علاقات المغرب والجزائر تراوح العدم: المواجهة المقبلة في نوفمبر

علاقات المغرب والجزائر تراوح العدم: المواجهة المقبلة في نوفمبر

22 أكتوبر 2017
تولى الوزير مساهل مهمة التصعيد ضد المغرب(جول صمد/فرانس برس)
+ الخط -
عادت العلاقات السياسية والدبلوماسية بين المغرب والجزائر إلى نقطة الصفر، بعد حرب التصريحات المندلعة بين مسؤولي حكومتي البلدين الجارين. فبعد اتهام وزير الخارجية الجزائري، عبد القادر مساهل، مصارف مغربية والخطوط الجوية الملكية بالعمل على تبييض أموال وتجارة المخدرات في أفريقيا، ردت الرباط باستدعاء السفير المغربي في الجزائر للتشاور، في تطوراتٍ أعادت تأجيج التوتر إلى العلاقات المغربية - الجزائرية، وتزامنت مع مستجدات في ملف الصحراء الذي هو موضع خلاف بين البلدين.

ورأى مراقبون أنه كلما جرى تحريك المفاوضات بشأن ملف الصحراء، المتنازع عليها بين المغرب وجبهة "البوليساريو" المطالبة بالانفصال، والمدعومة من الجزائر، كلما سارعت الأخيرة على التصعيد من أجل عرقلة هذه المفاوضات. ويشار إلى أن اتهامات وزير الخارجية الجزائري للمغرب بتبيض أموال تجارة المخدرات، تأتي هذه المرة في سياق زيارة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في الصحراء، هورست كوهلر، إلى المنطقة. وقد زار في بداية الأسبوع الرباط وحظي باستقبال العاهل المغربي الملك محمد السادس، كما زار مخيمات نجوف وأجرى محادثات مع قادة "البوليساريو"، قبل أن يزور كلاً من الجزائر وموريتانيا، المعنيتين بملف الصحراء أيضاً.

واعتبرت الحكومة المغربية أن السلطات الجزائرية تحاول وضع عقبات أمام مهمة المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء وإعادة خلط الأوراق السياسية، لا سيما أنه يستعد لرفع تقرير إلى مجلس الأمن الدولي في شهر أكتوبر/تشرين الأول الحالي، كما تحاول إظهار الرباط وكأنها تسعى إلى رفض التفاوض بشأن نزاع الصحراء. وفي المقابل، فإن الجزائر تتهم الرباط بأنها تحاول استمالة الأمم المتحدة إلى صفها، وطي صفحة التوتر الذي ساد بين الطرفين في عهد الأمين العام السابق للمنظمة الدولية، بان كي مون، بشأن ملف الصحراء. وكان بان ذكر، في إحدى تصريحاته، ما أسماه "احتلال الصحراء"، الأمر الذي أدى إلى أزمة بين المغرب والأمم المتحدة، انتهت بطرد موظفين أمميين، بقرار من السلطات المغربية، قبل أن تعود المياه إلى مجاريها تدريجياً بانتهاء ولاية الأمين العام السابق.

كذلك، سارعت السلطات المغربية إلى اتهام الجزائر بأن غايتها من تصريحات مساهل بشأن تبييض الأموال وتهريب المخدرات، تتمثل في إفشال حضور المملكة في القمة الأوروبية الأفريقية التي من المقرر أن تحتضنها دولة ساحل العاج يومي 29 و30 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مقابل محاولتها فرض حضور جبهة "البوليساريو" في المؤتمر.

وتعتقد أوساط مغربية أن الجزائر منزعجة من مشاركة الرباط بهذا المؤتمر، وهي مشاركة تأتي بعد عودة المغرب قبل أشهر، إلى منظمة الاتحاد الأفريقي، واضعاً بذلك حداً لسياسة الكرسي الفارغ التي انتهجها منذ ثمانينيات القرن الماضي داخل المنظمة الأفريقية، وهو ما كان يسمح لجبهة "البوليساريو" بتثبيت مكانتها داخل البيت الأفريقي. وهذه العودة المغربية شكلت ضربة لتلك الجبهة، باعتبار أن حوالى 44 دولة أفريقية من أصل 54 بلداً، لا تعترف أو سحبت اعترافها بما يسمى "الجمهورية الصحراوية". وهذا تطور أدى إلى ردة فعل مضادة من طرف "البوليساريو" والجزائر التي تعلن صراحة دعمها مبدأ "تقرير المصير" وإجراء استفتاء في الصحراء، ورفض الطرح المغربي بإقامة حكم ذاتي بالصحراء تحت السيادة المغربية.

ومن المتوقع أن تشهد القمة الأوروبية الأفريقية المقبلة، مواجهة ساخنة بين المغرب والجزائر، على وقع تكريس عودة المغرب بشكل رسمي إلى الاتحاد الأفريقي، وفي ظل حرص "البوليساريو" على حضور القمة المرتقبة، باعتبار أنها لا تزال عضواً في المنظمة الأفريقية.