المعارضة التونسية تطالب باستقالة الهيئة الدستورية بسبب "المصالحة"

المعارضة التونسية تطالب باستقالة الهيئة الدستورية المؤقتة لإخفاقها بالبت في المصالحة

18 أكتوبر 2017
المعارضة: الهيئة مخترقة من رئاسة الجمهورية (أمين لندولسي/ الأناضول)
+ الخط -
يبدو أن المعارضة التونسية في البرلمان لم تستنفد بعدُ سبل التصدي لمشروع قانون المصالحة في المجال الإداري رغم تمريره إلى رئاسة الجمهورية، فيما طالبت باستقالة أعضاء الهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين، لأنها "فقدت نزاهتها وحيادها". 

وتعتزم المعارضة الدفع نحو تنصيب المحكمة الدستورية من أجل الطعن مجدداً أمامها في دستورية مشروع قانون المصالحة، وطالبت، في الوقت ذاته، باستقالة أعضاء الهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين، لأنها "استجابت لضغط رئاسة الجمهورية" بعد أن أعلنت عجزها عن البت في الطعون المقدمة في مشروع قانون المصالحة ومررته لرئيس الجمهورية. 

وينص القانون المحدث للهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين على أنه "في حال تساوي الأصوات داخلها أثناء التصويت على قبول الطعون في مشروع قانون أو رفضها، فإنها تحيل المشروع موضوع الطعن لرئيس الجمهورية، والذي قد يمضي عليه ويأذن بنشره في الجريدة الرسمية للجمهورية، ليصبح قانونا نافذا، أو يقرر رده للبرلمان من أجل إعادة التداول فيه". 

وأجمع نواب المعارضة البرلمانية على أن "التعويل على أن رد رئاسة الجمهورية المشروع إلى المجلس أمر مستحيل، لا سيما أنها الجهة التي اقترحته، علاوة عن أنها تعده إنجازا خاصا بها، ووفاء بوعود انتخابية للرئيس نفسه". 

واعتبر النائب عن الكتلة الديمقراطية والأمين العام لحزب التيار الديمقراطي، غازي الشواشي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "الظروف التي أحاطت بنظر الهيئة في المشروع تبين حجم الضغط الذي مورس على أعضائها من أجل رفض الطعون أو الامتناع عن البت"، مضيفا أن "الهيئة سارعت إلى اعتماد حيلة قانونية تتمثل في تصويت متساو، متخلية عن الأمانة التي حملها النواب والتونسيون كحارس للدستور، وعمقت بذلك الانقسامات في صفوف التونسيين المختلفين حول مشروع قانون المصالحة الإدارية". 

وفي تقدير المتحدث ذاته، فإن "عجز الهيئة عن الحسم في النزاع يؤكد فشلها وانتهاء صلاحيتها، فضلاً عن أن تسريب قرارها إلى نواب وقياديين من "النداء" يدل على حجم استجابتها للضغط، وعلى أنها هيئة مخترقة من قبل الأحزاب السياسية، إذ لم تحترم سرية المداولات التي أقسم أعضاؤها يمينا أمام الرأي العام التونسي بأن يحافظوا عليها، وألا ينحازوا إلى أي طرف". 

ولم تعد الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية مشاريع القوانين محل ثقة نواب المعارضة البرلمانية، إذ دعوا إلى تسريع عملية انتخاب المحكمة الدستورية، أملاً في أن تكون "الهيكل الذي يحسم في النزاعات ذات البعد السياسي، بما يتوافق مع الدستور لا وفق الأهواء السياسية للحزب الحاكم"، وفق توصيف الشواشي. 

ودعت الجبهة الشعبية، من جانبها، الشارع التونسي إلى "اليقظة وعدم الاستسلام لليأس"، إذ أكد النائب عنها، جيلاني الهمامي، في تصريح لـ"العربي الجديد": "كان من المفروغ منه أن رئيس الجمهورية، الباجي قائد السبسي، سيمر إلى إمضاء المشروع ونشره، غير أن عودة التونسيين للشوارع مرفوقين بالنواب والحقوقيين والغيورين على الدستور وقيم الثورة قد يثنيه عن ذلك". 

ولم يخف الهمامي استهجانه "سلبية الهيئة الوقتية لدستورية مشاريع القوانين، والتي لم يمنعها تشبعها بروح القانون من أن تعمد إلى وضع المشروع بين يدي رئاسة الجمهورية لتكون خصما وحكما". 

ووصف نائب رئيس كتلة الجبهة عجز الهيئة عن التصويت لصالح الطعون أو ضدها بـ"السيناريو المخطط له مسبقا"، مستدلا على ذلك بأن "الهيئة سبق أن عمدت إلى ذلك عند بتها في الطعون المتعلقة بقانون المجلس الأعلى للقضاء، الذي أثار جدلا كبيرا في البلاد، بعد ضغط من الحكومة". 

ويتفق الهمامي مع بقية أطياف المعارضة البرلمانية في أن "المعركة حول المشروع لم تنته"، منبها إلى أنه "محل نزاع في جميع المراحل، بما فيها تلك المتعلقة بالهيئة التي انقسمت حوله، ولم تقدم للتونسيين رأيا قاطعا في أي اتجاه كان".

 

واعتبر أنه "على مكونات المجتمع المدني والمعارضة الضغط من أجل انتخاب محكمة دستورية مستقلة بعيدة عن المحاصصة، لتنهي عهدا من الضغوطات والاختراق الذي طاول الهيئة الوقتية وضرب مصداقيتها، لا سيما أنه ثبت أن "النداء" والرئاسة قد اخترقاها وتمكنا من فرض إملاءاتهما عليها". 

يذكر أن جدلا واسعا اجتاح الرأي العام التونسي أمس، إثر إعلان قيادات من "نداء تونس" رفض الهيئة للطعون المقدمة من المعارضة في مشروع قانون المصالحة، وأنها قررت تمرير المشروع إلى الرئاسة لختمه ونشره، في الوقت الذي لا تزال الهيئة مجتمعة، ولم تصدر قرارها رسميا بعد. 

وعبرت المعارضة آنذاك عن تنديدها واعتبارها هذه التسريبات "ضربا من عدم الحياد وتأكيدا على أن الهيئة مخترقة".