لعنة حرب العراق وجدار المكسيك أسباب محتملة لهجوم فلوريدا

لعنة حرب العراق وجدار المكسيك أسباب محتملة لهجوم فلوريدا

07 يناير 2017
السجال انحصر في النقاش حول الظواهر الأميركية الداخلية(جوي رايدل/Getty)
+ الخط -
على الرغم من إثارة وسائل الإعلام الأميركية، ومواقع التواصل الاجتماعي، الشبهات حول علاقة استيبان سانتياغو، منفذ الهجوم المسلح في مطار فورت لودرديل في ولاية فلوريدا، بتنظيم "داعش"، فإن حقيقة أن الشاب، صاحب الأصول اللاتينية، هو عسكري سابق في الجيش الأميركي، أبعد السجال بعض الشيء عن الإسلاموفوبيا، ودفعه أكثر إلى حيّز آخر يتعلق بالأبعاد الأميركية الداخلية لتداعيات الحرب على العراق، وظاهرة الإرهاب المحلي، وإن كانت تحقيقات "إف بي آي" لا تستبعد فرضية العمل الإرهابي.

وبالإضافة إلى مسألة الثغرات الأمنية التي سمحت بوقوع هجوم مسلح في أحد أكبر المطارات الأميركية، مع أن مكتب التحقيقات الفدرالي كان قد حذر من وقوع هجمات إرهابية على أهداف مدنية "ناعمة" في الولايات المتحدة خلال فترة الأعياد، أثار الحادث أيضًا السجال حول ظاهرة السلاح في الولايات المتحدة، والانتقادات الموجّهة لقوانين حيازة الأسلحة، التي أتاحت لسانتياغو نقل سلاحه في حقيبة على متن الطائرة التي أقلته إلى مطار فلوريدا، حيث تسلم الحقيبة واستخدم السلاح، الذي عبر كافة الحواجز الأمنية، مرتكبًا جريمة جماعية راح ضحيتها خمسة قتلى مدنيين، وستة جرحى حالتهم خطرة، فيما تمكنت الشرطة، التي تجنبت إطلاق النار، من اعتقاله.

ويعتبر الشاب الأميركي العشريني، الذي قضى نحو عام من خدمته العسكرية في العراق، حيث شارك بمهمات قتالية في صفوف الجيش الأميركي، واحدًا من آلاف الجنود الأميركيين الذين شاركوا في حرب العراق، منهم من قتل ومنهم من أصيب بجروح مزمنة، فيما يعاني الآخرون، ربّما يكون سانتياغو من بينهم، من مشاكل نفسيّة تتنوّع بين حالات الإحباط والاكتئاب، إلى الحالات الخطيرة التي تؤدي بصاحبها لارتكاب الجريمة أو الانتحار، والدليل على ذلك تزايد أعداد حالات الانتحار في أوساط قدامى العسكريين في الجيش الأميركي.



وتزايدت في الآونة الأخيرة حوادث العنف التي يقوم بها عسكريون سابقون، وأبرزها قيام جندي أميركي سابق من أصول أفريقية، قبل نحو ثلاثة أشهر، بهجوم مسلح استهدف دورية للشرطة الأميركية في مدينة دالاس بولاية تكساس، فقتل خمسة رجال شرطة بيض، انتقامًا لمقتل عدد من الشبان السود برصاص رجال شرطة بيض، وهي ظاهرة تنامت في السنوات القليلة الماضية، كمؤشر على تصاعد الاحتقان العنصري بين البيض والسود في أميركا.


المثير للتساؤلات هو عدم اتخاذ الأجهزة الأمنية الأميركية إجراءات وقائية ضد العسكري السابق، عندما بدأت تظهر عليه عوارض الأمراض النفسية، وخصوصًا بعد إبلاغه شخصيًّا أحد محققي "إف بي آي" إنه يسمع أصواتًا غريبة بسبب كثرة مشاهدته الأفلام المصورة والتسجيلات الدعائية التابعة لـ"داعش"
على شبكة الإنترنت.

فقد كان من الأحرى بمكتب التحقيقات الفدرالي متابعة حالة سانتياغو ووضعه على لوائح المراقبة الأمنية، والممنوعين من حيازة الأسلحة أو السفر.


وتترك الأصول اللاتينية لمنفذ هجوم المطار في فلوريدا احتمالات أوسع بالنسبة للمحققين الأمنيين، حيث لا يمكن تجاهل حالة التوتر والخوف والانتظار التي يعيشها ملايين المهاجرين من بلدان أميركا اللاتينية، والمقيمين في الولايات المتحدة بطريقة غير شرعية، منذ فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة. وخصوصًا أن الحديث عن بناء الجدار على حدود المكسيك تزايد في اليومين الماضيين، حيث تم الكشف عن خطة سريعة لتمويل بناء الجدار من الخزينة الأميركية، على أن يتم استيفاء كلفته من المكسيك في وقت لاحق.

المساهمون