حزب السفارة

حزب السفارة

12 أكتوبر 2017
شهد الأردن منذ2011 انقساماً حيال النظام السوري(خليل مزرعاوي/فرانس برس)
+ الخط -
منذ بداية الأحداث في سورية، وما رافقها من تطورات حولت الثورة إلى صراع مسلح، طوّرت السفارة السورية في عمّان لنفسها دوراً تجاوز الأعراف الدبلوماسية وتعداها، ليتحول مقر السفارة مركزاً لتنظيم سياسي ينخرط في صفوفه أردنيون لا يتوقفون عن الهجوم على بلدهم في سبيل ما يعتقدون أنه دفاعٌ عن الدولة السورية ووحدتها وسيادتها في وجه المتآمرين عليها.

حقاً، هؤلاء يعتقدون بشكل راسخ أن بلادهم جزء من المؤامرة الكونية على الدولة السورية، ويتماهون بشكل كامل مع الرواية الرسمية السورية التي يستقونها عبر قنوات محددة، لا يحيدون عنها ولا يشككون في مضامينها، بل يحرصون على تطويرها ليبدوا أكثر حماسة لإدانة بلادهم من صانعيها.

صحيح أن الأردن وضمن الاصطفافات الإقليمية والدولية أدى دوراً في الحدث السوري، وانخرط إلى حد كبير في دعم المعارضة المسلحة لأسباب تتصل بتنفيذ ضغوط دولية وأخرى تخدم مصالحة الوطنية لناحية تامين حدوده ممن يرى فيهم خطراً على أمنه واستقراره.

لكنه في المحصلة لم يفقد توازنه بشكل مطلق، فأبقى على قنوات اتصال أمنية مع النظام في دمشق، وحافظ على العلاقات الدبلوماسية حتى في أكثر مفاصل العلاقة توتراً وعدائية.

تلك المعادلة لا تعجب "حزب السفارة" السورية من الأردنيين، وأعضاؤه لا يقيمون في مفارقة الموقف الأردني وزناً إلا لكل ما يحمل إدانة واتهاماً، ويفسرون ما يمكن أن يفهم إيجابياً على قاعدة الخوف والخنوع.

خلال المحاضرة التي ألقاها القائم بأعمال السفارة السورية في عمّان، أيمن علوش، مطلع الأسبوع، يظلم الدبلوماسي إذا اتهم بالمبادرة إلى التقليل من قيمة مشاركة الجيش العربي (الجيش الأردني) في حرب 1973، فهو حاول إخفاء موقفه المنسجم بالضرورة مع موقف قيادته المقللة من مشاركة جميع الجيوش العربية في الحرب عبر ادعائه عدم المعرفة بالمشاركة الأردنية، وهو ادعاء لا يتناسب والثقافة والمعرفة التي أظهرها خلال المحاضرة.

سلم الدبلوماسي الراية لأردنيين يظهرون ولاءهم لنظامه أكثر منه، فحقّروا مشاركة جيشهم، لكن الدبلوماسي المتنبه تدخل عندما غرد حضور خارج سرب التحقير وعبروا عن فخرهم بمشاركة الجيش وشهدائه ليعيد ترسم حدود المسموح والممنوع.

دلالات