تفاقم محنة المدنيين شرق سورية... وضم جنوب دمشق لـ"التهدئة"

تفاقم محنة المدنيين في معارك الشرق... وضم جنوب دمشق إلى "خفض التصعيد"

13 أكتوبر 2017
فر 10 آلاف شخص من دير الزور(بولنت كيليس/فرانس برس)
+ الخط -
يواصل المدنيون دفع فاتورة الحرب السورية، مع تواصل القصف على مدينة دير الزور وريفها في شرق سورية، بعد غارات أسفرت في الأيام الأخيرة عن مقتل عشرات المدنيين، وهو قصف طاول أيضاً مدينة الرقة المجاورة وريفها، وسط إعلان كل من قوات النظام السوري والمليشيات الكردية عن تحقيق تقدم على حساب تنظيم "داعش"، الذي أعلن بدوره أنه أوقع خسائر فادحة في صفوف القوى التي تحاربه. وتتزامن المعارك في الشرق، مع مواصلة قوات النظام السوري قصفها وهجماتها على مناطق عدة في محيط العاصمة دمشق، بالرغم من توقيع بعض فصائل المعارضة على اتفاق في القاهرة لوقف إطلاق النار في جنوبي دمشق.

وشنت طائرات، يعتقد أنها تابعة للتحالف الدولي، غارات، أمس الخميس، على مدينة العشارة في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي، ما أسفر عن سقوط ضحايا بين المدنيين. كما طاولت الغارات مدينة البوكمال وريفها والحسينية وبقرص فوقاني وبادية الميادين، فيما قتل عدد من المدنيين جراء قصف مدفعي على بلدة ذبيان في ريف دير الزور الشرقي. يأتي ذلك بعد يوم من مقتل أكثر من 40 مدنياً وإصابة العشرات في غارات للطيران الروسي على العبارات المائية قرب قرية القورية، شرق دير الزور. كما قتل 13 مدنياً بغارات جوية استهدفت الأحياء السكنية في مدينة البوكمال، شرق دير الزور.

وصعّدت طائرات التحالف الدولي وروسيا، أخيراً، عمليات القصف على ريف دير الزور الشرقي، تزامناً مع عمليات عسكرية تقوم بها كل من قوات النظام والمليشيات الكردية في المنطقة. وتسببت تلك الغارات، خصوصاً التي تستهدف المعابر المائية على ضفاف نهر الفرات، في مقتل مئات المدنيين. كما أدت عمليات القصف والمعارك المتواصلة إلى نزوح عشرات الآلاف من أبناء المدينة. وقال نشطاء إن نحو 10 آلاف نازح من أبناء محافظة دير الزور وصلوا دفعة واحدة إلى مناطق سيطرة "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) في أبو فاس والمالحة، جنوب الحسكة. وأوضح النشطاء أن "قسد" منعت هؤلاء النازحين من مغادرة نقطة أبو فاس، التي تنعدم فيها الخدمات الأساسية، خصوصاً المياه والأغطية. وقال بعض النشطاء إن هناك "جهات" تطلب من العائلات دفع نحو ألفي دولار مقابل السماح لها بالمغادرة. من جهته، قال المسؤول الأمني في نقطة التجمع في أبو فاس، ويدعى زاغروس راس العين، والتي تشرف عليها "الإدارة الذاتية" الكردية، إن النقطة تضم نحو 10 آلاف نازح من دير الزور، وتوجد أزمة غذائية وأزمات على جميع الأصعدة الخدمية، مشيراً إلى أن العدد الأكبر من النازحين وصل مع بلوغ المخيمات الرئيسية قدرتها الاستيعابية القصوى. وذكرت شبكة "فرات بوست" أنه تم اكتشاف 17 حالة إصابة بمرض السل في مخيم السد في ريف الحسكة الجنوبي قرب قرية العريشة، نتيجة تلوث مياه الشرب وانعدام النظافة والرعاية الصحية.

من جهتها، ذكرت قوات النظام أنها سيطرت على عدة أحياء في مدينة الميادين بريف دير الزور الشرقي، بعد معارك مع "داعش". وأعلنت قوات النظام، المدعومة بالحرس الثوري الإيراني، أنها شنت هجوماً على مدينة الميادين، بتمهيد جوي وصاروخي عنيف، من جهة بادية الميادين الجنوبية وجهة كتيبة المدفعية، سيطرت خلاله على الطريق بين مدينة دير الزور وريف دير الزور الشرقي من جهة بلدة مراط فوقاني. وقال نشطاء إن "داعش" استقدم مزيداً من التعزيزات العسكرية مما يسمى "جيش الخلافة" إلى محاور الجبهات مع قوات النظام و"قوات سورية الديمقراطية". وأضاف النشطاء أن التنظيم يعمل في إطار تكتيكاته الحربية الجديدة على استدراج قوات النظام إلى بعض المناطق حيث ينصب لها الكمائن، وقد قتل العشرات منهم، كما حدث في منطقتي حطلة ومحكان. وذكرت وكالة "أعماق"، التابعة للتنظيم، أن 15 عنصراً من قوات النظام قتلوا خلال المواجهات في قرية حطلة، شمالي مركز مدينة دير الزور، التي تقدمت إليها قوات النظام وسيطرت على أجزاء منها. وقالت مصادر محلية إن مقاتلي "داعش" في قرية محكان في ريف دير الزور الشرقي نفذوا عملية التفاف على قوات النظام، بعد أن تنكروا بزي عناصر النظام، ودارت إثر ذلك مواجهات بين الجانبين، قتل خلالها العشرات من قوات النظام والمليشيات المساندة له.

الرقة ليست أحسن حالاً

وليس حال المدنيين في الرقة أفضل من دير الزور، إذ ذكر "مركز التوثيق في تدمر" أن 26 نازحاً من مدينة تدمر كانوا يقيمون في الرقة قتلوا خلال ثلاثة أيام، جراء قصف طيران التحالف الدولي على المناطق الخاضعة لسيطرة تنظيم "داعش". وأوضح "المركز" أن عدد الضحايا الذين سقطوا كبير مقارنةً بعدد العائلات التي لم تستطع الخروج من المدينة، والتي يقدر عدد أفرادها بنحو 300 شخص. وبشأن المدنيين المحاصرين داخل الأحياء المتبقية تحت سيطرة "داعش" في المدينة، والمقدر عددهم بنحو خمسة آلاف شخص، ذكرت "قسد" أن هناك وساطة من قبل شيوخ ووجهاء العشائر، بالتنسيق مع "المجلس المدني للرقة"، لإجلاء المدنيين العالقين داخل المدينة، مضيفة أنها "تتعامل بإيجابية مع هذه المبادرة الإنسانية". وقالت مصادر محلية إن اجتماعاً عقد بين الأميركيين و"قسد" و"مجلس الرقة المحلي" في بلدة عين عيسى في ريف الرقة، تم خلاله الاتفاق على التهدئة في المدينة للسماح بخروج المدنيين، ومن ضمنهم عائلات مقاتلي التنظيم، من الرقة إلى جهة تختارها "قوات سورية الديمقراطية". وأكدت المصادر بدء خروج عدد من العائلات من حارة البدو إلى قريتي السلحبية الغربية وكديران، مشيرة إلى أن بعض العناصر الأجنبية في "داعش"، خصوصاً من الجنسية الأوزبكية، يرفضون الخروج من المدينة.



وعلى صعيد العمليات العسكرية، أعلنت "قسد" أنها أحرزت مزيداً من التقدم ضمن حملة "عاصفة الجزيرة"، إذ تقدمت أكثر من 5 كيلومترات، وسط اشتباكات مع "داعش". وذكرت "قسد"، على موقعها الإلكتروني، أنها تقدمت على محور أبو فاس لمسافة أربعة كيلومترات جنوبي حقول الجفرة النفطية، حيث تدور اشتباكات قرب محطة القطار مع عناصر التنظيم. وأضافت أنه جرى في محور صور السيطرة على قرية مويلحة، فيما تقدمت تلك القوات مسافة 1.5 كيلومتر على محور أبو خشب، حيث تمت السيطرة على صوامع القمح في تلك المنطقة.

إدلب وحماة

وفي محافظة إدلب، شمالي البلاد، أصيب أربعة مدنيين، بينهم نساء وأطفال، ليل الأربعاء - الخميس، جراء قصف جوي يرجح أنه لطائرات روسية على بلدة التح، جنوب إدلب. في غضون ذلك، أعلنت "هيئة تحرير الشام" أنها سيطرت على قريتي السكري وأبو كهف في ريف حماة الشرقي، عقب معارك مع "داعش"، وذلك في إطار عملية عسكرية لطرد التنظيم من المناطق التي تقدم إليها أخيراً قادماً من منطقة عقيربات التي تحاصرها قوات النظام، من دون أي اعتراض من جانب الأخيرة.

وقف نار جنوب دمشق

وفي محيط العاصمة دمشق، أعلن رئيس الهيئة السياسية في فصيل "جيش الإسلام"، محمد علوش، التوصّل لتثبيت وقف إطلاق النار شرق العاصمة السورية دمشق، وضم مناطق جديدة جنوب العاصمة للاتفاق، بدءاً من الساعة 12 ظهر أمس، الخميس. وقال علوش، في تصريحات متلفزة من القاهرة، إن الاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في القاهرة تم بدعوة من القيادة المصرية، وبرعاية وضمانة روسية، مشيراً إلى أنّه يتمحور حول تثبيت اتفاق "خفض التصعيد" في مدن وبلدات الغوطة الشرقية، إضافة إلى البلدات المحاصرة جنوبي دمشق وحي القدم. وأوضح أن "الاتفاق مبدئي، وهو إعلان مفتوح لمن شاء الانضمام إليه من الفصائل"، مشيراً إلى أن الوفد سيعود بعد أيام لاستكمال الاتفاق، الذي ينص على استمرار فتح المعابر جنوب دمشق لدخول المساعدات الإنسانية ورفض التهجير القسري. وقد وقع عليه كل من "جيش الإسلام" و"جيش الأبابيل" و"أكناف بيت المقدس".

وكانت وزارة الدفاع الروسية أعلنت، في 22 يوليو/ تموز الماضي، عن التوقيع على اتفاق إقامة منطقة "خفض تصعيد" في الغوطة الشرقية بريف دمشق، في ختام محادثات بين عسكريين روس والمعارضة السورية في القاهرة. ولم يشمل الاتفاق آنذاك بلدات يلدا، وببيلا، وبيت سحم، وحي القدم، الواقعة جنوب دمشق. ورغم هذه الاتفاقات، قصفت قوات النظام بالمدفعية أطراف بلدة عين ترما بريف دمشق، فيما استهدفت مدفعية النظام وصواريخه قصيرة المدى مناطق الزيات ومغر المير وبيت جن بريف دمشق. وطاول القصف تل مروان، شمال مقروصة، بريف دمشق.

وفي جنوب البلاد، أعلنت فصائل تابعة للجيش السوري الحر، أمس، بدء معركة ضد جيش "خالد بن الوليد"، المتهم بمبايعته لتنظيم "داعش"، في منطقة حوض اليرموك لفك الحصار عن بلدة حيط. وذكرت الجبهة الجنوبية، في بيان، أن المعركة تستهدف استعادة السيطرة على قرية جلين ومخيم جلين لفك الحصار عن بلدة حيط المحاصرة من قبل "جيش خالد"، ولتحطيم خطوط التحصين التي أقامها التنظيم، مشيرة إلى أن الاشتباكات مستمرة بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة، وسط قصف كثيف براجمات الصواريخ والمدفعية، على طول خطوط التماس مع "جيش خالد" في قرية جلين والشركة الليبية وعلى جانب وادي الأشعري. وقال قائد عسكري في المنطقة إن 15 عنصراً من "جيش خالد" قتلوا ضمن قطاع تل عشترة في ناحية المزيريب، فيما تم تدمير بعض آليات التنظيم على طريق بلدة عدوان. ويشارك في المعركة كل من "قوات شباب السنة"، و"فرقة الحق"، و"حركة أحرار الشام الإسلامية"، و"فرقة أسود السنة"، و"فرقة الحسم"، و"هيئة تحرير الشام"، و"لواء فرسان حوران"، و"فوج المدفعية"، و"قطاع السد والمزيرعة"، و"لواء فلوجة حوران". وكانت الفصائل أطلقت معركة باسم "فتح الفتوح"، في يوليو/ تموز الماضي، بهدف انتزاع السيطرة على بلدة عدوان وتلة عشترة من "جيش خالد"، لتقف بعد عدة ساعات بسبب خلل في الخطة العسكرية.

المساهمون