تشكيك في مهمة ميركل مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة

تشكيك في مهمة ميركل المعقدة مع بدء مفاوضات تشكيل الحكومة

18 أكتوبر 2017
شريكي التحالف لن يهادنا ميركل بالمحادثات التمهيدية (شون غالوب/Getty)
+ الخط -

تتوجه الأنظار في ألمانيا إلى المحادثات التمهيدية التي تبدأها المستشارة أنجيلا ميركل، اليوم الأربعاء، مع طرفي التحالف المستقبلي، وهما حزبا الليبرالي الحر والخضر، من أجل تشكيل حكومة تسمح لها بالانطلاق في ولاية رابعة بعد فوزها وحزبها بأكبر كتلة برلمانية في البوندستاغ خلال الانتخابات التي جرت أواخر الشهر الماضي.

وتنطلق المحادثات التمهيدية في ظل توقعات ترجح انعكاس خسارة حزب "المسيحي الديمقراطي" في الانتخابات البرلمانية المحلية في ولاية سكسونيا السفلى، الأحد الماضي، سلبا على موقع ميركل التفاوضي.

وفي غمرة هذه الأحداث، يبدو أن شريكي التحالف الجامايكي، أو تحالف الضرورة، لن يهادنا المستشارة، وسيتمسكان بطروحاتهما أمام الاتحاد المسيحي الذي تتزعمه. ويعزو خبراء في الشؤون السياسية الألمانية السبب إلى تراجع حضور الليبرالي الحر والخضر أيضا في برلمان سكسونيا السفلى، وبالتالي فإن الانتكاسات طاولت أطراف التحالف، وهذا ما يزيد من صعوبة المفاوضات المزمعة، وسيجعلها مرهقة ومثيرة في آن.

في المقابل، قد تكون نتيجة انتخابات برلمان مدينة هانوفر، عاصمة ولاية سكسونيا السفلى، بمثابة إشارة وإنذار جديدين للتحالف بأكمله، فيما رأى الأمين العام للاتحاد المسيحي، بيتر تاوبر، أن المفاوضات شأنها مستقل عن نتيجة الانتخابات في سكسونيا السفلى، وهي لا تشكل عبئا ولن تؤثر على مسار التفاوض، وهو ما أكد عليه أيضا الأمين العام لليبرالي للحر، نيكولا بيير، أخيرا، باعتبار أن هناك إمكانية لـ"بناء جسر جامع وخلق أساس جيد للمحادثات الاستكشافية بين الأطراف، مع التأكيد على أهمية التمييز الواضح بين اللاجئين والمهاجرين لأسباب اقتصادية".



ولا تعتبر سياسة اللاجئين، بأي حال من الأحوال، النقطة الوحيدة التي يمكن أن تضغط على محادثات "الجامايكي"، وأهمها صعوبة مهمة التعاون بين الخضر والاجتماعي المسيحي، كما يبرز رفض الليبرلي للحد الأقصى للاجئين، إلى العديد من المجالات الأخرى، بدءا من التخفيضات الضريبية، إلى حماية المناخ وسياسة اليورو، والتي تختلف بشأنها مواقف الفرقاء، ورفض حزب الخضر مراكز الترحيل التي لا تتوافق مع خطته، وهو الرافض أساسا لتصنيف الدول المغاربية بالآمنة، وهي إحدى نقاط الخلاف.

وفي هذا الإطار، يمكن القول إن ما توصل إليه شريكا الاتحاد المسيحي لا يمكن تسميته بالاتفاق، إنما إعلان نوايا، لأن ما تمت صياغته بين الحزبين لم يحدد حدا أقصى للاجئين، وأبقى على صحة قانون اللجوء في الدستور الألماني واتفاقية جنيف بشأن اللاجئين، وقواعد اللجوء الأوروبية، وهذا يعني أنه ولو نفذت التسوية الوسطية فلن يرفض أي لاجئ على الحدود، وأن المسألة قانونية بحتة، والأمر يتطلب إصلاح دبلن، رغم تأكيد فريقي التحالف السعي للوصول إلى اتفاق على ألا يتجاوز عدد اللاجئين 200 ألف سنويا، وأنه ينبغي حسم العائدين الطوعيين والمرحلين من عدد الوافدين، فضلا عن تأييد فكرة أن يقيم اللاجئون المطلوب ترحيلهم في مراكز خاصة، ومراقبة الحدود وتعليق لم الشمل العائلي لمن يتمتعون بالحماية الثانوية، أي الحاصلين على إقامة لمدة عام واحد قابلة للتجديد.

وتعبّر تصريحات وانتقادات المسؤولين في أحزاب الاجتماعي المسيحي والليبرالي الحر والخضر، عن حقيقة أفكار كل فريق تجاه الآخر.

وفي حين علت الأصوات من الشركاء المفترضين للائتلاف الحكومي، فإن ردود الفعل بشأنها لم تكن مشجعة للغاية، وحملت الكثير من التشكيك في التحالف، حتى أن الأمر وصل بنائب رئيس الليبرالي، فولفغانغ كوبيكي، للتعبير عن انزعاجه من حجم اللجان التفاوضية.

وقال كوبيكي، في حديث صحافي: "أعتقد أنه من الخطأ الرئيسي التنافس في جلسات التفاوض، وهذا ليس أساسا لبناء الثقة ولا للمفاوضات الجيدة والسرية"، مؤكدا على خلافاتهم مع الخضر، وأنه "سيكون من الصعب العثور على أساس عقلاني لقيام التحالف، وذلك نظرا لتزايد مطالب الأطراف المعنية".

بدوره، اعتبر الرئيس الجديد لكتلة الاجتماعي المسيحي في البوندستاغ، ألكسندر دوبرينت، في حديث لمجموعة "فونكه" الإعلامية، أخيرا، أن الاختتام الناجح لمفاوضات الائتلاف ما زال مفتوحا تماما، خاصة مع الخضر، واعتبر أنه على الأخير أن يقبل بفرصة الانضمام إلى حكومة تضم الاتحاد المسيحي والليبرالي الحر، مؤكدا أنه "يجب أن يكون قرار الاتحاد المسيحي بالحد من وصول اللاجئين جزءا أساسيا من اتفاق الائتلاف".

إلى ذلك، كان لزعيم الليبرالي موقف من التحالف الجامايكي، بحيث اعتبر أن "بناء الفريق أو ما شابه ذلك غير موجود مع الخضر حتى الآن"، وأنه على سبيل المثال الاختلاف موجود في موضوع "حظر موتورات الاحتراق حتى 2030"، مؤكدا أن "المحرك الكهربائي سيكون أكثر إقناعا"، واعتبر أن "الخضر، ولسوء الحظ، لديهم ميل ليس فقط لتحديد الهدف، ولكن أيضا تحديد الطريق مع الإعانات الحظر والضرائب، والقوانين والبيروقراطية، وتولي مهام المهندسين".

في المقابل، قالت زعيمة الكتلة البرلمانية للخضر، كاترين غورينغ ايكارت: "على الآخرين الاعتراف بالهوية المختلفة للشركاء الأربعة المحتملين، وهذا شرط أساسي"، في حين عبرت نائبة رئيس الكتلة البرلمانية للخضر، كاتيا دورنر، لصحيفة "بيرلينر تسايتونغ"، أنه "من الصعب أن نتصور كيف يمكن ترجمة الاختلافات إلى ترتيبات دستورية"، ومؤكدة "تحفظات الخضر بخصوص لم الشمل وتوسيع قائمة البلدان الآمنة".

وتبدو المستشارة ميركل أكثر تفاؤلا من شركاء الائتلاف المحتملين، وطالبت بالقيام بمفاوضات مسؤولة بشأن الحكومة المستقبلية، مشيرة إلى "مسؤوليتنا المشتركة لتحمل واجباتنا أمام مواطنينا وبلدنا"، مع توقعاتها، في حديث لشبكة ألمانيا التحريرية، أن تكون المفاوضات صعبة حول قضايا البيئة، التي يطالب بها حزب الخضر.




المساهمون