كيف تقرأ الصحافة الإسرائيلية اتفاق المصالحة الفلسطينية؟

كيف تقرأ الصحافة الإسرائيلية اتفاق المصالحة الفلسطينية؟

13 أكتوبر 2017
فلسطينيون يحتفلون بتوقيع اتفاق المصالحة (محمود همس/فرانس برس)
+ الخط -
لم تجزم الصحافة الإسرائيلية، بمصير اتفاق المصالحة الفلسطينية، وهل سيُطبّق فعلياً بنهاية المطاف، أم أنّه سيفشل، لكنّها قرأته، باعتباره نصراً لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، وإنجازاً للرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وإنقاذاً لحركة "حماس" من أزمة الحكم في قطاع غزة.

ففي سياق قراءة تحليلية للاتفاق الذي تمّ التوصّل إليه، أمس الخميس، ووفق البنود المعلنة منه، اعتبر أساف غبور في صحيفة وموقع "معاريف"، أنّه تسنى التوصّل للاتفاق، بسبب تضافر مصالح مشتركة للأطراف المعنية، "وأنّ التحدي الأكبر سيكون في الاهتمام بتطبيق الاتفاق وتنفيذه، لاسيما وأنّ تاريخ الشرق الأوسط يعلّمنا أنّ الاتفاقيات جيدة بالأساس عند ساعة التوقيع عليها".

واعتبر غبور، أنّ "نقل المسؤولية عن قطاع غزة، إلى السلطة الفلسطينية، بمثابة انتصار بيّن لأبي مازن، الذي نجح في ليّ ذراع حماس من خلال العقوبات والإجراءات التي اتخذها مؤخراً، وأدت إلى خنق قطاع غزة اقتصادياً".

وفي حال صدقت تصريحات قادة حركة "فتح"، بحسب غبور، وقام عباس فعلاً بزيارة قطاع غزة، فستكون له صورة انتصار كامل، تظهره بصفته الزعيم الذي تمكّن من هزيمة "حماس"، وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني، و"هي صورة انتصار توفّر جواباً مضاداً، لادعاءات إسرائيل بأنّه لا يمكن إجراء مفاوضات مع الفلسطينيين، بسبب الانقسام السياسي والجغرافي، وبالتالي فإنّ اتفاقاً مع عباس لا يوفّر حلّاً للمشكلة في القطاع مقابل حركة حماس"، وفق غبور.

في المقابل، رأى غبور، أنّ "حماس" تخرج رابحة هي الأخرى، إذ تتخلّص من أزمة الحكم في قطاع غزة، ومن الأزمة الخانقة هناك، مما يتيح لها، في حال ظل الوضع على ما هو عليه، من حيث عدم التطرق إلى سلاح حماس ونزعه، أن تعاود مستقبلاً بعد إعادة إعمار القطاع بأموال السلطة، السيطرة مجدداً على قطاع غزة.

أما الرابح الثالث من الاتفاق، فهو بطبيعة الحال مصر السيسي، بحسب غبور، معتبراً في هذا الصدد، أنّ بمقدور مصر أن تكون راضية في هذه المرحلة، "فهي ورئيسها سيُنظر إليهما في العالم وتحديداً في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، كطرف مسؤول يمكن له أن يحرّك عمليات إيجابية هدفها تخفيض حدة التوتر".

في المقابل، وردّاً على الخطط الفلسطينية التي ترى أنّ المصالحة ستجبر حكومة الاحتلال بقيادة بنيامين نتنياهو، على الاتجاه نحو تحرّك سياسي، فإنّه يمكن للحكومة الإسرائيلية أن تعتمد من الآن استراتيجية مغايرة، وفق غبور.

وفي هذا الإطار، قال الكاتب الإسرائيلي، "إذا كانت الحكومة تتحدّث لغاية الآن عن الانقسام بين فتح وحماس وبين الضفة والقطاع كعائق مع اتفاق سلام، فإنّها قد تتحوّل إلى القول إنّ أبا مازن تحالف مع منظمة إرهابية تنفّذ مشيئة إيران، وأنّ منْ ضغط في حماس باتجاه التوقيع على الاتفاق صلاح العاروري، هو إرهابي أيّد عملية خطف المستوطنين الثلاثة في يونيو/ حزيران 2014".


من جهته، اختار أليكس فيشمان في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ترجيح أنّ مستقبل اتفاق المصالحة الفلسطينية "غير مضمون"، وأنّه سيفشل في نهاية المطاف.

وقال فيشمان في هذا السياق، إنّ "إسرائيل تنظر إلى اتفاق المصالحة، على أنّه اتفاق لا يملك أي فرصة في أن يتحقّق على أرض الواقع، وبالتالي ليس مجدياً بذل جهد لإفشاله".

ورأى فيشمان، أنّ العقبة التي بسببها سيفشل الاتفاق، هي أنّه أبقى بأيدي حماس سلطتها على الأنفاق في قطاع غزة، فضلاً عن المختبرات ومصانع السلاح والطائرات المسيّرة، والذراع العسكرية والكوماندوز البحري، و"عملياً فإنّ الذراع العسكرية لحماس بقيت كما كانت عليه، تحت القيادة المباشرة والحصرية للحركة"، بحسب قوله.

وفي الوقت عينه، أقرّ فيشمان أنّ الاتفاق يحمل بوادر تغيير في مواقف "حماس"، لجهة استعدادها التنازل عن احتكارها لحمل السلاح في قطاع غزة، عبر موافقتها مثلاً على تسليم المسؤولية عن المعابر البرية للسلطة الفلسطينية، والقبول بانتشار 3000 شرطي يُفترض أن يأتوا للقطاع من الضفة الغربية، للانخراط في سلك الشرطة في قطاع غزة، المكوّن اليوم من 12 ألف شرطي، سيكونون جميعاً تحت قيادة السلطة الفلسطينية.

ووفق فيشمان، فإنّ أبا مازن ومن خلال تسويات وتنازلات يقدّمها في مسألة سلاح "حماس"، والتي تبقيه بحسب ما تعتقد إسرائيل "بطة عرجاء"، يسعى ليطرح نفسه أمام ترامب، على أنّه يمثّل مجمل الفلسطينيين، وهو ما يدفعه إلى تقديم تنازلات على المدى القصير، مع اقتراب موعد طرح الولايات المتحدة الأميركية، لمبادرتها السلمية.

وبحسب فيشمان، فإنّ إسرائيل لا تؤمن أنّ "حماس" ستأخذ على عاتقها الوفاء بالتزامات قدّمتها السلطة الفلسطينية لإسرائيل، وبالتالي فإنّ التقديرات في إسرائيل تفيد بأنّ الاتفاق سينهار في نهاية المطاف خلال ثلاثة أو أربعة أشهر، ومع ذلك فإنّ حكومة الاحتلال لن تكون قادرة على التعايش مع مثل هذا الاتفاق، حتى لو تضمّن التزاماً من "حماس" تجاه السلطة، بخفض التوتر في قطاع غزة.

ويعود ذلك، وفق فيشمان، إلى أنّ اتفاق المصالحة الفلسطينية، سيلزم إسرائيل بالتنازل عن سياسة الفصل التي تنتهجها بين قطاع غزة والضفة الغربية، و"هي سياسة تمكّنها من التهرّب من عملية سياسية بادعاء أنّ أبا مازن لا يمثّل الشعب الفلسطيني كله، وبالتالي فإنّ إسرائيل لن تسارع للتنازل عن هذه السياسة بسرعة".

فضلاً عن ذلك، رأى فيشمان، أنّ إسرائيل لا تحصل مقابل تنازلها عن سياسة الفصل هذه، على أي مردود أو إنجاز مضمون؛ مثل اعتراف "حماس" بإسرائيل أو التزام بوقف أعمال العنف، لهذا كله، ختم فيشمان بالقول، إنّ "الاتفاق كما هو عليه اليوم... لن يصمد".