ملك المغرب يرتدي حلّة المعارضة: تمهيد لـ"زلزال" وتعديل حكومي

ملك المغرب يرتدي حلّة المعارضة: تمهيد لـ"زلزال سياسي" وتعديل حكومي

15 أكتوبر 2017
يريد الملك تغيير المشهد السياسي (فضل سنّا/ فرانس برس)
+ الخط -

عاد العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى نهج "خطاب المعارضة" وتوجيه تحذيرات شديدة إلى الحكومة، كما إلى البرلمان والنواب، وذلك في الخطاب الذي افتتح به الدورة البرلمانية الخريفية مساء الجمعة، غير أن هذه المرة لمح إلى إمكانية إجراء تعديل حكومي وشيك، من دون تحديد موعد ولا طبيعة هذا التعديل.

وبدا الملك المغربي عازماً على إحداث تغييرات في المشهد السياسي، بالنظر إلى رصده عدداً من الاختلالات والأخطاء في تدبير وتنفيذ مشاريع تنموية بعدد من مناطق البلاد، الأمر الذي دفعه إلى التهديد بمحاسبة المتورطين وعدم التهاون في رصد المفسدين.

وقال الملك في خطابه إنه "لا يقوم بالنقد من أجل النقد، ثم يترك الأمور على حالها، بل يريد معالجة الأوضاع وتصحيح الأخطاء وتقويم الاختلالات"، واصفاً بعد ذلك ما يعتزم القيام به من قرارات بكونها "مقاربة ناجعة لمسيرة من نوع جديد"، وبأنه "من صميم صلاحياته الدستورية إعطاء العبرة لكل من يتحمل المسؤولية في تدبير الشأن العام".

جرعة الانتقادات زادت في خطاب العاهل المغربي عندما أكد أنه "لن يتردد يوماً في محاسبة كل من ثبت في حقه أي تقصير في القيام بمسؤوليته المهنية الوطنية"، مشدّداً على أن "الوضع اليوم أصبح يفرض مزيداً من الصرامة، للقطع مع التهاون والتلاعب بمصالح المواطنين". معارضة الملك المغربي بلغت درجة حديثه عن قرب إحداث "زلزال سياسي"، داعياً في هذا الصدد إلى "التحلي بالموضوعية، وتسمية الأمور بمسمياتها، من دون مجاملة أو تنميق، واعتماد حلول مبتكرة وشجاعة، حتى وإن اقتضى الأمر الخروج عن الطرق المعتادة أو إحداث زلزال سياسي".

وأتبع الملك محمد السادس كل هذه التحذيرات والانتقادات الموجهة إلى الطبقة السياسية بالبلاد، خصوصاً البرلمان والحكومة والنواب، بأنه "غير راضٍ عن نتائج السياسات المطبقة في مجالات التعليم والصحة والشباب والعمل"، مبدياً انزعاجه من "عدم صلاحية النموذج التنموي للمملكة". حديث أعلى سلطة في البلاد عن محاسبة المسؤولين وعدم التهاون في المقصرين منهم، فهمه مراقبون على أنه تلميح ضمني وقوي إلى احتمال إجراء تعديل حكومي في الأيام القليلة المقبلة.

ووجد هذا التعديل الحكومي المحتمل سنده في معطيات ومؤشرات رئيسية عدة، منها أن الملك أعلن عن قرب إحداث وزارة خاصة بالشؤون الأفريقية لمواكبة مشاريع المملكة وتوجهاتها الدبلوماسية داخل القارة السمراء، بالتوافق مع السياسة المغربية الجديدة العاملة على سحب البساط من تحت خصوم الوحدة الترابية للمملكة.



من مؤشرات التعديل الوزاري أيضاً، تأكيد الخطاب الملكي على عدم الاكتفاء بجرد الانتقادات التي وجهها في الآونة الأخيرة مراراً إلى السياسيين والمسؤولين والنواب الذين لهم علاقة بمشاريع أشرف على إطلاقها في عدد من المناطق، خصوصاً في منطقة الحسيمة بالريف المغربي، من دون أن تظهر لها نتائج على أرض الواقع. الأمر الذي دفع السكان إلى الاحتجاج.

كذلك ينتظر الملك نتائج التقرير الذي كلف به رئيس المجلس الأعلى للحسابات إدريس جطو، بشأن الاختلالات التي تم رصدها في عدم تنفيذ عدد من مشاريع "الحسيمة منارة المتوسط" على أرض الواقع، فأمهل الملك جطو أسبوعاً إضافياً ليحدد المسؤوليات بشكل دقيق فيما حصل لمشروع "الحسيمة منارة المتوسط".

مؤشر آخر برز سابقاً يتجسد في انزعاج الملك بشكل واضح من عدد من المسؤولين والسياسيين في البلاد، وهو ما أفصح عنه في خطاب العرش في 30 يوليو/ تموز الماضي، عندما أكد أنه "لا يثق بعدد من السياسيين، وبأن بعضهم يتخذ المسؤولية مطية لتحقيق مآرب شخصية". ما عزّز فرضية التعديلات على المشهد السياسي.

كما أن من المؤشرات توجه الدولة نحو القطع مع زعامات حزبية معروفة بشعبويتها، وإحلال قيادات تكنوقراطية مكانها. وهو المنحى الذي انطلق مع حزب "الاستقلال" عندما تمت "تنحية" حميد شباط المثير للجدل من على رأس الحزب، وتعويضه، عبر آلية الانتخاب، بشخصية تكنوقراطية واقتصادية هي نزار بركة.

كذلك تنتظر أحزاب سياسية كبرى أخرى المصير ذاته، والذي يبدو أنه بات مخططاً ومعداً له بعناية، إذ يتوقع أن يقرر حزب "العدالة والتنمية" الحاكم قيادته الجديدة في المؤتمر المقبل، وينتظر أيضاً حزب "الأصالة والمعاصرة" الذي استقال زعيمه إلياس العماري، الحسم في الزعامة. أما حزب "الاتحاد الاشتراكي" فيسير نحو إنهاء زعامة إدريس لشكر، لصالح شخصية تكنوقراطية تساير التحولات السياسية والحزبية الجارية ببطء في المغرب.