أكراد بغداد يدفعون ثمن استفتاء كردستان: مضايقات وإضرار بالمصالح

أكراد بغداد يدفعون ثمن استفتاء كردستان: مضايقات وإضرار بالمصالح

10 أكتوبر 2017
ضابط: ورود شكاوى من المواطنين الأكراد (صافين حامد/فرانس برس)
+ الخط -

على خلاف الجو العام في إقليم كردستان العراق المؤيد لاستفتاء الانفصال عن العراق، الذي أجري في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، والذي أظهرت نتائجه تصويت 92 بالمائة بـ"نعم" للانفصال، يبدو أبناء القومية الكردية في العاصمة العراقية بغداد متذمرين من تداعيات الاستفتاء التي أضرت بهم وبمصالحهم.

بعض المليشيات التي تسيطر على حي المنصور الراقي وسط بغداد بدأت تمارس مضايقات بحق الأكراد هناك، بحسب علاء خوشناو، الذي يمتلك مجمعا تجاريا لبيع أجهزة الحاسوب في مول الجادرجي في المنصور، والذي أكد لـ"العربي الجديد" أن "المضايقات بدأت بإطلاق عبارات عنصرية من قبل بعض عناصر المليشيات، الذين يقومون بدوريات قرب السوق، قبل أن نعثر على أوراق تلمح بالتهديد، من خلال ما كتب فيها من عبارات مثل "ارحلوا إلى دولتكم" و"لن ينفعكم مسعود واستفتاؤه"".

وأضاف خوشناو أن "المضايقات التي يتعرض لها الأكراد في بغداد دفعت بعضهم إلى بيع منازلهم ومتاجرهم والسفر إلى إقليم كردستان، خشية ذهاب البلاد باتجاه الحرب القومية، على غرار الصراعات الطائفية التي حدثت في العراق عامي 2006 و2007، وتسببت بمقتل وتغييب وتهجير الآلاف الذين ما يزال مكانهم مجهولا لغاية الآن".

وفي السياق، أكد ضابط في شرطة بغداد ورود عدة شكاوى من قبل المواطنين الأكراد، تشير إلى تعرضهم لضغوطات من قبل جماعات مسلحة، موضحا، لـ"العربي الجديد"، أن الأمور لم تصل إلى ما كانت عليه خلال فترة الحرب الطائفية.


وتابع الضابط: "لكن الوضع لا يخلو من المخاطر في ظل وجود عدد كبير من التجار الأكراد في بغداد، والذين قد يشكلون هدفا للعصابات والمليشيات في المستقبل إذا ما استمرت الأمور بالتوتر"، لافتا إلى وجود توجيهات بحماية جميع أكراد بغداد في حال تعرضهم لاي اعتداء.

وفي موقف لافت يشير إلى وجود خطر حقيقي يداهم أكراد بغداد، حذر زعيم "التيار الصدري"، مقتدى الصدر، من "فتنة سياسية تستهدف أبناء المكون الكردي من سكنة العاصمة العراقية بغداد"، مؤكدا، في بيان، تعرض المواطنين الأكراد للتهديد بسبب الاستفتاء الذي أجري في إقليم كردستان.

ودعا الصدر إلى "عدم أخذ الأبرياء بجريرة الأدعياء"، مؤكدا تعرض بعض الاكراد في بغداد لتهجمات وتهديدات طاولت أمنهم وذويهم.

وسبق لعضو البرلمان العراقي، محمد ناجي، أن أكد أن "الأكراد في بغداد والمحافظات الجنوبية يشعرون بالخوف نتيجة تصرفات قيادة إقليم كردستان"، داعيا السلطات الكردية إلى عدم التصعيد في المواقف.

وأضاف ناجي أن "الخلاف مع القيادة الكردية هو حول التقسيم، لأن هناك مخاطر كبيرة تنتظر الشعب الكردي نتيجة الانفصال"، وتابع أن "مسعود البارزاني هو الذي قال ما أخذ بالدم لا يرد إلا بالدم"، وأشار إلى أن "من يريد أن يجرنا إلى معارك داخلية فهو واهم، إلا إذا اضطررنا إلى ذلك".

لكن هذه الخطابات التي تدعو إلى التهدئة تتزامن مع دعوات أخرى للقتال أطلقها الأمين العام لمليشيا "عصائب أهل الحق"، قيس الخزعلي، الذي أكد خلال كلمة أمام المئات من أنصاره أن جماعته مستعدة للقتال من أجل كركوك (شمال العراق).

تهديدات الخزعلي وضعت أكراد بغداد في موقف حرج، كما يقول عدد من سكان حي الأكراد، الواقع في مدينة الصدر شرقي بغداد، والذين أكدوا لـ"العربي الجديد" أن لا حول ولا قوة لهم، موضحين أنهم أصبحوا بين مطرقة الإقليم الذي أجرى الاستفتاء دون التفكير بمصيرهم، وسندان المليشيات التي تحاول استغلال الفوضى للانتقام منهم.

وانتقد حسن علو، وهو تاجر يسكن منطقة زيونة شرقي بغداد، تصرفات رئيس إقليم كردستان، التي وصفها بـ"الصبيانية"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن "تعنت البارزاني سيؤدي بأكراد بغداد إلى التهلكة".

وأضاف علو: "أنا تاجر جملة في سوق الشورجة، وأقاربي لديهم أكبر معارض السيارات في حي الكرادة ببغداد، ولدينا مصالح في العاصمة، حتى بات يطلق علينا حين نزور أقاربنا في أربيل لقب أكراد بغداد"، مطالبا الحكومة العراقية بـ"التعامل مع الأكراد خارج إقليم كردستان على أنهم مواطنون عراقيون".

وأضاف: "من يريد أن يؤيد سياسات البارزاني فليذهب إلى إقليم كردستان"، مؤكدا أن الوضع الأمني في بغداد لا يحتمل مزيدا من التأزيم.

ويوجد عشرات الآلاف من الأكراد في العاصمة العراقية منذ مئات السنين، ويتركزون في مناطق بغداد القديمة، كالشيخ معروف والشيخ عمر ومنطقة عكد الأكراد في شارع الكفاح، وحي الأكراد في مدينة الصدر، فضلا عن تواجدهم في أحياء بغداد الراقية، كالمنصور واليرموك والكرادة وزيونة.


المساهمون