هل دقت ساعة السلام في ليبيا؟

هل دقت ساعة السلام في ليبيا؟

22 يناير 2017
الليبيون خاسرون ولا يربح إلا تجّار السلاح(عبدالله دوما/فرانس برس)
+ الخط -
لا يفهم كثير من الناس البسطاء، لماذا ينبغي علينا أن نسفك أنهاراً من الدماء، ونُدمّر كل ما علا فوق الأرض قبل أن نجلس ونتفاهم ونتفق؟ ولا نفهم أيضاً لماذا نضيّع سنوات من الصراع ونحن ندرك تماماً أن أحدنا لن يسيطر على الآخر وإنْ فاق سلاحه جبال الأرض عُلُوًّا وتكدست صواريخه ورشاشاته، خصوصاً مع بروز "تقنية جيش المنفردين"، وقدرة أفراد (إرهابيين مع الأسف) على تغيير أوضاع، ونحن ندرك أيضاً أننا في آخر الأمر سنجلس ونتفاوض ونقسّم مجرى الحياة بيننا؟

وسيقول العارفون إن هذا يسمى "إنضاج الظروف" و"تحسين شروط التفاوض" و"مرحلة التدمير قبل الإعمار من جديد"، أو لعله تهيئة مناطق من الكرة الأرضية لسياقات دولية جديدة ونظام عالمي جديد، وقد يكون هذا الكلام منطقياً جداً، والمهم أنه واقعي في نهاية الأمر لأن هذا ما يحدث فعلاً، ولكنه لا يفسر أبداً كيف تذعن القوى الداخلية لمشاريع تحاك بعيداً، كان يمكن تفاديها وتجنبها مهمتها كانت قوتها.

وتنطبق هذا الأسئلة الأولية على كل الحالات المتوترة، في العراق وسورية واليمن وليبيا، إذ كان يمكن لأهل الديار أن يجتمعوا على أرضية تجمع ولا تفرق، ثم يتم الحسم بأشكال أخرى غير لغة الرصاص، وهو ما حدث بالفعل في المثال التونسي، على الرغم من كل المخططات التي حيكت وتحاك إلى اليوم لتدمير هذا النموذج وإسقاطه، إذ تعتبره جهات كثيرة "نموذجاً ملعوناً ينبغي كسره بكل الوسائل".

ماذا لو تم حوار في اليمن، أو في سورية، وأُنقذت محاولات اللحظات الأخيرة قبل الانهيار؟ وتنبه العاقلون إلى أن طريق الدمار قريبة، والبيت سيسقط على الجميع، ويدمر كل من فيه؟ وتبقى هذه الأسئلة مشروعة اليوم بالذات، في الحالة الليبية، إذ تتسارع الخطى بما يمكن أن يشكل وعياً عربياً وليبياً ليعبّد الطريق نحو مصالحة ممكنة، هي على ما يبدو فرصة أمل أخيرة قبل الدمار الشامل.

يروي مسؤول ليبي سابق كيف أن أمور الناس تدهورت، إذ لا مال ولا عمل ولا كهرباء ولا ماء، ولا أمل. ويضاف إليه تراجع إنتاح النفط والغاز وتصديرهما إلى أصحاب المعالي في الخارج. يعني أن الليبيين خاسرون والقوى الكبرى خاسرة، والجيران خاسرون، ولا يربح إلا تجّار السلاح، فيما ينتظر الجميع أن يرنّ جرس هاتف مخفيّ يعلن نهاية الأزمة وبداية مرحلة السلام، في مسرحية بائسة نعرف دائماً كيف تبدأ وكيف تنتهي، ولكننا نكتفي بالفرجة ودفع الثمن أيضاً.