الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي الفرنسي: هامون يحقق المفاجأة

الانتخابات التمهيدية للحزب الاشتراكي الفرنسي: هامون يحقق المفاجأة

23 يناير 2017
حل هامون في المرتبة الأولى (فرانس برس)
+ الخط -

خلق وزير التعليم السابق، المرشح بونوا هامون، المفاجأة في الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية في الحزب الاشتراكي الفرنسي، وحلّ أولاً بنسبة 36.30 في المائة وبفارق خمس نقاط عن منافسه رئيس الوزراء السابق، مانويل فالس، الذي حل ثانياً بنسبة 31.12 في المائة، على الرغم من أنه كان المرشح الأوفر حظاً لاحتلال المرتبة الأولى، ليتأهلا معا لخوض الجولة الثانية الأحد المقبل.

وحلّ المرشح أرنو مونتبورغ في المرتبة الثالثة بنسبة 17.69 في المائة، ليُقصى من السباق، وهو الذي كانت غالبية استطلاعات الرأي تتنبأ بفوزه على الأقل بالمرتبة الثانية. وحسب التقديرات الأخيرة فإن عدد الناخبين يتراوح ما بين 1.5 ومليوني ناخب.

وتمخضت النتائج عن هوة كبيرة بين الثلاثة الأوائل وبقية المرشحين الأربعة. فقد حصل وزير التربية السابق، فانسون بيون، على 6.58 في المائة، والمرشح المقرب من الخُضر فرانسوا دو روجي على 3.8 في المائة. ولم يتجاوز المرشحان سيلفيا بينال وجان لوك بنيامياس عتبة 2 في المائة.

وفور إعلان النتائج الأولية، أعلن مونتبورغ في خطاب مقتضب دعمه لهامون ودعا مناصريه للتصويت لمصلحته في الجولة الثانية. واعتبر مونتبورغ أن هامون الذي يتقاسم معه الكثير من الأفكار والمواقف اليسارية، هو "المرشح الوحيد المؤهل لخوض الرئاسيات باسم القيم الاشتراكية في وجه اليمين الليبرالي، بقيادة فرانسوا فيون مرشح حزب "الجمهوريون"، واليمين المتطرف بقيادة رئيسة حزب الجبهة الوطنية، مارين لوبان".

وحيا هامون، الذي يمثل "تيار الغاضبين" داخل الاشتراكي، في خطابه هو الآخر دعم مونتبورغ الذي سيمكنه من مواجهة غريمه فالس بثقة في الجولة الثانية. وخاطب المرشح الشاب مناصريه قائلا: "لقد وجهتم رسالة واضحة مفعمة بالأمل والرغبة في التجديد. لقد صوت الاشتراكيون عن قناعة لصالح المستقبل"، وشن هجوما عنيفا على فالس وحصيلة أدائه الحكومي، مشددا على تشبثه بالقيم اليسارية وبالتضامن الاجتماعي والدفاع عن البيئة وبتخصيص راتب للفئات الفقيرة والعاطلين عن العمل، والدفاع عن الشباب وتوفير مناصب الشغل.

أما مانويل فالس فقد ألقى خطابا أعاد فيه التأكيد على ثوابت برنامجه الانتخابي، مشددا على إرادته تعزيز الأمن ومحاربة الإرهاب والدفاع عن العلمانية والمساواة بين الجنسين. وحمل فالس بشدة على أفكار غريمه هامون معتبراً إياها غير واقعية. وقال "أنا لا أؤمن بمفهوم (الراتب الكوني) الذي سيزيد من حجم الضرائب والعجز في الميزانية، لأنني أتشبث بقيمة العمل". ودعا فالس الناخبين الاشتراكيين إلى "الاختيار بين الهزيمة المعلنة والانتصار الممكن"، في تلميح إلى هزيمة محققة لهامون في الرئاسيات القادمة مقابل احتمال نجاحه.

وعكست نتائج هذه الجولة الثانية انقساما حادا في صفوف الاشتراكي بين تيار حكومي ليبرالي يمثله فالس ذو الأفكار الإصلاحية، وتيار يساري يتشبث بقيم العدالة الاجتماعية والدفاع عن الثوابت التاريخية للاشتراكي. 

ومن المتوقع أن تشهد الحملة الانتخابية بين هامون وفالس فصولا عنيفة في الأيام المقبلة، وتصل إلى ذروتها في المناظرة التلفزيونية المباشرة مساء الأربعاء المقبل، وذلك بالنظر إلى الاختلافات الأيديولوجية العميقة بين الرجلين، والتي جعلت فالس يدفع هامون إلى تقديم استقالته من الحكومة الاشتراكية في آب/أغسطس 2014.     

وصار هامون يملك حظوظا جدية في الفوز بالتمهيديات الأحد المقبل، إذا وافق ناخبو منافسه السابق مونتبورغ على التصويت لمصلحته كما دعا إلى ذلك هذا الأخير بكل وضوح. وسيحاول هامون تعزيز قاعدة ناخبيه من الشباب بالدعوة إلى القطيعة الكاملة مع الليبرالية الحكومية. أما فالس فسيضطر إلى تصعيد لهجته لاستمالة الاشتراكيين المعتدلين والوسطيين ومنهم أولئك الذين صوتوا لمصلحة فانسون بيون، الذي يعتبر معسكر فالس أنه المسؤول الأول عن فشله في احتلال الصدارة في هذه الجولة الأولى، وأن ترشحه كان يهدف بالأساس إلى إضعافه.

وللإشارة فقد امتنع بيون عن الدعوة للتصويت إلى أي من الفائزين في الجولة المقبلة وكذلك فعل فرانسوا دو روجي، في حين دعت سيلفي بينال إلى التصويت لمصلحة فالس. أما جان لوك بنيانياس فقد أعلن أنه سيتخذ قراره بعد تتبع المناظرة التلفزيونية المقبلة بين هامون وفالس.  

من جانبه، شدد الأمين العام للحزب الاشتراكي، جان كريستوف كامباديليس، على نجاح الجولة الأولى من الانتخابات التمهيدية بالنظر إلى نسبة المشاركة، واعتبر أنها "أتاحت الأمل في درب جديد وبديل مقابل "الثورة المحافظة" التي يمثلها المرشح اليميني فرانسوا فيون، واليمين المتطرف الذي يتمدد في ظل البريكسيت البريطاني وانتخاب دونالد ترامب".

ويعتبر المراقبون أن الحزب الاشتراكي أنقذ ماء الوجه بتجاوزه عتبة المليون ونصف المليون ناخب، والتي تظل نسبة ضئيلة جداً بالمقارنة مع الانتخابات التمهيدية الأخيرة في اليمين والوسط، التي فاق عدد المشاركين فيها 4 ملايين ناخب.  

               

المساهمون