لهذه الأسباب اندلعت أزمة التأشيرات الأميركية التركية

لهذه الأسباب اندلعت أزمة التأشيرات الأميركية التركية... وانفراجة قريبة

17 أكتوبر 2017
الولايات المتحدة سترسل "فريقاً" لتطويق "أزمة التأشيرات"(الأناضول)
+ الخط -
يرى محللون ومراقبون أتراك أن إقدام أنقرة على خطوات في سورية والعراق، وعلى رأسها عملية "درع الفرات" لحماية أمنها القومي، كانت سبباً أساسياً في اتخاذ الولايات المتحدة قرارات معينة ضدّ أنقرة، واندلاع أزمة التأشيرات بين البلدين، مشيرة أيضاً إلى أسباب أخرى، فيما يرتقب أن تشهد الأزمة انفراجة، إثر إرسال واشنطن وفداً قريباً لأنقرة للبحث مع الجانب التركي، مسألة تشكيل لجنة تسعى لتطويق الأزمة.

وكان متحدث الرئاسة التركية، إبراهيم يالن، قد ذكر الخميس أن بلاده تلقت عرضاً من الجانب الأميركي بخصوص حل أزمة التأشيرة، لافتاً إلى أنه "سيتم تقييم ذلك بشكل مفصل".

ويعتقد مراقبون أن اتفاق تركيا مع روسيا وإيران على تشكيل منطقة خفض التوتر بمحافظة إدلب السورية، ونشر قوات مراقبة فيها، أفشل خطة أميركية للتدخل بالمحافظة من خلال حزب الاتحاد الديمقراطي (pyd)، بحجة محاربة عناصر تنظيم "داعش"، الأمر الذي انعكس سلباً على العلاقات الثنائية بين البلدين.

أما الملف الآخر الذي تصدّر الأجندة الدولية، وأثار جدلا في أروقة حلف شمال الأطلسي "ناتو"، فهو اعتزام تركيا استيراد صواريخ "إس-400" الروسية للدفاع الجوي، وفق تقرير نشرته وكالة "الأناضول" الرسمية.

وكشف المستشار بمركز الدراسات الاستراتيجية في أنقرة، جيواد غوك، عن أن الولايات المتحدة سترسل "فريقاً" الأسبوع الجاري للبحث مع الجانب التركي، بشأن تشكيل لجنة تسعى لتطويق "أزمة التأشيرات" التي تصاعدت خلال الأسبوع الفائت.

وتوقع غوك خلال تصريح لـ"العربي الجديد" أن لا تأخذ العلاقات المتوترة بين بلاده والولايات المتحدة أبعاداً تصعيدية من شأنها أن تؤذي التجارة وحجم التبادل بين الطرفين، الذي تعدى 17.5 مليار دولار العام الفائت.

ولفت المستشار التركي إلى أن التأزم بالعلاقات "موجود منذ عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وإن تفجر أخيراً عبر وقف التأشيرات، لكنه سيزول لأن كلا البلدين بحاجة لبعضهما"، ولا يتوقع المزيد من التصعيد ووصول الآثار للاقتصاد.

تراكم سياسي

ويرى المحلل التركي، سمير صالحة، أن وقف منح التأشيرات بين تركيا وأميركا الأسبوع الفائت، جاء على خلفية اعتقال السلطات التركية موظفاً تركياً من القنصلية الأميركية بإسطنبول، وهو متين طوبوز، بتهمة التجسس ومحاولة قلب النظام الدستوري للإطاحة بالحكومة التركية، ومن ثم "العاصفة " التي أطلقها السفير الأميركي لدى تركيا، جون باس، ووصفه قرار اعتقال الموظف طوبوز، بـ"الانتقامي وغير العادل".

ويضيف الأكاديمي التركي لـ"العربي الجديد" أن وقف منح التأشيرات وربما ما قد يليها من انعكاسات على الاقتصاد والتبادل التجاري، إنما هو تتويج لتراكمات سياسية بين البلدين، بدأت منذ حيادية واشنطن تجاه الأزمة التي نشأت بين تركيا وروسيا، على خلفية إسقاط أنقرة طائرة روسية في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، وتجلت بعد الانقلاب الفاشل الذي ضرب تركيا، منتصف يوليو/تموز العام الفائت، وتمنّع واشنطن عن تسليم المتهم بتدبيره، فتح الله غولن، مروراً بقيام الولايات المتحدة بتسليح وحدات حماية الشعب، "الذراع العسكرية لـ (pyd)،" الكردي، والتي تصنفه أنقرة إرهابياً ويهدد أمنها القومي، وتنفيذ قوات الجيش التركي عمليات عسكرية داخل سورية "درع الفرات " في أغسطس/آب 2016، لتفجر صفقة استيراد تركيا من روسيا صواريخ "إس 400 " الموقف .

ويشير المحلل التركي، إلى دور اتفاق تركيا مع روسيا وإيران على تشكيل منطقة خفض التوتر بمحافظة إدلب السورية، ونشر تركيا قوات مراقبة قرب مدينة عفرين السورية، والتي أفشلت الخطة الأميركية التي ربما تتطلع من خلالها واشنطن، للتدخل بشمال غرب سورية، عبر القوات الكردية.

ويحمّل الدكتور سمير صالحة السفير الأميركي بأنقرة، مسؤولية معظم التوترات، ابتداء من تأخره بالإدلاء بأي موقف بعيد الانقلاب الفاشل العام الماضي، وصولاً لتأزيم العلاقات والإدلاء بتصريحات اتهامية حول تحويل الموظف بالقنصلية الأميركية لمحكمة البداية التركية، مشيراً بالوقت نفسه إلى أن السفير الأميركي موظف بالنهاية ولا بد أن يعكس سياسة بلده تجاه تركيا، والتي لم تنجح أنقرة بمهام تقريب العلاقات التي أخذت بالتراجع، منذ عام 2014.

تركيا تلتزم بعدم التصعيد

يقول المحلل التركي، يوسف كاتب أوغلو، أن تركيا ترى ألا يتم التصعيد خصوصا أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين تصل لنحو 18 ملياراً، وستتأثر بشكل مباشر، وأزمة تعليق التأشيرات ستضر مواطني البلدين، ولكن دون السماح بالتدخل بشؤونها الداخلية وأمنها القومي، أو عدم احترام استقلالية القضاء.

ويكشف أوغلو لـ"العربي الجديد" أن هناك مذكرة بحث بحق موظف آخر بالقنصلية الأميركية بإسطنبول، وليس لديه حصانة دبلوماسية وهو "متي جان ترك"، مشيراً إلى أنه متهم بالتواصل مع جهات تابعة لجماعة غولن، وبأن زوجته حوّلت مبالغ ضخمة من حساباتها لخارج البلاد، وتطالب أنقرة القنصلية الأميركية للقضاء أن تسلمه للجانب التركي.

وأكد المحلل التركي أن ما يقال حول عدم تطبيق قوانين الأمن والسلامة للقنصلية، "غير صحيح، لأن القنصلية الأميركية كغيرها، وجميعها تحظى بالحماية والأمن، فلماذا هذه الزوبعة من واشنطن، هل لأنها متورطة ويمكن أن تسفر التحقيقات عن تورط بعض الأسماء الأميركية وأشخاص تركية لها علاقة بالانقلاب والتجسس، وبالتالي تفعيل الأزمة من خلال واشنطن لتمييع الموضوع وشده لطرف آخر، أو إخفاء وتعطيل القضاء كي لا يتم كشف تورط البعض بالانقلاب الفاشل؟" كما قال.

المساهمون