عينتان عما ينتظر الرقة: الدعوة الفرنسية وصورة أوجلان

عينتان عما ينتظر الرقة: الدعوة الفرنسية وصورة أوجلان

21 أكتوبر 2017
تحديات جديدة تعرفها الرقة (بولنت كيليش/ فرانس برس)
+ الخط -
تفرض هزيمة تنظيم "داعش" الإرهابي في الرقة أهم معاقله السورية تحديات جديدة؛ فـ"المعركة ضد "داعش" لم تنته بحسب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بل فتحت باب "تحديات إرساء الاستقرار وإعادة البناء (التي) لن تكون أقل من الحملة العسكرية".

وشدد ماكرون على أن "التوصل لانتقال سياسي عبر التفاوض أصبح ضروريا أكثر من أي وقت مضى (في سورية عموماً)"، وأن "على القوى التي خاضت معركة الرقة، أن تحترم كل أطياف المجتمع في المدينة ذات الهوية العربية الصرفة، التي باتت حالياً تحت نفوذ "قوات سورية الديمقراطية" ذات الصبغة الكردية الصرفة، ما قد يعيق مستقبلاً، عودة الاستقرار والأمن المجتمعي إلى الرقة، التي تغيرت هوية القوى المسيطرة عليها أربع مرات، خلال أقل من خمسِ سنوات.

وقالت الرئاسة الفرنسية، في بيانٍ أصدرنه أمس الجمعة، إن "الحملة للقضاء على تنظيم "داعش" تجتاز اليوم مرحلة جوهرية؛ فمن الرقة تم تخطيط العديد من الأعمال الإرهابية وتوجيهها ضد أهداف في الشرق الأوسط وأوروبا، وخصوصاً في فرنسا، وباقي العالم"، مشددة على ضرورة أن يُسهم ذلك بإيجاد "مخرجٍ من الحرب الأهلية التي تغذي الإرهاب منذ قمع نظام بشار الأسد الحركة الديمقراطية".

ونبهت الرئاسة الفرنسية كذلك إلى ضرورة أن تحترم القوى التي أخضعت الرقة لنفوذها مكونات هذه المدينة، مشيرة إلى أنه "ينبغي تطبيق هذا المبدأ على مدينة الرقة في المقام الأول وفقا لشروط تتيح إعادة ظروف الحياة الطبيعية وعودة النازحين واللاجئين واستعادة السلام والاستقرار بشكل دائم".

ولكن القوات التي حاربت "داعش" في الرقة، بدعمٍ من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، ويضم إلى جانب فرنسا نحو ستين بلداً، ورغم أنها عبرت في بيانها الرسمي عن نيتها "تسليم إدارة مدينة الرقة وريفها إلى مجلس الرقة المدني وتسليم مهام حماية أمن المدينة وريفها لقوى الأمن الداخلي في الرقة (...) ومستقبل محافظة الرقة سيحدده أهلها ضمن إطار سورية ديمقراطية لامركزية اتحادية"، غير أن الوقائع لا تشير إلى أن هذه القوات مُقبلة فعلاً على احترام مكونات المدينة العربية.

وتعمدت تلك القوات في احتفالية نهاية معركة الرقة فيما يعرف بـ"دوار النعيم" (أكبر ساحات الرقة)، رفع صور قائد حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان، الأمر الذي يعتبره أهالي المدينة المُهجرون استفزازاً لهم. كما أن رفع صورةٍ ضخمة لأوجلان، الذي قبضت عليه السلطات التركية سنة 1999، يُعتبر بمثابة رسالةٍ سياسيةٍ ضد تركيا، التي قال رئيسها رجب طيب أردوغان: "تم رفع صورة لزعيم الإرهابيين في الرقة، كيف لأميركا أن توضح ذلك"؟



من جانبه، اعتبر رئيس وزراء تركيا، بن علي يلدريم "تعليق صورة زعيم منظمة PKK الإرهابية (حزب العمال الكرستاني) بالرقة، يضر بشكل كبير بعلاقات التحالف بين تركيا والولايات المتحدة(...) مواصلة أميركا علاقاتها مع pyd (حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي) لا تعني التعاون مع الإرهاب فحسب، بل تعرض مستقبل تركيا وسورية للخطر".

ويبدو أن واشنطن أرادت تهدئة تركيا، شريكتها في حلف شمال الأطلسي، إبان استفزاز "وحدات حماية الشعب" الكردية (الجناح المسلح لحزب الاتحاد الديمقراطي الذي يقود قوات سورية الديمقراطية)، فدانت عبر وزارة دفاعها (البنتاغون) رفع صورة أوجلان في الرقة.

غير أن الموقف اعتبرَ خجولاً؛ إذ قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، أدريان رانكين غالاوي، لوكالة "الأناضول"، إن بلاده "تدين رفع صورة أوجلان"، وتعتبر أن "منظمة PKK إرهابية منذ عام 1997، وهي تزعزع استقرار المنطقة".

غالاوي أشار إلى أن واشنطن، تواصل دعم تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، في كفاحها ضد هذه المنظمة منذ عشرات السنين. كما اعتبر المسؤول الأميركي أن "التحالف لا يقبل رفع تلك الصور التمييزية، في فترة تتطلب التركيز على دحر "داعش" في سورية".

لكن هذه الحادثة الرمزية، التي ربما يستشف منها، ما تخططه "وحدات حماية الشعب" الكردية لمستقبل الرقة، عززت مخاوف أهالي المدينة، الذين يعتبرون أن هويتها العربية مهددةٌ بـ"التكريد"، مستدلين على ذلك، بأن "قوات سورية الديمقراطية" استمالت إلى جانبها منذ ما قبل انتهاء معركة الرقة، شخصيات عربية، لـ"تهجين" ما يُعرف بـ"مجلس الرقة المدني"، الذي من المفترض أنه سيكون مخولاً بإدارة شؤون المدينة وإعمارها.

وعلاوة على زيارةٍ غير مُعلنة رسمياً الأسبوع الماضي لوزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، ثامر السبهان، لمحافظة الرقة، والحديث عن أن محادثاته هناك بحثت في ملف إعادة الإعمار، أعلنت باريس عبر وزير خارجيتها جان إيف لودريان، تخصيصها 15 مليون يورو لدعم المناطق التي طرد التحالف منها "داعش"، في وقتٍ تتجه الأنظار أكثر هذه الأيام نحو مآلات المعركة مع التنظيم في محافظة دير الزور النفطية.

المساهمون