانية جديدة خارج إطار عائلة البارزاني".

جاء ذلك في ما كان برلمان كردستان يصوّت أمس على قرار بتأجيل الانتخابات وتمديد عمله ثمانية أشهر جديدة. وتثير عملية تمديد عمل البرلمان العديد من الشكوك حول إمكانية إقالة رئيس الإقليم مسعود البارزاني وتسمية رئاسة جديدة وحكومة إنقاذ مؤقتة داخل الإقليم، إذ يسيطر الحزب الديمقراطي على أكثر من نصف مقاعد البرلمان في الوقت الحالي بسبب تحالفه مع "الاتحاد الإسلامي" الذي يمثّل الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في كردستان. إلا أن عضو حركة "التغيير" محمد حاجي، أوضح لـ"العربي الجديد" أن "إقالة البارزاني ستنهي المشكلة مع بغداد وتمنع تطورها أكثر"، مشيراً إلى أن "الأحزاب الأخرى لديها وسائل ضغط لتنفيذ خارطة الطريق التي تتمنى تحقيقها بشكل عاجل".

المساهمون