المواجهة مع "حزب الله" بعيون إسرائيلية: تغيير طرق القتال

المواجهة مع "حزب الله" بعيون إسرائيلية: تغيير طرق القتال

23 يناير 2017
جنود إسرائيليون على الحدود مع لبنان (جالا ماري/فرانس برس)
+ الخط -

ظلت نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان، في العام 2006، تؤرق الجيش الإسرائيلي، بفعل الفشل الذي مثلته هذه الحرب، وما تبعها من لجان تحقيق، خصوصاً لجنة "فينوغراد"، التي أوصت بنقل وزير الأمن الإسرائيلي في حينه، عمير بيرتس، ورئيس أركان الجيش، دان حالوتس، وسلسلة من القادة العسكريين الميدانيين. ومنذ الحرب، تطورت وسائل القتال والأسلحة المتوفرة لدى "حزب الله"، وفق التقديرات الإسرائيلية المتتالية، وصولاً إلى القناعة بأن الحزب بات يمتلك ترسانة صاروخية مكونة من نحو مائة ألف صاروخ، قادرة تقريباً على الوصول إلى العمق الإسرائيلي. وركزت إسرائيل ووزارة الأمن، في العامين الماضيين، على سيناريوهات مختلفة، للمواجهة المقبلة مع "حزب الله"، مع الحديث المستمر عن وجود حالة ردع حالياً، بفعل تورط الحزب في الحرب إلى جانب النظام السوري، من جهة، ومعرفة "حزب الله" بأن الثمن الذي سيدفعه في المواجهة المقبلة سيكون أشد مما كان عليه في الحرب السابقة.

مع ذلك، لم يخل الأمر لدى الجيش الإسرائيلي من استخلاص عبر تتصل بأسلوب القتال في المواجهة المقبلة، أبرزها ما نصت عليه وثيقة استراتيجية الجيش التي وضعها رئيس الأركان الحالي، غادي أيزنكوط، والتي ركزت على تعزيز أسلوب "عقيدة الضاحية"، بضرب العمق اللبناني، إلى جانب تفويض الصلاحيات لإدارة المعارك للقيادة العسكرية الميدانية لتحديد وجهة العمليات. وانضمت إلى هذه العبر مواصلة محاولة استشراف سبل القتال المتوقعة من "حزب الله"، والتي يتم بناء عليها تحديد طبيعة الرد الإسرائيلي. وفي هذا السياق، بين تقرير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، على موقعها على الإنترنت أمس الأحد، أن إحدى القناعات في الطرف الإسرائيلي تقوم على أن "حزب الله" سيحاول، في المواجهة المقبلة، اختراق الحدود نحو إسرائيل، والسيطرة، ولو لبضع ساعات، على إحدى المستوطنات الحدودية، لتحديد وتكريس "صورة النصر" في الوعي العام، سواء الإسرائيلي أم العربي والعالمي. وانطلاقاً من هذه القناعة، مع ما سبقها في السنوات الأخيرة من تقارير عن محاولات "حزب الله" حفر أنفاق تخترق الحدود، وضع الجيش الإسرائيلي، خططاً قتالية جديدة، تعتبر إلى حد ما انقلاباً في عقيدة القتال، التي كانت تقوم على ما حدده بن غوريون من وجوب نقل القتال إلى ميدان العدو وأرضه.

وبحسب التقرير فإنه بالنظر إلى ما يتوقع أن يقوم به "حزب الله"، وبالاعتماد على ما حصل في العدوان الأخير على قطاع غزة، إذ سقط جنود في معارك مع عناصر لحركة "حماس" في أراضي 1948، فيما كان جنود في عمق القطاع، تقرر اعتماد أسلوب قتال جديد يقوم على الجانب الدفاعي. وبحسب هذا الأسلوب، كما يقول موقع "يديعوت"، فإن الخطط القتالية التي يجري التدرب عليها تقوم على عاملين أساسيين: الأول، وضع ونشر القوات الإسرائيلية البرية والمدفعية في الطرف الإسرائيلي على امتداد الحدود مع لبنان، مع نصب كمائن لخلايا وقوات كوماندوس من "حزب الله" تنطلق باتجاه إسرائيل. وسبق التدريبات المعتمدة حالياً، كما نشر في تقارير سابقة، عمليات تجريف للحدود مع لبنان، بما يحول دون استخدام مركبات، أياً كانت، للوصول إلى المستوطنات الحدودية.


ووفقا لخطط القتال الجديدة، تستعد الوحدات البرية والمدفعية أولاً للدفاع عن الحدود الإسرائيلية وانتظار قوات "حزب الله" ومنعها من تحقيق هدف "رسم صورة النصر" في المرحلة الأولى، ومن ثم الانتقال إلى تطبيق "عقيدة الضاحية" بضربات أشد وأقوى، وإرسال قوات برية للقتال داخل الأراضي اللبنانية، من دون ترك ثغرات على امتداد الحدود. أما المرحلة الثانية من القتال، فتتم بشكل أساسي داخل البلدات اللبنانية والعمق اللبناني لضرب مجمل شبكة الأنفاق التي حفرها الحزب داخل هذه البلدات، وتحييد هذه الأنفاق عبر هدمها وتفجيرها، أو ردم فوهاتها، ووضع خطة للسيطرة على شبكة هذه الأنفاق.

وبحسب تقرير "يديعوت أحرونوت" فقد نفذ الجيش الإسرائيلي في الأسابيع الأخيرة، تدريبات عسكرية، تعتمد على تشكيل قوة دفاعية من عدة ألوية من القوات البرية لتأمين المستوطنات الحدودية الإسرائيلية مع لبنان. ووفقاً للطرق الجديدة التي يتحدث عنها التقرير فإن الأيام الأولى من المواجهة العسكرية مع "حزب الله"، ستكرس لتعزيز ومضاعفة القوات الدفاعية في العمق الإسرائيلي وعلى محاور الطرق الرئيسية، بانتظار وصول أرتال الدبابات والمدرعات التي ستجتاز الحدود، وأن الوحدات والألوية في الجيش باتت تدرك اليوم أن مهمتها الأولى ستكون في المجال الدفاعي، بغض النظر عن مسألة إطلاق النار والقصف في لبنان. ويلفت التقرير في هذا السياق مثلاً، إلى أن عمليات القصف الجوي المكثف في لبنان، ساهمت عملياً في حينه في إبقاء الأنفاق وفوهاتها خفية وغير ظاهرة. ويتحرك الجيش الإسرائيلي في المرحلة الراهنة من قناعة مغايرة لتلك التي سادت قبل عامين، والتي كانت تعتقد أن "حزب الله" يسعى لحفر أنفاق هجومية، وبدلاً من ذلك فإن التقديرات الحالية لجيش الاحتلال تفيد بأن الحزب لا يحفر أنفاقاً هجومية، بل يقوم بدلاً من ذلك بتحصين وتطوير شبكة الأنفاق القتالية المحفورة في البلدات وفي المساحات المفتوحة، والتي سيكون على الجيش، وفق السيناريوهات المرتقبة، أن يسعى إلى احتلالها والسيطرة عليها.